صحيفة المثقف

يوم داخل أقدم كلية ملكيّة للأطباء في بريطانيا / عامر هشام الصفّار

وأما الحدث فهو منحي قبل أيام شهادة جديدة كزميل للكلية. فقد تسلّمت قبل أسابيع قليلة رسالة بهذا المعنى من المسجّل العام في الكلية وهو يهنيء ويدعوني لزيارتها في يوم أحتفالي مع زملاء المهنة وذلك في المكتبة التاريخية داخل بناية الكلية الملكية للأطباء نفسها. وأن تكون أحد الزملاء للكلية فهو شأن في الطب راق ومهم، فمثل هذه الشهادات لا تمنح جزافا بل هي من أرقى الشهادات الطبية في بريطانيا، صاحبة التقاليد الجامعية الرصينة وخاصة في الدراسات الطبيّة المعروفة.. وهكذا تراني وقد وقفت عند وصولي مقر الكلية الملكية لأتأمل المبنى الجميل، والذي ينتصب في شارع عريض من شوارع لندن المطلّة على حديقة بل بستان بهيج تنتشر في ربوعه الورود من كل الأصناف والألوان، فيملؤك التفاؤل بالقادم من الزمن..

844-amirوقد صمّم مبنى الكلية الملكية للأطباء في لندن المعماري السير دينيس لاسدون حيث تم الأفتتاح عام 1964.  والمبنى يضم قاعات للدرس والمطالعة والأمتحانات والمؤتمرات، أضافة الى مكتبة فاخرة تزخر بالثمين من المصادر الطبية، وبما لا يقدّر ثمنه من مخطوطات الطب، ومقتنيات وهدايا من الفضة، وصور ومنحوتات ورسوم لها علاقة بالطب وشخصياته المعروفة عبر التاريخ الطبي للكلية نفسها. وكان أن تجّولت في متحف الكلية الأنيق، وهو يضّم بعضا من أثمن ما حصلت عليه الكلية من أجهزة طبية تاريخية، تحكي قصة طرق تشخيص وعلاجات قديمة، تعطي الزائر نبذة عن طبيعة التطّور الكبير الحاصل عبر القرون في علوم الطب، وعظم الأنجاز الأنساني في الحد من المرض والتغلب على مسببّاته التي أختلفت أيضا بأختلاف الأزمان. وقد علمت أن في المبنى 300 لوحة زيتية تخّص شخصيات الطب المعروفة عبر التاريخ الطبي أضافة الى 5000 مطبوع ورسم وتمثال في مجالات لها علاقة بالصحة بشكل أو بآخر.

وكما يحصل في مناسبات من هذا النوع، فكان لابد من أن ألتقي  زملاء جدد  ومن مختلف أنحاء العالم، ومن الذين يعملون في أختصاصات الطب المختلفة، فيدور الحديث عن الحاضر الصحي وتحدّياته..حتى أذا حان الوقت رأيت حديقة الكلية تفتح أبوابها ويطّل علينا الزميل المختص بالطب النفسي ليقول أنه من محبي الحدائق والمهتمّين بالنبات الطبي والأعشاب الطبية عبر التاريخ...وما هي الاّ ساعة من الزمن حتى لتدرك تفاصيل مذهلة عن هذه الحديقة البهيجة غير التقليدية أذا صح التعبير. فهي حديقة كلية الأطباء وهي المختصة بالنباتات الطبية فقط، حيث أحتوت 1300 نوعا نباتيا حتى أن بعض هذه النباتات قد سمّي بأسماء الأطباء أنفسهم ممن أستدّلوا عليها وقدّموا الرعاية..والعديد من نباتات الحديقة أيضا كان أن أستخدم ولا زال كعقار ضد أمراض معروفة..وعلمت أن الحديقة هذه قد تم أفتتاحها في عام 1965 وأعيد الزرع فيها عام 06-2005 حيث خصصّت مساحات محددة لنباتات طبية من الشرق الأوسط وأوربا والشرق الأقصى، أضافة الى نباتات وزروع أخرى من أنحاء العالم. ولم أستغرب ذلك وأنا أتفحّص بشعار الكلية نفسه، فقد رصدت عليه ثمرة الرمان أو:

والتي تستعمل ثمرتها وحبوبها في علاجات أمراض قد تسبّبها الديدان الطفيلية.Punica granata

وبدأت مراسيم تقديم شهادة الزميل للكلية عند تمام الساعة الخامسة، فحضر في نفسي تاريخي الطبي الشخصي، وأساتذتي الذين رأيتهم معي في أعلى القاعة ينظرون فرحين متفائلين.. فتبادلت التحية معهم وأنا أتوجّه نحو أعضاء مجلس الكلية العتيدة مصافحا وشاكرا التكريم، متطلّعا لمستقبل تزهر وتثمر فيه الأنجازات خدمة للأنسان أينما كان.

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2152 الجمعة 15/ 06 / 2012)


في المثقف اليوم

في نصوص اليوم