صحيفة المثقف

الدور الأمريكي الداعم للإخوان المسلمين والحركات السياسية في ثورة 25 يناير

adil amirتتبنى الولايات المتحدة إستراتيجية محددة في صياغة سياساتها الداخلية والخارجية، في سياستها الداخلية تعتمد على منظومةً ليبرالية من القيم والمبادئ والأفكار والرؤى والتصورات تتركز في مجملها حول الحرية المطلقة والمساواة وحق المشاركة السياسية لكل أبناء الشعب بشكل ديمقراطي حر، يعتقد الشعب الأمريكي أن هذه القيم هي أسمى قيم الخير والصلاح في العالم، وما عدا هذه المنظومة القيمية من المنظومات فهي شر ينبغي على الدولة كما صوِّر للشعب الأمريكي أن تسعى لمحاربتها، وأن تسعى لإحلال قيم الليبرالية محلها في أرجاء العالم، حتى ولو استدعى ذلك التدخل العسكري المباشر

وتقدمت الجماعة فترة ما بعد الديكتاتورية في مصر بعد انتخاب محمد مرسي وحصولها علي أغلبية البرلمان وأسرع رجال الأعمال القطريين في تقديم الدعم القوي له. وذلك كي يسود السلام والاستقرار ويمحى الشر والظلام. لكن صناع السياسة الأمريكية الخارجية لا ينظرون إلى الأمور كما يراها المواطن العادي، فهم لا ينظرون إلى الأمور بمثل هذه النظرة المثالية،لكنهم يتصرفون بالطريقة التي تحقق مصالحهم وتحفظها، وتمنع الخصوم والأعداء من منافستهم على الموارد والفرص المصلحية، حتى ولو اقتضى الأمر مخالفة تلك القيم الليبرالية، ولكنهم يرون أنه من الضروري أن تكون ممارساتهم تلك مقنّعة بقناع قيمي وأخلاقي، يصور لشعبهم وشعوب العالم أفعالهم على أنها سعي لنشر الخير ومحاربة الشر ودعم للسلام والاستقرار وحقوق الإنسان وقيم الديمقراطية وُصفت ثورة 25 يناير بأنها ثورة الشباب، وذلك بسبب الدور البارز الذي لعبته قوى شبابية في الدعوة والإعداد والحشد لفعاليات الثورة، والمشاركة الواسعة للفئات الشبابية، وأيضا بسبب الجهود التي بذلتها حركات احتجاجية شبابية عديدة خلال السنوات القليلة السابقة على الثورة والتي ساهمت في إيجاد مناخ موات لحدوثها.

وكانت مصر قد شهدت في السنوات الخمس الأخيرة ظهور عدد من الحركات الاحتجاجية الشبابية التي نجحت في ضخ دماء جديدة إلى الساحة السياسية المصرية، وفي إنتاج جيل جديد من النشطاء، نجحوا في ابتكار آليات عمل وتنظيم جديدة مكنتهم من تجاوز العديد من القيود التي فرضتها الدولة على العمل السياسي والمدني في مصر. كما نجح الشباب من خلال تبني صيغ تنظيمية ائتلافية مرنة وأطر فكرية توافقية وعملية في تجاوز العديد من الخلافات والصراعات التي أضعفت النخب والقوى السياسية المعارضة في مصر على مدى العقود السابقة. وكان من أهم الحركات التي تأسست في السنوات الأخيرة، والتي ستتناولها هذه الدراسة بالتفصيل،

"حركة شباب من أجل التغيير" والتي تعتبر أول تجمع سياسي ذي هوية شبابية والذي أسس لقيام حركات شبابية أخرى مثل "حركة شباب 6 أبريل"، و"الحملة الشعبية لدعم البرادعي"، ومجموعة "خالد سعيد". وقد لعبت هذه الحركات دورا مهما في أحداث ثورة يناير. الثورة الديمقراطية التى اندلعت فى 25 يناير 2011 فى ميدان التحرير وسائر المدن المصرية وقدمت المئات من الشهداء والجرحى ونجحت فى ازاحة رأس النظام عن موقع الرئيس فى 11 فبراير 2011 فتحت الباب أمام عملية الانتقال السلمى الشامل نحو الديمقراطية، بما تحتاجة هذة العملية من استكمال هدم النظام القديم واقامة نظام سياسى جديد يتسم بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية تطبيقأ للشعار الرئيسى للثوار: (الشعب يريد إسقاط النظام، تغير- حرية- عدالة اجتماعية) أبرز نتائج ثورة 25 يناير هى الصعود البرلماني لجماعة الأخوان المسلمين حيث انها بعد ان كانت قوة سياسية تتجاهلها الحكومة المصرية فى ظل النظام السابق الا انها استطاعت ان ترسخ وجودها على الساحة المصرية، ولاسيما مع قيام ثورة 25 يناير، حيث استطاعت الجماعة ان يكون دور نشط منذ بداية الثورة أسهم ذلك الدور فى انها اصبحت قوة تخطف الأضواء بعد فوزها فى الانتخابات التشريعية لعام 2011 ووصولها للحكم.

مع كل ذلك فإن الدوحة لاتزال تأمل وتعتقد بأن سياستها لا تزال ذات جدوي وأنها ستكسب رهانها علي المدي الطويل، حيث يدخل في إطار هذا الدعم فكرة تنافسها مع السعودية كقوة إقليمية، فحتي الآن لم ينس الأمير الشاب ووالده أن الرياض عارضت انقلاب حمد عام 1995 علي أبيه ويزيد من أمل القطريين بأن رهانهم علي الإخوان قد يربح في النهاية وجود حالة من الاضطراب في منطقة الشرق الأوسط حيث إن نجاح المفاوضات حول الملف النووي الإيراني غير مؤكد، ومصر وسوريا لا تزالان تمران بمرحلة انتقالية والقتال بهما لا يزال محتدما.

ومن ثم أحدثت ثورة 25 يناير المصرية قلقا طاغيا لدى الجميع سواء على الصعيد العربى أو الصعيد الغربى فوقف الجميع يرقبون المشهد الذى يحدث على الساحة السياسية المصرية . فالجميع يعلم ان احداث الثورة ومساراتها وما سوف تؤول اليه الاوضاع فى مصر سوف يخلق نموذجا جديدا سوف تمتد آثاره الى كل الدول العربية والغربية،حيث ان التغير فى مصر -بما عرف عنها من استقرار واستمرارية فى النظام منذ ثورة 23 يوليو 1952 ومؤسسات وهياكل امنية قوية-سوف يشجع الكثيرين من الرافضين او المعارضين لانظمة الحكم فى بلادهم على اقتلاعها او الاطاحة بها كما انة قد يتعارض مع مصالح العديد من الدول . لقد كان موقف الولايات المتحدة القوة العظمى الأكبر والمهيمنة من أكثر المواقف السياسية تفاعلاً مع الثورة المصرية، باعتباره الأكثر تأثيرا على مسار الاحداث بسبب طبيعة النظام الدولى الحالى إحادى القطبية كما ان مصالح الضخمة للولايات المتحدة الامريكية أصبحت في خطر حقيقي اذا نجحت الثورة المصرية وحققت أهدافًا حقيقية كبرى تنبع من إرادة الشعب المصري ودينه وتاريخه ولاسيما اذا كان هذا النجاح قد نتج عنة تولى جماعة الاخوان المسلمين للحكم، وهذا ما يمثل خطرا كبيرا ليس على مصالح الولايات المتحدة فحسب، وإنما على العالم الغربي بشكل عام. إذ وضعت هذه الثورة السلمية العلاقات الأمريكية المصرية فى مأزق حقيقي، بعدما رفعت شعارات لا تتعارض مع القيم الأمريكية، إلا أن إدارة أوباما التزمت الحياد التام والحذر، دون القدرة على بلورة سياسة محددة تساعد على تجاوز الأزمة، حيث كانت من الناحية القيمية مع الشارع الثائر، أما مصالحها فهى مع النظام ومن الواضح أن الخيارات المتاحة أمام صانع القرار الأمريكي كانت محددة للغاية، فالإدارة الأمريكية وجدت نفسها أمام خيارين لا ثالث لهما :

فهي إن طالبت بشكل صريح وفي وقت مبكر برحيل الرئيس مبارك فإنها ستدعم الحجه القائلة بوجود أياد أجنبية خلف الانتفاضة الشعبية ضد نظام حكمه وهي إن التزمت الصمت تجاه ما يحدث، فإنها ستعرض نفسها لموجة من الإنتقادات داخليا وخارجيا بسبب نفاقها السياسي ومعاييرها المزدوجة الشهيرة، لأنها من جهة ترفع شعار المناداة بالحرية والديمقراطية، ومن جهة أخرى تدعم الأنظمة القمعية الحليفة لها في المنطقة . لكن فى الواقع ومنذ البداية إدارة أوباما لم تكن تري أن هناك أي تهديد لسيطرة مبارك علي السلطة. ودعت هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية الأمريكية، كل الأطراف لضبط النفس، لكنها لم تسحب تأييدها لـمبارك:

"نري في تقديرنا أن الحكومة المصرية مستقرة، وتبحث عن طرق للاستجابة للاهتمامات والاحتياجات المشروعة للشعب المصري" كما قالت كلينتون "إن تقييم إدارتها للوضع أن الحكومة المصرية مستقرة وتبحث عن طرق للاستجابة لمطالب المتظاهرين المشروعة. كما اعتبرت كلينتون أن أمام الحكومة المصرية فرصة هامة لتنفيذ إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية. حتى حينما أعلنت الإدارة يوم 28 يناير أنها ستراجع مساعداتها العسكرية لمصر بقيمة 1.3 مليار دولار سنوياً، رفضت أن يكون ذلك اختياراً بين الحكومة والشعب، أو الانحياز لطرف دون الآخر." ثم جاء خطاب اوباما مساء25 يناير، أشار أوباما إلي بن علي بوصفه ديكتاتورا، لكن "جو بايدن"، نائب الرئيس الأمريكي، رفض في وقت لاحق تطبيق الوصف نفسه علي مبارك لتصبح تصبح المحصلة النهائية من قبل الادراة الامريكية محدودة،فتمثلت فى خطاب سياسي متردد، وافتقاد القدرة على التأثير على مسار تطور المشهد المصري، تجاه طرفيه معا السلطة ومعارضيها.

وبحلول نهاية الأسبوع، وبعد وفاة المئات، واحتشاد عشرات الآلاف في التحرير، بدأ رد البيت الأبيض يتشكل حيث عمدت الإدارة الأمريكية إلى محاولة تصعيد الضغوط على طرفى الأزمة فى مصر من أجل القبول بصيغة الحل الوسط. ففي 30 يناير عقد أوباما اجتماعاً لفريق الأمن القومي لصياغة إستراتيجية توفر دعماً أمريكياً للتحول والإصلاح الديمقراطي مع عدم إغفال الحاجة للاستقرار الداخلي. تركزت تلك الإستراتيجية حول تحويل مظاهرات الشوارع المتنامية لعملية سياسية تلقى قبولا عبر مختلف أطياف المشهد السياسي المصري وتؤدي لانتخاب قادة جدد للبلاد. بعدها ظهرت كلينتون، مكررة عبارة أن بلادها ستسعى لحدوث فترة انتقالية منظمة تثمر إصلاحات ديمقراطية من دون زعزعة استقرار البلاد.

