صحيفة المثقف

الأزمة السورية وتداعياتها على منطقة الشرق الأوسط / خالد الخفاجي

لما تبثه الفضائيات المسيرة والموجهة، منذ سبعة عشرشهرا من أخبار محملة بالقتل والدمار وهروب الناس بحثا عن الأمان يقف أمام حالة استثنائية من الرعب في الألفية الثالثة، ألفية الحرية والديمقراطية والدعوات الصارخة الى تنشيط العمل بحقوق الانسان كي يمنح الانسان حقه أينما كان، عندئذ تطرح أمامه شاء أم أبى عشرات الأسئلة الشائكة التي أغلبها لانجد لها أجوبة شافية منها: لماذا سوريا بالتحديد بعد الدول التي سبقتها ولكن بشكل  مختلف من الدمار؟ وهل فعلا هذا ربيع عربي أم موت عربي وخريف أحمر مكبل بالدماء؟ وهل فعلا هذه صحوة العرب بعد سبات السنين الذي ضيعوا به حتى الاسلام؟ وهل الدم يمسح دم اذا صح التعبير؟ أم هذه حرب أهلية بشكل حديث أي بأسم الثورة والتحرير؟ ولماذا بعض الاجندات العربية التي تحالفت مع الغرب على تدمير العرب كما تشير المعطيات الفعلية والبوسها ثوب الثورات بتجنيد المرتزقة من الارهابيين وصدقها الآخرون؟ وهل هي هذه المفاهيم الجديدة في نظر القانون الدولي وخلق نوع جديد من العلاقات الدولية؟ وهل أصبحت الثورات الحديثة يقودها جيش مسلح بمختلف الاسلحة كما يطلق عليه بالجيش الحر؟ ولماذا تطرح الفضائيات الموجهة على أطراف من مايمسى بالمعارضة سؤالا مفاده هل تتوقعون حدوث حرب؟ أليس الذي يحدث الآن على أرض الواقع هو حرب عسكرية بين مايسمى بالجيش الحر وجيش النظام السوري؟ أم ماذا يسمى بنظر المنظمين والداعمين من الأطراف العربية والغربية لهذه الفوضى التي تحدث في سوريا والتي فتكت بالشعب السوري وتسببت بتدمير كامل للبنى التحتية والتشرد والقتل واراقة دماء الأبرياء من المدنيين شيوخا ونساءا وأطفالا؟ وهل سينتهي السيناريو الغربي بتدمير الصف العربي بعد القضاء على سوريا أم مازال في جعبتهم مخطط آخر؟ وتطول لائحة الأسئلة بعدد الخونة والعملاء العرب الذين تحالفوا مع الغرب ضد أبناء جلدتهم ويعدون أنفسهم سياسيون ومعارضون ولانعرف معارضين لمن؟ وهم يرتمون بحضن الأجنبي ويأتمرون بأمره ويمرحون بغرفهم الحمراء، من منا لايعرف سوريا الجميلة بكل تفاصيل حياتها من الرخاء والثراء والإنتماء العربي الحقيقي؟ ألم تكن سوريا الحاضنة الحميمة لكل العرب وخاصة العراقيين بعد أن شردهم الاحتلال؟ ألم تمثل سوريا التحدي الحقيقي الوحيد لإسرائيل بعد تدمير العراق؟ أي ديمقراطية يقاتل من أجلها ثوار سينورياهات الغرف الإمبريالية والعميلة؟؟

لاأحد يستطيع الجواب على اي سؤال من هذه الأسئلة بصدق وحياد الا اذا كان عربي شريف ويتوفر على درجة من الوعي والمعرفة بمسلسل الأحداث التي توالت في الدول العربية واحدة بعد الأخرى وكل واحدة بإفتعال سياسي يختلف عن الآخر حتى وصل الدور الى سوريا العرب، ورغم ذلك الذي يحدث في سوريا يستطيع أن يفهمه حتى الانسان البسيط بمعرفته بسبب الفضائح التي تكشفها الأحداث تباعا، ونحن نقولها بصراحة قصوى للتاريخ وبلا مصطلحات سياسية ودوبلوماسية ان الذي يحدث في سوريا لاعلاقة له بالثورة بل هو سيناريو وضعته القوى الخارجية وتنفذه القوى العربية العميلة الخائنة للجسد العربي بتجنيد ودعم وإيواء مجموعة من المرتزقة والارهابيين والعصابات العالمية المحترفة بالقتل على غرار تلك التي أدخلوها الى العراق مثل بلاك ووتر وغيرها والأسباب معروفة على الصعيد الدولي منها ماهو طائفي في الجانب الذي يهم الدول العربية التي تساهم في دعم الجماعات المسلحة مثل قطر والسعودية، ومنها عرقي وجغرافي الذي يهم تركيا، ومنها الحفاظ على أمن اسرائيل وخلق حالة من التوازن الدولي في المنطقة حسب الستراتيجية الأمريكية بعد فشلها في الحرب على العراق وتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الكبير وتوجسها من السلاح النووي الايراني الذي وصل الى مراحله الأخيرة والعلاقات المتينة بين ايران وسوريا من جهة ودعم حزب الله من جهة أخرى، وبعد كشف المؤامرة الامريكية من قبل جهاز المخابرات السوري والتي كانت تدار من البحر بتجنيد أكثر من خمسة آلاف مرتزق وبقيادة خيوط رأسية امريكية وصهيونية وعربية والتي كانت تهدف الى القضاء على النظام السوري وتقسيم سوريا الى ثلاث دول تنتهي بترحيل المسيح الى لبنان والسنة الى الأردن وبقاء العلويين في سوريا بعد اضعافهم وكسر شوكتهم، أقول بعد أن تم كشف هذه المؤامرة التي تم الاعداد لها قبل احتلال العراق وفضح النوايا الأمريكية اشتعلت هذه الحرب وأخذ دخانها يتصاعد بإسم هذه الخزعبلات كالثورة والمعارضة والجيش الحر والدليل على ذلك الصمت الملفت للنظر من قبل الادراة الامريكية بشأن اشتعال الأزمة الى حين، كتبت هذا المقال بحيادية متناهية وبحس عربي وخوف على سوريا العرب لذلك أقولها بمرارة ان التواطأ و الغباء العربي هو من أتاح للقوى الأمبريالية ان تفتك بعروبتنا وصفنا وخاصة دين الاسلام الذي صار يفزع اسرائيل، والدليل على ذلك مالذي حققه الربيع الاحمر الذي طال تونس ومصر وليبيا واليمن؟ من يستطيع أن يقول لي تحقق منجز ايجابي ولو واحد على كافة الأصعدة الخدمية والاقتصادية والسياسية والثقافية والعمرانية؟ مازال الصراح يحتدم بين الفرقاء السياسيين والاحزاب الطامعين في المال والمناصب، لذلك اقول ان تداعيات الأزمة السورية على منطقة الشرق الاوسط ستكون وخيمة اذا لم يكن حل وسط فوري بمنح النظام السوري الحالي والذي اعتبره يدافع عن نفسه وشعبه وهذا حق مشروع فرصة لمعالجة ماتبقى من سوريا وتضميد جراحها، وان ينتبه العرب الى مايجري من حولهم لإنهائهم عن بكرة أبيهم، الأزمة السورية هي الحاسمة للوجود العربي أما نهايته الى الابد أو بقائه الى الابد، اذن على العرب أن يجتمعوا لينقذوا سوريا وليس لصب الزيت ويقرروا مصيرهم أما الوجود   أو اللاوجود.

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2250 السبت 20 / 10 / 2012)


في المثقف اليوم

في نصوص اليوم