صحيفة المثقف

تقمص ألأدوار في سلوك الحكومة التركية / علي جابر الفتلاوي

هي جزء من منظومة دول المحور الأمريكي الصهيوني، فالعلاقات التركية الأمريكية والتركية الصهيونية متطورة جدا في جميع المجالات حتى العسكرية منها، والنفوذ الصهيوني متفشي في كثير من مفاصل العمل المدني والعسكري في تركيا، وهذا ما يؤكده خبراء ومختصون في هذا المجال، وأكده حلف ألأطلسي في موقفه ألأخير عندما أعلن أنه سيقف مدافعا عن تركيا بسبب سقوط قذائف من الجانب السوري داخل الحدود التركية، أثناء تبادل النيران بين الجيش السوري والمسلحين السلفيين داخل سوريا، وقد صور الحلف الاطلسي وكأن تركيا قد تعرضت لهجوم من سوريا،  فالواقع هو الذي يتكلم عن هوية الحكومة التركية، لكن الحكومة تتقمص أحيانا بعض ألأدوار لتوحي بها أنها مستقلة في أتخاذ قراراتها  او انها بعيدة عن النفوذ الأمريكي أو ألصهيوني .

 من جملة الأدوار التقمصية ما تقوم به الحكومة التركية من مسرحيات او بعض الفعاليات التي تريد من خلالها أيصال صورة غير حقيقية الى الجماهير لتقول عنها :  أن الحكومة التركية هي عدوة للكيان الصهيوني، والواقع يقول عكس ذلك، أذ انها تعمل ضمن جوقة الحكومات التي تخدم ألأهداف ألصهيونية في المنطقة، على المدى القريب اوالبعيد، وأسرائيل راضية تماما عن الخدمة التي تؤديها هذه  الحكومات، ألتي تقع جميعها ضمن المحور والنفوذ ألأمريكي الصهيوني، وبضمنها طبعاً الحكومة التركية .

الحكومة التركية من خلال واقع أفعالها تعتبر من الدول الداعمة للكيان ألصهيوني، مهما تقمصت من دور،  لكنها تريد التغرير بالشعب التركي المسلم، وبالشعوب المسلمة ألأخرى لتوحي لهم من خلال افعال تمثيلية مفضوحة، انها عدوة لأسرائيل، وآخر مسرحية تقمصت فيها دور العدو للكيان الصهيوني، مسرحية المحاكمة الغيابية للضباط الصهاينة الذين هاجموا(  أسطول الحرية ) الذي أراد فك الحصار عن غزة، أذ تبنت مؤسسة ألأغاثة ألأنسانية التركية، والتي تعمل بشكل مستقل عن الحكومة التركية، تسيير سفينة تركية تحمل العلم التركي، هي سفينة(مافي مرمرة)،  فيها مواد أغاثة ونشطاء من جنسيات دول اوربية مختلفة بضمنهم اتراك متضامنون مع الشعب الفلسطيني في غزة المحاصرة من قبل الكيان الصهيوني، وضمن أسطول الحرية هذا توجد سفينة تركية اخرى أيضا، ليصبح عدد سفن أسطول الحرية ستة بضمنها السفينتان التركيتان، هاتان السفينتان اشرفت عليهما مؤسسة ألأغاثة ألأنسانية التركية، بتمويل كويتي جزائري، اما بقية الاسطول فقد كان بتمويل اوربي من قبل منظمات أنسانية متعاطفة مع الشعب الفلسطيني، وقع الهجموم ألأسرائيلي على السفينة التركية ( مافي مرمرة ) في 31 مايو 2010،  فاصطدم النشطاء المتضامنون مع سكان غزة المحاصرين، وغالبيتهم من الاتراك، مع القوات الصهيونية المهاجمة التي نزلت على ظهر السفينة، واستشهد تسعة نشطاء أتراك وجرح عدد اخر منهم، وبسبب هذا الهجوم قامت الحكومة التركية اخيرا وبعد أكثرمن سنتين على الحادث الاجرامي للكيان الصهيوني، باجراء محاكمة غيابية لهؤلاء الضباط المهاجمين، مسرحية لا احد يصدق عروضها، لأن سلوك الحكومة التركية شئ وهذه المسرحيات التي تريد تضليل الجماهير شئ اخر، وبهذه المناسبة نريد ألتأكيد، أنه لا يشك أحد في موقف الشعب التركي المسلم من الكيان الصهيوني  فموقفه واضح ومعروف وصريح لدعم الشعب الفلسطيني بالعودة لوطنه فلسطين وعودة المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس الشريف الى اهلها الشرعيين، لكن الشك في موقف الحكومة التركية عندما تدعي من خلال بعض هذه المسرحيات والتقمصات انها عدوة للكيان الصهيوني .