وبدا أن هناك إجماعاً بين المسئولين الأمريكيين على مقولة "إن المصريين وحدهم هم الذين سيقررون ما إذا كان ينبغي على مبارك التنحي، ومتى يتم ذلك"ثم صرحت "كلينتون" بأن الإدارة تؤيد "الانتقال المنظم"للسلطة للحد من سلطات مبارك في صناعة القرار، وربما إبعاده عن القصر الجمهوري دون تجريده من سلطته الرئاسية فوراً وقد عارض كبار مسئولي الأمن القومي بايدن، وكلينتون، ووزير الدفاع روبرت جيتس، ومستشار الأمن القومي توماس دونيلون التخلي عن نظام مبارك بأي شكل من الأشكال، بينما كان أوباما يريد ضمان الاستقرار في مصر، وفي الوقت نفسه يبدو وكأنه يؤيد إقرار الديمقراطية بشكل تدريجي. وكان انتقال السلطة الذي تصوره هو وفريق عمله لا يقضي بانتقالها للمعارضة، لكن لـعمر سليمان ومن ناحية اخرى وفى الوقت الذى بدأت تؤكد فية الادارة الامريكية على الانتقال المنظم للسلطة قام مبارك بتغيير مجلس الوزراء، بمن في ذلك وزير الداخلية "حبيب العادلي"، وتعيين مجلس جديد برئاسة الفريق "أحمد شفيق"، وفي مساء يوم الثلاثاء الأول من فبراير، قدم "مبارك" تنازلا جزئيا آخر- خلال خطابه التليفزيوني- حيث قال إنه سوف يكمل فترة رئاسته الحالية التي من المقرر أن تنتهي في شهر سبتمبر، ولن يرشح نفسه لفترة رئاسية أخري، وتعهد بأنه خلال الشهور المتبقية له في الحكم، سوف يجري تعديلات دستورية تفتح الطريق أمام إجراء انتخابات رئاسية، وتضع حدودا لفترات الرئاسة

شهدت المنطقة العربية منعطفاً سـياسياً خطـيراً، تجسد في حركات شعبية احتجاجية كبيرة، يمكن تسميتها بـ «المدّ الاحتجاجي»، بدأت من تونس في 17 ديسمبر 2010 ثم انتقلت إلى مصر وعدد من البلدان العربية الأخرى، وباتت تعـرف بثورات الربيع العـربي.

تلك الحركات كانت بمثابة الحجر الذي ألقى في نهر السياسة العربية الراكد منذ عقود، تعطنت مياهه برواسب الاستبداد والقهر والفساد، وجاءت تلك الحركات لكي تضخ مياها جديدة، تجرف القديمة، وتعيد للنهر حيويته وشبابه. بمعنى آخر، فإن ما حدث يؤشر إلى دخول العالم العربي مرحلة جديدة، يستبعد خلالها الرجوع إلى الوراء.   ورغم عمق وعظم الاختلاف حول توصيف تلك الحركات، والموقف منها، وتقييم تداعياتها على المستويين الأكاديمي والسياسي، إلا أنه لا يمكن إنكار أنها شكلت نقطة مفصلية في تاريخ المنطقة، وربما العالم؛ بحيث يمكن التأريخ بمرحلة ما بعدها وما قبلها، وهذا هو شأن الأحداث الكبرى في التاريخ.   إذن نحن أمام ظاهرة عربية كبرى .. جديدة وفريدة من نوعها ومؤثرة، ستقلب الكثير من المعادلات والموازين الدولية، الأمر الذي يستدعي الوقوف أمامها ودراستها وبصورة معمقة، لتفكيكها ومعرفة ماهيتها وطبيعتها، بشكل دقيق، وكذلك دراسة تأثيراتها القائمة والمحتملة على مختلف الصعد والمستويات.

ومع أن نشاط أغلب هذه المنظمات يبدو شبه سريا أو تحت غطاء عام لا يختلف عليه أحد مثل (دعم الديمقراطية) أو (تعليم المصريين ثقافة الديمقراطية)، فقد تم الكشف عن خفايا قطاع من هذا الدعم في تقارير (ويكليكس) السرية خلال العهد السابق، وأعترضت عليه وزيرة التعاون الدولي فايزة أبو النجا حينئذ، أما بعد الثورة فالوزيرة – التي ظلت في منصبها - كانت أكثر تحذير للأمريكان من الاستمرار في هذا الدعم المالي لمنظمات وجمعيات مصرية بصورة أشبه بالدعم الأجنبي الذي يخالف السيادة المصرية، وقالت فى مقابلة لصحيفة (ول استريت جورنال) الأمريكية منتصف يونيه الجاري : "فى هذه المرحلة لسنا فى حاجة لأحد لأن يخبرنا بما هو مناسب لنا أو لا أو أن يجبرنا على شيء".

ولكن جاء كشف سر هذه المنظمات وفضحها من أمريكا نفسها ولأسباب إجرائية ورقابية أمريكية داخلية، خلال جلسات الكونجرس للموافقة علي تعيين السفيرة الأمريكية الجديدة في مصر (آن بترسون)!

فخلال جلسة عقدتها لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي الجمعة 24 يونيه الماضي، اعترفت السفيرة الأمريكية الجديدة فى القاهرة آن باترسون أن الولايات المتحدة أنفقت منذ ثورة 25 يناير 40 مليون دولار قالت أنه لـ(دعم الديمقراطية فى مصر) دون تفصيل، وقالت أن 600 منظمة مصرية تقدمت بطلبات للحصول على منح مالية أمريكية لدعم المجتمع المدنى (!)، والملفت هنا ان تكالب هذه المنظمات علي الدولارات الأمريكية جاء بعد تحذيرات الوزيرة أبو النجا لهذه المنظمات المصرية التي هرولت نحو الدولارات الأمريكية، بأنهم يضرون أمن مصر . وقد تحدثت صحيفة (الوول ستريت جورنال) الأمريكية الاسبوع الماضي عما قالت أنه مخاوف المسئولين في مصر مما وصفوه بالتدخل السياسي الأمريكي في الشأن الداخلي عبر تمويل الإدارة الأمريكية منظمات غير حكومية تعمل داخل البلاد، وقالت إن المسئولين المصريين شككوا في أهداف الولايات المتحدة من وراء تمويلها المنظمات غير الحكومية في مرحلة التحول الديمقراطي التي تشهدها مصر بعد سقوط الرئيس المخلوع حسني مبارك، معتبرين أن مثل هذا التمويل يضرُّ بأمن البلاد.

أما الأكثر غرابة - والذي كشفته صحيفة وول استريت جورنال - فليس فقط وقوف أنصار هذه المنظمات المصرية المختلفة في طابور طويل أمام مكتب الوكالة الأمريكية USAID بالقاهرة للحصول علي أموال العم سام، وإنما تعمد الوكالة الأمريكية تجاهل الحكومة المصرية الجديدة تماما فيما يخص اختيار من تعطيه المعونات المالية الأمريكية (وفق معاييرهم هم)، واستبعاد أي دور للحكومة المصرية ما أغضب مصر بشدة واحتجت عليه لأنه يمثل انتهاك لسيادة مصر .

ونقل للأمريكان عبر القنوات الدبلوماسية أنه إذا كان مقبولا هذا قبل الثورة لأسباب تتعلق بالعلاقة المريبة مع الرئيس السابق، فلن يقبله المصريون بعد الثورة وتحررهم من كل الاملاءات، واحتجت الوزيرة (أبو النجا) رسميا بالفعل لدى السفارة الأمريكية في القاهرة، مؤكده أن تجاهل الأمريكان للحكومة المصرية يتناقض مع اتفاق 1978 بين مصر والولايات المتحدة، الذي ينص على أن جميع المساعدات الامريكية يجب أن توجه من خلال الحكومة .

ولكن الصحيفة الأمريكية زعمت أن (إن جماعة الإخوان المسلمين وغيرها من الجماعات الإسلامية، فضلاً عن الشيخ حافظ سلامة زعيم المقاومة الشعبية بالسويس خلال الحرب مع اسرائيل يرفضون أنشطة الوكالة الأمريكية في مصر ودعمها ما يُسمَّى بالتحول الديمقراطي) وزعمت أن (أكثر المستفيدين من إجراء الانتخابات البرلمانية المقررة في سبتمبر هم الإخوان المسلمون وغيرهم من الإسلاميين) ولهذا تعارضها المنظمات التي تدعمها أمريكا !.إن الكلمة حمَّالة أوجه، و"متشابكة الدلالات" خصوصاً في توظيف مقاصد تلك الدلالات. وليس بخاف، أن تحديد المفاهيم يعد أمرا ضروريا للتعرف على أبعادها ومجالاتها ومدلولاتها، حتى تكون صياغة الأفكار واضحة في مقاصدها. والمفهوم جزء من المنهج وأداة له، يستبطن مقولاته، ويعكس مضامينه، فهو معلومة لها أهميتها وموقعها من البيئة المعرفية؛ فالمفهوم مقدمة للحركة ووسيلة للدفع والتدافع، لأنه لا يعد كلمة بسيطة، وإنما كلمة تحمل من المضامين والمعاني ما يفوق كثيرا إطارها اللفظي، أضف إلى هذا أن الكلمات نفسها أداة للتعبير، وإطار للمعاني تحفل بمدلولات تلقي بظلالها على ذهن وروح المتلقي لها بمعنى آخر، إن استخدام المفهوم في موقعه الصحيح وبما يمثل دلالاته وعلاقاته، تشكل عموداً مهماً من أعمدة الفهم الصحيح والمعبرة عن الحالة ووصف المقصود، بالمقابل يمكن توظيفه لإيقاع أثر مقصود ومستهدف على الملتقى، وبما يخالف أو يشوه الحالة المعبر عنها،

إما نحو التخفيف من وقعه كمفهوم مع بقاء الحالة الموصوفة على ذاتها أو التضخيم لحالة هي أدنى من ذلك.   وهذا يقود إلى عدم التطابق مع المعنى والدلالة والإشارة الصحيحة للمفهوم، وفي حالة الشيوع بخلق قاعدة واسعة لفهم خاطئ يمكن أن تبنى عليه أفكار مستهدفة من المصدر الذي خلق اللبس، بحيث يصبح شائع الاستخدام حتى من قبل من يمكن أن يقع عليه الضرر أو الإجحاف المترتب على هذا الاستخدام الخاطئ، وهذا ما يوظفه الآخر/المختلف وهذا ما ينطبق على مفهوم "الربيع العربي"، وهو التعبير الذي أطلقته صحيفة الاندبندنت البريطانية "The Independent"على تلك الحركات الشعبية الاحتجاجية التي بدأت من تونس في 17 ديسمبر 2010 وانتقلت إلى العديد من الدول العربية وعلى الرغم من الحياد الظاهر في ذلك المفهوم، إلا أنه ينطوي على معانٍ ودلالات تتعين الإشارة إليها، فأولاً يحمل الربيع في ثناياه معنى الشباب والتجدد،

وهو فعلاً ما ينطبق على الثورات العربية التي ساهمت في تحريكها شريحة الشباب أكثر من غيرها، هذا بالإضافة إلى ما يرمز له الربيع عادة من تفاؤل وأمل لينطبق أيضاً على الثورات العربية والآمال المعلقة عليها، بحيث تطمح الشعوب العربية إلى فتح صفحة جديدة في تاريخها السياسي تبتعد فيها عن الأنظمة الديكتاتورية التي فشلت في تحقيق التنمية.   ولكن هذه المدلولات الإيجابية للمفهوم عندما يُقرن بحركة الشباب، والأمل في مستقبل أفضل، ينبغي ألا يحجب عنا التجارب التاريخية التي أُجهض فيها الربيع،

