صحيفة المثقف

الالغام الموجود في مواد مسودة الدستور / عادل عامر

صدرت  الحياة الدستورية المصرية أن القواعد الدستورية توضح فلسفة نظام الحكم والمبادئ السياسية  والاقتصادية والاجتماعية التى يجب أن تسود المجتمع فى فترة زمنيه معينة، ويجب أن تكون متلائمة ومتوافقة مع معطيات الواقع فى هذا المجتمع  بل يجب أن تكون هذه الفلسفة وتلك المبادئ انعكاساً لهذه  المعطيات، التى كلما تغيرت كلما كان من الواجب تعديل الدستور ليصبح متلائماً ومتوافقاً معها، وإلا كان النص الدستورى فى واد والواقع العملى للمجتمع فى واد آخر والحقيقة التى لامراء فيها أن النظم الدستورية لا تأتى من فراغ وإنما تعكس بأمانة وصدق الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية السائدة فى المجتمع فقد اخذ هذا المشروع بالنظام المختلط المطبق الان في فرنسا الذي يوزع الاختصاصات بين السلطة التشريعية والتنفيذية وبين مؤسسة الرئاسة ومجلس الوزراء  فمسودة هذه الدستور هدمت مبادئ استبدادية كثيرة مثل استباحة الحدود بإخراج مصر من جزء من مياها الاقليمية مع قبرص المليئة بالغاز  والمواد التي اراها قيد علي حركة وحرية ابداع المشرع في اصدار القوانين وهي اخذ رأي هيئة كبار علماء الازهر علي القوانين وملامتها للشريعة الاسلامية فمن يجرؤ علي مخالفة هذا الرأي حتى وان لم  يكن ملزما وهذا ضيق افق للأنة يحد علماء مثيرون يمكن الاستشارة والاستنارة برأيهم وبالنسبة للمادة 219 والخاصة بتفسير المادة الثانية فهذه المادة ليس لها مثيل علي الاطلاق في كافة دساتير المعاصرة للانها مقيدة للمشرع في حدود هذه المادة ولا يجوز تجاوزها او احلال الفقه وتجديده وتقيد حركة العقل وإبداعاته وهذه المادة اضعفت هذا الدستور وجعلته معيبا وجعلت المشرع قاصرا او معوق ولا يستطيع استفتاء مبادئ الشريعة إلا من اهل السنة والجماعة بالرغم من وجود الفقه الزيدي والفقه الجعفري والمأخوذ في مصر في فقه الميراث والطلاق منذ صدور قانون الميراث في مصر واستقرت من خلاله كافة المراكز القانونية والاستقرار الفقهي والعرفي في الاسرة والمجتمع المصري الذي ارتضي ذلك علي اقناع وادي الي استنفار الاوضاع الاسرية من خلاله والآن من بعد عدم الاعتراف بهذا الفقه سوف يؤدي الي نسف ما اعتاده علية العرف المصري في مسائل الميراث والطلاق المستقرة والمعتبرة في وجدان الشعب المصري كله

** فلم تحدد مسودة الدستور طبيعة الاقتصاد المصري ودور الدولة فيه ودور القطاع العام والإعمال العام في تنمية الدولة والعمل علي رفع مقوماتها الاقتصادية جنبا بجنب مع القطاع الخاص فالمادة 144 لم تبين كيفية اخراج مصر من مأزقها الاقتصادي الراهن الذي يتوقف علي وجود القطاع الخاص الكبير والمتوسط والصغير والتعاوني بكل حرية في ظل اجراءات ميسرة لتأسيس الاعمال ولمنع الفساد المعوق لها مثل النظام الذي طبقته الدول الاروبية من ثلاثينات القرن العشرين وحتى نهاية سبعيناته ومكنها من الخروج من الكساد العظيم ومن تمويل تكاليف الحرب العالمية الثانية ومن اعادة اعمار ما خربته تلك الحرب ومن بناء الاقتصاديات والشركات العملاقة التي تسيطر علي اسواق بلدانها وتمد اذرعها لكل العالم

فقد وضعت هذه المادة حد ادني وأقصي للأجور وزيلتها في نهايتها يستثني من ذلك بقانون فقد تم فتح باب الاستثناءات وكان من الضروري النص علي تحريك الحد الادني للأجر سنويا بنفس معدل التضخم ( معدل ارتفاع اسعار المستهلكين ) حتى لا تتآكل قدرته الشرائية وتتدهور الاحوال المعيشية للعاملين وبالمناسبة دستور 1971 كان ينص علي وضع حد للآجر يكفي حياة كريمة ووضع حد اقصي لتقليل الفوارق في الدخول لكنة مثل الدستور الحالي لم يضع معايير محددة لهذا الحد الاقصي مثل إلا يزيد علي 15 او 20 مثل الحد الادنى وهذه المادة تطالب بربط الاجر بالإنتاج فقط وهو امر غريب للان انتاجية العامل ليست مسئوليته بنسبة 99% حيث تتحدد الانتاجية بمدى حداثة الالات التي يعمل عليها والنظام الاداري الذي يعمل في ظله والذي توجد به اليات صارمة وعادلة للثواب والعقاب وببساطة لو كان هناك عامل يعمل في شركة تكرير بترول وهي تستخدم عمالة محدودة للغاية حيث انها صناعة كثيفة رأس المال فأنة عند قسمة الناتج منها علي عدد العاملين تظهر انتاجية العامل ضخمة جدا ويحق له الحصول علي اجر مرتفع جدا برغم انها في الحقيقة انتاجية الالات وإذا كان هناك عامل اخر يعمل في شركة غزل ونسيج ويبذل جهدا اكبر من الاول لكنة يعمل في صناعة كثيفة العمل وبالتالي عن قسمة الناتج علي عدد العاملين الكبير تبدو انتاجية العامل منخفضة برغم انة هو المسئول الرئيسي علي هذه الانتاجية وتبرر للشركة تقديم اجر منخفض له انه الظلم القائم علي الجهل ولم تتحدث هذه المادة عن اي علاقة بين الاجور والأسعار بما يعني اهمال اعانة غلاء المعيشة للمواطنين الذي كان يقدم في عصر مبارك حتى ولو كان بصورة هزيلة  

مواد كنت اود ايشملها الدستور

كان يجب وضروري جدا اداج مشروع الدستور لتلك القضية ويلزم الجهات الادارية بإحالة القوانين التي تصدرها الي مجلس الدولة لمراجعتها وصياغتها علي نحو يغلق الباب امام الثغرات التي تفقدها اهميتها لكنة جعل الامر اختياريا وترك الحرية في ذلك للجهات الادارية تقرر ما تراة مناسبا لها فقد كان من الاهمية لكان جعل احالة مشروعات القوانين التي تصدرها الجهات الادارية ازامية وليست جوازيه علي الاقل في المشروعات ذات الصفة اللائحية فقد ظهرت مخاطر ذلك في العقود السابقة علي هذا الدستور فقد لحق مخاطر لمؤسسات الدولة جراء قيامها منفردة بإصدار مشروعات القوانين دون مشاركة من مجلس الدولة وكم من قضايا تم رفعها امام المحكمة الدستورية العليا وحكمت بعدم دستوريتها نتيجة لغياب دور يناط بمجلس الدولة يمكن ان يؤديه في هذا الشأن ويوفر مظلة حماية للمجتمع ومؤسساته وحمايته من اي مخاطر يتعرض لها جراء ذلك فيوجد من ضمن تشكيلات مجلس الدولة قسم للتشريع مسئوليته مراجعة وصياغة القوانين ومدي اتساقها مع القوانين الاخري او وجود تعارض مع غيرها هذه عملية لن تكلف الدولة شئ بل علي العكس توفر مظلة حماية وتحول دون تعرضها للازمات القانونية المسألة ابسط مما يتصور البعض وكان لا بد من ادراجها في مشروع الدستور فواقع المؤسسات الادارية تغيب عن تلك الحقيقة وظل مجلس الدولة طوال السنوات الماضية يعاني تجاهل المسئولين في عمليات مراجعة القوانين قبل اصدارها ولك يكن يحال الية إلا القدر القليل منها ومازال الوضع قائمنا حني بعد ثورة 25 يناير  ليسير الجهاز الاداري في ركب السياسات القديمة الواقع يحتاج الي ضبط الاداء التشريعي للأجهزة الدولة بإلزامها علي مراجعة القوانين فقد اغفل الدستور او مسودة الدستور الجديد هذه الاهمية التي عناها المجتمع في عدم صدور مشروعات قوانين متعارضة ومتضاربة وغير دستورية بسبب عدم عرضها علي قسم التشريع بمجلس الدولة 

 

تابعنا على الفيس بوك  وفي   تويتر

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2301 الثلاثاء 11 / 12 / 2012)


في المثقف اليوم

في نصوص اليوم