الحكومة التركية اليوم واضحة الهوية، فهي تقوم بدور كبير لخدمة النفوذ الامركي الصهيوني، وتتصرف بالتعاون مع السعودية وقطر وبقية المحور الامريكي الصهيوني في المنطقة بالتدخل في شؤون الدول الداخلية  الواقعة خارج المحور الامريكي الصهيوني، وتدخلات هذه الدول الثلاث في شؤون العراق الداخلية واضحة وخطيرة، اذ آوت تركيا المجرم  ( طارق الهاشمي ) الذي ثبت انه قاتل لأبناء الشعب العراقي، واستقبلته السعودية وقطر لمرات عدة بالحفاوة والترحيب رغم أنه مجرم قاتل، كذلك تدخلات الحكومة التركية في شؤون العراق الداخلية الاخرى مكشوفة، فهي  تدفع المسؤولين الكرد وتحرّضهم للتمرد على الحكومة المركزية، لتضرب عصفورين بحجر واحد، فهي من جهة تدفع المسؤولين الكرد لانفصالهم عن العراق طامحة في جعلهم تحت نفوذها، لأنها من المستحيل أن تسمح للكرد بتأسيس دولة مستقلة، خوفا من تحرك ملايين الكرد الاتراك بالتحرك في هذا الاتجاه، سيما وهم يخوضون اليوم نزاعا مسلحا مع الحكومة التركية من أجل الحصول على حقوقهم ألأنسانية المسلوبة، ومن جهة أخرى تسعى الحكومة التركية للأنتقام من الحكومة العراقية المستقلة بدوافع طائفية ومصلحية، وأستجابة للرغبة السلفية السعودية القطرية، وخدمة للكيان الصهيوني الذي يسعى لتفتيت الدول العربية الى دويلات صغيرة متناحرة، او على الأقل جعل حكومات هذه الدول المسلمة واقعة تحت النفوذ الامريكي الصهيوني .

 ووفق هذه الرؤية  تتدخل تركيا ايضا في سوريا، من اجل تفتيتها، اواستبدال حكومتها بحكومة تكون ضمن المحور الامريكي الصهيوني، أنْ لم يتيسر تفتيتها الى دويلات صغيرة ضعيفة، هذه طموحات الحكومة التركية، وطموحات السعودية وقطر، ومن ورائهم أمريكا والغرب واسرائيل، وظهرت مؤشرات ذلك من خلال أجتماع بعض قوى المعارضة السورية في قطر، بدعم من دول المحور الامريكي الصهيوني،  ومن مجمل هذه  المعطيات تتضح وتتكشف هوية الحكومة التركية التي تخدم الاهداف الصهيونية في المنطقة،  فهل أحد بعد هذه الوقائع والحقائق والمعطيات يصدّق بالتقمصات السلوكية والمسرحيات للحكومة التركية التي تريد من خلالها أعطاء صورة مظللة للشعب التركي، وللشعوب المسلمة الاخرى، من اجل كسب الجماهير المسلمة المعادية للعدو الصهيوني المغتصب لفلسطين، والمثل الشعبي يقول: (حدّث العاقل بما لا يعقل فأنْ صدّق فلا عقل له).

 

     علي جابر الفتلاوي

  

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2275 الخميس 15 / 11 / 2012)

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم