صحيفة المثقف

عراقيون ولكن .. بعد هذا الفاصل: انقذوا شارع الرشيد / وديع شامخ

فمن الشوارع تثبت هوية المدن .. وبغداد مدينة حبلى بالشوارع ولكن قيمة المدنية وأفق هويتها التاريخية ينسب الى شوارعها القديمة كما هي في متاحفها ومفكريها وشعرائها وادبائها ورياضيها وساستها .... وشارع الرشيد أهمّ وأقدم شارع في مدينة بغداد . هو شارع يضم اشهر المقاهي ك" الزهاوي وحسن عجمي " وغيرها، وفيه عبق التاريخ وطراز العمارة المميز للبنايات القائمة فيه .. نراه اليوم جريحا ينزف وهو أسير لعبة شدّ الحبل بين أمانة بغداد وحكومتها المحلية..

اليس من العيب تماما ان تعجز الحكومة العراقية، وعلى حد تصريح برنامج بث من قناة العراقية الحكومية مؤخرا، بأن اللجنة المكلفة لانقاذ وتطوير شارع الرشيد قد وصلت الى طريق مسدود لان هذا الشارع وما سبتته التغييرات في شكله ووظيفته اصبح من المحال إنقاذه .. فبدلا من الحفاظ على طابعه التراثي وطابع البيوتات والمحلات والمقاهي والمطاعم والمطابع .. والصناعات التي كانت تشكل عموده الفقري، استُبيح الشارع ليكون خانا لكل صنعة غريبة من حدادة ونجارة الخ .. هذا غير التهديم العشوائي او المنظم للبيوت والمحلات وتحويلها الى ورش صناعية!!
ترى كيف يفكر السادة والمسؤولين في بغداد بلا شارع الرشيد !!؟؟

كيف يمكن تصور هؤلاء المسؤولين وهم يتناطحون من اجل مآرب شخصية وجهوية وحزبية ودينية طائفية ضيقة ورخيصة جدا ، وترك هوية بغداد وعنوانها " شارع الرشيد" وهو يترنح تحت مزاج " الببروقراطية الادارية" والفساد الانساني بين الاجهزة المختصة لانتشال هذا الصرح التراثي الكبير من سبات الحكومة ....

"في الوقت التي حصلت موافقة الحكومة الى تحويل قاعدة الامام علي في الناصرية الى مطار مدني بواقع 60 مليار دولار .. وغيرها من المشاريع غير المهمة جدا أزاء شارع الرشيد" ..

لوكنت ُ مكان رئيس الوزراء لاجلت السفر الى ايران لحضور قمة طهران وحمل مبادرة سلام لتسوية المشكلة السورية !!!.. لو كنت مكانك، لذهبت الى شارع الرشيد واقمت في احد فنادقه، حتى ينتهي الجدل حول مشروع تخليص الشارع من أزمته ورجوع هويته العراقية البغدادية الأصيلة ..

وإذا كان الرشيد هارون وهو ما سميّ على اسمه هذا الشارع لا يلاقي هوى بنفس حكومتنا لاسباب طائفية فلا ترجعوا الى درس صدام في محاولته لتغيير أسم شارع ابي نواس الى شارع الخلفاء، والى تدمير مدينة بابل الاثرية وتراجعها من " مدينة آثارية مشمولة برعاية اليونسكو والمنظمات الدولية، الى مدينة سياحية بائسة!!"

 على الحكومة والشعب العراقي تحمل مسؤولياتهم أزاء هذا الهدر المتعمد والجهل والتجاهل لانقاذ هذا المَعلم البغدادي، وقلب بغداد القديمة النابض بعبق التراث والتاريخ العراقي الوطني ..

شارع الرشيد ذاكرة عراقية حيّة لابد من انتشاله من دائرة الاهمال واللامبالاة ، والعمل الفوري على تشكيل لجنة وطنية من الاخصائيين وعلى أعلى المستويات الفنية والحرص الوطني و بصلاحيات واسعة ومدعومة بأموال ومخصصات كافية للشروع الفوري في انقاذ شارع الرشيد البغدادي من هذا الجرح الغائر في صدره .

على الاعلام العراقي والمثقفين والنخب العراقية المخلصة تنظيم حملات احتجاج واقامة الندوات الجماهيرية من اجل نشر الوعي البيئي والاحساس الوطني بقيمة هذا الشارع البغدادي المستباح ..

..........................................

 

قانون العفو العام

لا أدري من اين تأتي الوقاحة بعليّة قوم العراقيين واعني " السادة المتسمرين على كراسي المسؤولية من الجهات التشريعية والتنفيذية والقضائية، واللجاجة والخفة وقلة الذوق والحس الوطني التي تصل الى اشغال الحياة العراقية بأمل إصدار " عفو عام وشامل" لنزلاء السجون العراقية !!!

وجه الغرابة ليس في دراسة الوضع الانساني الذي يعانيه السجين الذي ارتكب خطأ ما وقد أخذ فترة مناسبة في الجزاء واثبت انه جدير لمغادرة السجن والالتحاق بركب المجتمع العراقي لمواصلة مسيرة البناء والاعمار ...

ولكن الطامة الكبرى أن هؤلاء الاكابر في الدوائر العليا للسلطة العراقية يريدون عفوا عاما وشاملا .. يتساوى فيه القاتل والارهابي والمجرم واصحاب السوابق والجرائم الخطيرة والذي تلطخت أيديهم بدم الشعب العراقي مع مرتكبي حوادث السير وغيرها من الجنح أو الجرائم المخففة وغير الماسة بحياة العراقي وحدود العراق وقيمه الوطنية العليا وخطوطه الحمراء.

لماذا يزعق هؤلاء الساسة في قاعة البرلمان العراقي للتبشير بولادة قانون العفو المشبوه ؟؟، والذي نشمّ وبقوة رائحة الاجندات الخارجية واموال البتروردولار الصفراء القادمة من خارج الحدود ومن النوايا المريضة لبعض السياسيين لمحاولة إخلاء سبيل الأرهابيين وعصابات الدم .

ألم يتعض هؤلاء السادة والساسة من الاضرار الوخيمة التي خلّفها العفو العام والذي أصدره المقبور صدام حسين قبل سقوطه ، وما أحدثه القتله الذين كانوا يقبعون في السجون من ضرر وأذى للمجتمع العراقي عندما إنخرطوا في عصابات الموت والسطو والتجنيد من قبل مثيري الفتن الطائفية والدينية والاحزاب والمنظمات الارهابية ..؟؟؟

نحن مع حق العراقي في محاكمة عادلة وقضاء فترة محكوميته في ظروف انسانية عادلة وعدم امتهان كرامته وتأهيله في السجن واعداده نفسيا وبدنيا لحين إتمام محكوميته، للانخراط في المجتمع كعضو فاعل، وليس مع مكافأة القتلة والارهابيين بشمولهم بعفو عام وشامل !!

 على مجلس النواب العراقي والكتل السياسية الانتباه الى هذا الفخ للحيلولة دون تمرير مثل هذا القانون الذي يسيء الى حرمة الدم العراقي والاستهتار بالثمن الغالي الذي دفعه شهداء الوطن شبابا وشيوخا،،نساءً واطفالا .

ارجو ان لا تكون صرختنا في وادي سحيق ..

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2217 السبت 01/ 09 / 2012)

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم