صحيفة المثقف

الاحداث في سوريا تكشف خفايا مشروع سحب الثقة عن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي / محيي المسعودي

عن رئيس الوزراء نوري المالكي - قبل شهور -. يظن البعض ان اصحاب الاستجواب كان هدفهم سياسي حزبي محلي او ربما شخصي يستهدف المالكي شخصيّا او يستهدف كتلته. ويظن البعض الآخر ان هدف اصحاب الاستجواب كان وطنيا لصالح العراق. ولا يبتعد عن هذين الاعتقادين حتى المالكي نفسه, ولكن الاحداث التي جرت في سوريا وعلى حدودها مع العراق لاحقا كشفت النية الخفية والحقيقية لمشروع اقالة المالكي. والتي تتمحور حول ازاحته عن رئاسة الوزراء وصعود شخص آخر موال لاصحاب سحب الثقة او شخص ضعيف يملي عليه هؤلاء ارادتهم فيما مخطط له من قبل اطراف اقليمية وعالمية, كانت قد باشرت بمشروع اسقاط الدولة السورية حينها. ولكي نصل الى هذه الحقيية علينا تفنيد الاعتقادين آنفي الذكر بدءا , فمن حيث الاختلافات والمصالح الشخصية والحزبية بين الخصوم فان المالكي قبِل المحاصصة واعطى شركاءه اكثر مما يستحقون من المناصب والامتيازات من اجل بقائه في منصبه, وعليه فان هذا الاعتقاد وان كان حقيقيا وموجودا فانه لا يكفي, ولا يرقى لان يكون مبررا معقولا لتلك الاستماته من اجل اقالة رئيس الوزراء. اما الاعتقاد الثاني المتمثل بوطنية اصحاب مشروع سحب الثقة, فيكفي ان احد اهم رموز طلب سحب الثقة - اياد علاوي - يتلقى اوامره وتمويله ودعمه اللوجستي من السعودية وقطر وتركيا في وضح النهار , وقد كشفت الزيارة الاستفزاية الاخيرة - قبل ايام - لكركوك من قبل وزير خارجية تركيا احمد داود اوغلو, كشفت توجه علاوي وبرزاني معا. فبرزاني صاحب الدعوة ومضيّف اوغلوا ومحرضه على زيارة كركوك من اجل نقل الصراع ما بين اربيل وبغداد الى صراع ما بين انقرة وبغداد. اما علاوي فقد انطلق مسرعا الى تركيا بعد زيارة اوغلو وهو يدين الحكومة العراقية وكانه بهذه الادانة يعمل لدى الحكومة التركية او هو سياسي تركي بل عثماني متعصب , والغريب ان الكثير من الساسة الاتراك اللبراليين واليساريين انتقدوا زيارة اوغلوا وعدوها تدخلا بالشأن الداخلي العراقي وتجاوزا للاعراف الدبلوماسية. وبعد زيارته لتركيا سارع علاوي الى قطر ليلتقي وزير خارجيتها, شريكه في المؤمراة على العراق والشعوب العربية , ولا ندري ماذا قال وماذا امره وزير خارجية قطر , اذن لم يكن علاوي عراقيا وطنيا ذات يوم , اما مسعود برزاني صاحب امبراطورية (برزاني) في اقليم كردستان فالرجل "نار على علم" من حيث عمالته وبيعه للعراق واكراده معا لاي كان من اجل قيام تلك الامبراطورية العائلاتية التي يتزعمها هو وابن اخيه وزوج ابنته " نيجرفان برزاني " رئيس وزراء الاقليم وابنه مدير هيئة الامن القومي الكردي, وبرزاني معروف في تاريخه بهذا الخصوص فهو من طلب المساعدة من صدام حسين لذبح الاكراد بحجة محاربة حزب الاتحاد الوطني الكردستاني وهو الذي ساهم ايضا ويساهم يوميا في قتل المعارضة الكردية في الاقليم. . ويحارب مع تركيا المعارضة الكردية في تركيا التي لم تستطع حتى اليوم الحصول على حق الحديث باللغة الكردية من الحكومة التركية. اذن لم يكن الاعتقاد الثاني قائما, أي ان دعاة سحب الثقة لم يكونوا صادقي النية ولا وطنيين الّا التيار الصدري " وهو تيار ديني عقائدي" اذ اندفع الى هذه الجبهة بدافع بغضه للمالكي فاستغل برزاني وعلاوي هذا الاندفاع والغفلة لدى التيار لضرب تحالف المالكي من الداخل , ومعروف لدى الجميع كيف تراجع التيار لاحقا عن موقفه !

 

كانت المؤامرة قد حيكت في اربيل (1) برعاية تركية وتمويل قطري سعودي ودعم امريكي , وانظمت اليها عائلة النيجيفي متمثلة برئيس البرلمان اسامة واخيه اثيل النجيفي محافظ الموصل. وكان مخططا ان تؤسس ( امارة آل النجيفي ) على الاراضي التي يقطنها العرب في الموصل والاقضية والنواحي من المحافظات المحيطة بالموصل, ثم تتمدد لتشمل صلاح الدين والانبار واجزاء من ديالى. وكانت بوادرها واضحة في عقد الاتفاقات الثنائية ما بين محافظ الموصل والحكومة التركية للاستثمار في النفط والثروات الطبيعية والاعمار وغيرها والسماح لحكومة الاقليم بممارسة نفوذها الكامل على المناطق " المتنازع عليها" اما برزاني فكان يخطط لحلمه في امبراطورية برزانية تشمل اقليم كردستان العراق كاملا, ليضاف اليه لاحقا اقليم كردستان سوريا وقد ظهر ذلك جليا من خلال تدخل قوات البيشمركة وتدريبها لمقاتلين كورد سوريين تابعين لمسعود برزاني ومن المؤكد ان برزاني كان يفكر ويحلم باضافة اقليم كردستان ايران اليه بعد سقوط ايران وبعد التخلص من حزب الاتحاد الوطني الكردستاني المعروف بموضوعيته وتوجهه الاشتراكي. على ان يكون الاقليمان " اقليم آل النجيفي واقليم آل برزاني " تابعان للدولة العثمانية الجديدة. مقابل هذا ان يحكم ما تبقى من العراق اياد علاوي بمساعدة كل الاطراف بما فيها الخليجية والامريكية. قبل دخول التيار الصدري على تحالف "جماعة سحب الثقة". اما الذي عرقل هذه المؤامرة او اجل تنفيذها فهم عرب المناطق المتنازع عليها في كركوك والموصل , نيجة شعورهم بانهم يباعون بصفقة ساسية اقليمية مشبوهة تسلبهم كل حقوقهم. الى ذلك كان الدور الاكثر تأثيرا في افشال هذه المؤامرة هو موقف حزب الاتحاد الوطني الكردستاني الذي بات يدرك خطورة مسعود برزاني على مصالح الاكراد في العراق والمنطقة لان برزاني يقامر بالشعب الكردي في لعبة اممية غير مضمونة النتائج بل غير محمودة العواقب , ناهيك عن خطره المحدق بتقويض وجود حزب الاتحاد الوطني في كردستان العراق وسوريا وتركيا وايران . اضف الى ذلك الاختلاف الايدلوجي الكبير بين نظرية الحكم العائلاتية لبرزاني والنظرية الاشتراكية لحزب الاتحاد الوطني الكردستاني. وكان مخطط لهذا المشروع ان تتأس على ضوئه دويلات الطوائف ( كردستان + شيعستان + سنستان ) وهو جزء من الشرق الاوسط الجديد الذي بشر به الامريكيون وكان قد خطط له الاسرائليون. ولو حالف الحظ اصحاب مشروع سحب الثقة من المالكي لكان العراق اليوم مفتوحا على مصراعيه لمجاميع الارهاب والمسلحين الانفصاليين في سوريا لان يتخذوا من العراق قاعدة لهم لاسقاط الدولة السورية وتقسيمها على اساس عرقي وطائفي كما هي الحال في العراق اليوم. ولهبت كل قومية او طائفة لنصرة نظيرتها في سوريا ولعاد العراق الى دوامة الصراع الطائفي العرقي ولكن بشكل اخطر , ولاشك انه سيكون صراعا يدمر وحدة العراق تدميرا كاملا ونهائيا لصالح دويلات الطوائف والقوميات التي يحتاجها امن اسرائيل.

 

تابع موضوعك على الفيس بوك وفي تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2200 الاربعاء 8/ 08 / 2012)

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم