صحيفة المثقف

الا انها توسعت وازدهرت فيها الحياة العلمية والاقتصادية، فقد ظهر فيها كثير من الشخصيات اللامعة في الادب والفكر والعلم والفقه .  وشد اليهاالرحال  كثير من طلاب العلم والمعرفة ومنهم سعيد بن سالم المجريطي وكان من اشهر المحدثين في الثغر الادنى حيث يتوافد اليه ابناء هذه المنطقة للدراسة والفقه وقد توفى سنة 376هـ / 986م ..ثم ظهر ابو المطرف عبد الرحمن بن عبد الله بن حماد وابنه ابو يعقوب يوسف الحمادي حيث تتلمذ هذا الاخير على يد ابي عمر الطلمنكي (طلمنكة هي احد مدن ضواحي مدريد)، وقد رحل ابو يعقوب الى المشرق للدراسة ثم عاد الى مدريد للتدريس فيها وتوفى سنة 473هـ / 1081م. ومنهم ايضا  ابو محمد عبد الله بن سعيد المجريطي المتوفى حوالي سنة 340هـ/1001م. ثم ابو نصر هارون وكان تلميذاً لابي عمر الطلمنكي . كما ظهرت شخصية ادبية اخرى معروفة هو الشاعر والكاتب ابا عبد الله المجريطي ويذكر انه كثير التقلب من حياة المرح واللهو الى العبادة والزهد.

ولكن من اشهر علماء مدريد ويعده البعض مفخرة الاندلس هو الطبيب الرياضي الفلكى المشهور ابو القاسم مسلمة بن احمد المجريطي، وقد لد هذا العالم ونشأ في مدريد ثم انتقل الى قرطبة بعدها سافر الى المشرق ثم عاد واستقر في قرطبة حيث توفى سنة 398هـ/1008م.

وقد درس مسلمة علوم الاغريق والف الكثير من الكتب العلمية، وقد اقبل الاوربيون على دراستها وترجمتها . كما يعتبر مسلمة خالق مدرسة علمية رياضية طبية في الاندلس..   وينسب الى مسلمة المجريطي ايضاً ادخال رسائل اخوان الصفا الى الاندلس وكان لهذه الرسائل الاثر الكبير في تنشيط الحركة الثقافية والفلسفية في الاندلس..... . وقد هاجر الى مدريد عدد كبير من العلماء الاندلسيين والمغاربة للاستقرار فيها منهم العالم الطليطلي ابا الوليد يونس بن شوقه ويذكر ان هذا الاسم له نبز اسباني قديم ( Elchueco) ويعنى الاعور. وهناك اليوم محطة مترو في مدريد تسمى لاجويكا ..

وأستمرت الثقافة والعلوم العربية الاسلامية في مدريد حتى بعد سقوطها حيث بقت فيها جالية اسلامية كبيرة الى اوائل القرن السابع عشر أي بعدالاعلان الرسمي للطرد سنة 1610 .. وهذه الفترة الطويلة التي مكث فيها العرب المسلمين في مدريد دليل واضح على عمق الاثر الثقافي الكبير الذي خلفته الحضارة الاسلامية على هذه المدينة.

الحركة العمرانية  ــ

وبقى الاسلوب المعماري وثقافة الهندسة المعمارية للمدجنين مستمرة في مدريد الى حد القرن الثامن عشر ميلادي. بل اننا رأينا في صدر القرن العشرين ان عمارة المدجنين  قد برزت متمثلة في عمارة مصارعة الثيران في بينتاس في مدريد حيث تألقت عبر الاقوس والزخارف والتقنية العالية لهذا الطراز الاسلامي ..

كانت الهندسة المعمارية في بلاد الاندلس متميزة ومتفوقة على غيرها في اوربا لما تتمتع به من اصالة وجمالية ساحرة , وتشهد على ذلك قصور ومساجد غرناطة واشبيلية وقرطبة. وقد استعانت اوربا بمهندسين اندلسيين لبناء قصورها وكنائسها واسوارها وقلاعها .

وكان الاسبان يطلقون على المهندس المعماري المسلم (العريف) وتطلق ايضاً على المعماري المدجني.  وقد وصلت درجة العريف الى تفوق كبير ساد على المعماري النصراني واصبحت الحكومة المحلية وصاحب الكنيسة يكلفون المعماريين المسلمين في بناء عماراتهم الدينية والمدنية....  ويعتبر احمد بن باسة من اقدم معماري الاندلس في زمن الموحدين ولقب بشيخ العرفاء ( المهندسين) وهو اندلسي الاصل ومن اشبيلية ومن أسرة اشتهر افرادها بصناعة البناء وقام هذا العريف بمشروعات عديدة للموحدين منها جامع القصبة باشبيلية وصومعته  المشهورة – الخيرالدا – La Giralda – وقصور الموحدين وكذلك مدينة الموحدين في جبل طارق وغيرها ...  وأشتهر من بعد ابن باسه على الغمارى، ثم ظهر عرفاء متخصصون في حرف معينة من العمارة مثلاً هناك عرفاء في الصوامع وآخرون في القباب والنقوش الزخرفية والخط والنجارة وكذلك في هندسة المجاري واستخراج المياه وغيرها.

ومن أشهر المهندسين ( العرفاء) في المجاري المائية في بلاد المغرب والاندلس هو عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي، ويذكر المؤرخ العربي المقرى بأن قنطرة قرطبة قد تم بناءها على يد هذا المهندس في زمن الخليفة عمر بن عبد العزيز . واعتقد ان المقري يشير الى اعمارها وتوسيعها لان هذه القنطرة انشأت قبل مجيء العرب للاندلس                      سنة 711م  ,  حسب بعض المصادر ..

وأشتهر عريف اندلسي اخر من مدينة مالقا هو الحاج ( يعيش الملقى) وكان له الفضل في جلب المياه الى داخل قصور اشبيلية والمرافق الحيوية الاخرى في المدينة سنة 567هـ.

وكان اول العرفاء او المهندسين المعماريين الذين عرفتهم الاندلس في بناء المساجد هم : حنش بن عبد الله الصنعاني وابو عبد الرحمن الحبلي اللذين قاما بتأسيس جامع قرطبة كما ساهم حنش في بناء جامع سرقسطة وجامع البيرة( غرناطة ).و كان حنش من التابعين ومن صحابة الامام علي ـ ع ـ

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2218 الاحد 02/ 09 / 2012)