صحيفة المثقف

استقصاءات في بنية قصائد رسمية محيبس زاير / سلام كاظم فرج

                            

بنية قصائد رسمية محيبس زاير المكونة لمجموعتها الشعرية الجديدة (ثرثرة) تقوم على تراكيب شعرية تتوزع على أنساق مختلفة عالية النبرة ..  لكن همسها شفيف.. تباين تلك الانساق يعتمد على تنوع مضامين القصائد..وجملها على العموم  تكتنز شعرية عالية القيمة  تحتفي بالسلاسة والرقة رغم نبراتها العالية..

  قصيدتها الالم الغريب..تبدأ بسؤال غامض الدلالة يمثل إشارة من إشارات عدة سترد في ثنايا المجموعة لتشكل نظاما إشاريا يمنح المجموعة نظامها ونسقها العام الذي تقترحه الشاعرة  نعرف ذلك  حين نتعرف على اجوبة السؤال الإشاري..

لمن هذا الصوت

الممتلئ بكل هذا المطــر ؟

..............

في السطور القادمة سنتعرف على ما يعرف بالإرجاء.. او التريث في الاجابة..وتعليق المعنى وإرجاء الاجوبة.. لنجد ان القصيدة بمجملها ستضمر كل تلك الاجوبة لذلك السؤال الغامض الغريب..

لنتأمل في الابيات التي تلت البيت (السؤال..)

كنت .. قد أغلقت آخر نوافذي

وقلمت شجرة الروح

كي لا تسرح أغصانها

على مصاطب الأسى،

أو أرصفة الوحشة .

وما كنت أسيرة، سوى لذكريات لا تهدأ ..

قلت : أقشرني منها، وأخرج

متوزعة بين هذا الضوء

وبين السكون

الذي يشرب الوقت

ويمشي على أرصفة العمــر

 

ان توليد المعاني من خلال انشطارات متشظية.. لفظية من اهم سمات هذا النص (قلت أقشرني منها, ـــ

متوزعة بين هذا الضوء.. والسكون.. يشرب الوقت...يمشي على ارصفة العمر  ) تجعل عملية التقصي عن اجوبة السؤال وديمومة ارجاءها.. سمة اساسية لافتة...توشي بمقدرة حرفية عالية لتأسيس قصيدة نثر تتجاوز المألوف السائد وتملك هويتها .. هوية الشاعرة رسمية..

 في نصها (نهايات).. نجد دون عناء هذا النظام الاشاري اللافت والذي يرسخ وجهة نظرنا .. عن مفهوم إرجاء الفكرة.. وتعليقها في معظم نصوص رسمية الاخيرة وهو تطور نوعي في بنية قصائدها..

 (ظهيرة لا يملؤها حضورك

قبس منــك

تغترف المــاء

ثم تنحني للثم التراب

الغيوم ترهلت

....)

في انتظار جواب جملة ظهيرة لايملؤها حضور الحبيب.. علينا ان نفهم انه لن ياتي في البيت الثاني او الثالث او الاخير... فكل شيء معلق..وبدلا من الذهاب الى المستقبل نرى الشاعرة تهرع الى الماضي لتحدثه عن ذلك الحضور المفتقد...

وهكذا هو الامر في اغلب قصائد المجموعة التي تجاوزت العشر قصائد مهمة متميزة هاطلة بالتجدد الشعري في اسلوب الشاعرة لتشكل علامة مهمة من علامات الشعر العراقي المعاصر..

 في نصها بانتظار القصيدة لانجد هذا النظام الاشاري. فالسردية الشعرية شفافة ولغتها منسابة واضحة المعالم رقيقة..ورغم تثبيت تواريخ كل قصيدة اجد ان بانتظار القصيدة تخرج عن النسق الذي تحدثنا عنه آنفا..

 كذلك نصها الرائع الى الجواهري..الذي يعتمد الخطاب الموجه لشاعر العرب الاكبر  .. فهي تارة تحدثه وتارة تناجي روحه. وتارة تخبره كأنها تخبر اباها باشياء مهمة حصلت وتحصل..

 ومن اجمل ما ضمته المجموعة الابيات التالية

وفر الكهنة..

وما زالت أيدينا

تحتفظ بآثـار القيود

ووشم الأصفاد على ظهورنا إلى الآن

أنت أكثر ذكاءا

من أن تحولك كثرة الهتـاف

إلى صنم

  هذا ما جاد به الوقت في الكتابة عن سياحتي الجميلة مع مجموعة رائعة

... وبعد.. فإن  مجموعة الشاعرة  رسمية محيبس  هذه تستحق اكثر من وقفة واكثر من دراسة... وبعد.. فقد عاتبني اكثر من صديق على (الإيجاز) في تقديم بعض المجاميع الشعرية المهمة والرصينة والعالية القيمة.. أو عند تقديم بعض القصائد المثيرة للجدل فأخبرتهم  وها أنا أخبركم.. هي سمة العصر الملول  النفور من الاطناب.

والبحث عن الجوهر في كلمات قليلة موجزة ,فمعذرة لكم.. ومعذرة للشاعرة العراقية .. شاعرة العذوبة والعمق.. رسمية محيبس زاير..

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2193 الخميس 26/ 07 / 2012)


في المثقف اليوم

في نصوص اليوم