إن ذلك التوصيف يتعلق بمشهد متحرك وحيوي، أي يظل مرناً وقابلاً للتعديل بحسب تطور الأحداث والتفاعلات داخل كل حالة، وفقاً للمسافة التي يقطعها ذلك الحراك الشعبي، من لحظة الاحتجاج إلى ظهور طبقة اجتماعية جديدة تكون قادرة على تنحية الطبقة الاجتماعية القديمة الغير قادرة على تدبير الأمور في النظام السياسي، وتكون تلك الطبقة الجديدة حاملة لمشروع اقتصادي وسياسي يتجاوز ما هو كائن حتى في مجالات أخرى كالثقافة والفكر، وحين تتمكن من السيطرة على الأوضاع السياسية حينذاك يتحقق المفهوم السياسي للثورة.   إشكالية العلاقة بين الداخل والخارج ليست إشكالية حديثة العهد في العلاقات الدولية، وهي ليست وليدة اللحظة السياسية الراهنة، إلا أنها تعمقت وازدادت وضوحاً عقب انتهاء الحرب الباردة، وتعمقت أكثر بفعل تداعيات أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، والتداعيات النوعية التي ترتبت عليها، لا سيما فيما يتعلق بتوجه السياسة الخارجية الأمريكية.   إن العلاقة الجدلية بين الداخل والخارج ثابتة عبر التاريخ، وقد تجسدت في العصور الحديثة في صيغة العلاقات بين الدول التي تفاوتت في مستواها بحسب اللحظة السياسية وقوة الدول وموقعها، لكن هذه العلاقة الجدلية ازدادت حدتها وكثافتها بعد التطورات والتغيرات المذهلة في العلوم والتكنولوجيا و وسائل الاتصال.

وعلى المستوى المعرفي؛ فإن إشكالية الداخل والخارج اليوم ذات علاقة وثيقة بإشكاليات عصر النهضة،والتي تصب جميعها في بؤرة واحدة أو مشكلة واحدة، هي العلاقة مع الآخر المختلف بقيمه ورؤاه وتصوراته وسياساته.   ومن المؤكد أن مستوى تأثير الخارج في الداخل يتوقف على مدى تماسك الداخل وقوته ومنعته، ومع تلك الثورة المعلوماتية والتكنولوجية التي يشهدها العالم، صار هناك بعد آخر يحكم العلاقة بين الداخل والخارج، ألا وهو مدى انسجام هذا الداخل مع منطق التغير والتحول الحادث في العالم، وهو من شأنه أن يلعب دوراً كبيراً في تخفيف حدة التأثير الخارجي، أضف إلى ذلك قدرة هذا الداخل على التأثير في الخارج   فكرة المؤامرة ليست حديثة العهد، بل تعود نشأتها إلى مراحل زمنية قديمة، وقد تبنت تلك الفكرة تيارات ونخب كثيرة من مختلف المشارب والانتماءات الفكرية والأيديولوجية كالتيارات الإسلامية والعلمانية اليسارية منها والقومية وغيرها.   وكثيرا ما يبرز الخطاب التآمري في حالات الأزمات، وضعف القوة وتراجعها، وفي فترات التحول السياسي الثوري، لذا نشهد رواجا لنظرية المؤامرة في خطابات مختلف القوى والفواعل والجماهير، سواء لتفسير بداية الأحداث نفسها وتفجرها، أو تطورها، ومساراتها اللاحقة فنجد من يرى أن ما يحدث في المنطقة العربية، وتحديدا فيما أطلق عليه "الربيع العربي" ما هو إلا مؤامرة امبريالية كبرى، تقودها الولايات المتحدة الأمريكية في إطار خطتها الإستراتيجية للهيمنة على العالم، وفي القلب منه المنطقة العربية، ذات المصالح بالغة الحيوية للأمن القومي الأمريكي. وجدير بالذكر هنا، أن بعض قوى الحراك الشعبي تبنت هي الأخرى تلك الرؤية بعد تعثر المرحلة الانتقالية؛ وهذا يعد أمرا مفهوما ايضا في إطار التغيرات ذات الطبيعة الدراماتيكية، ذات العوامل المتداخلة، وغموض الترتيبات المؤسسية، وتعقد هياكل صنع القرار وعملياته في تلك المرحلة، وهو ما يدفع البعض لتبني تفسيرات تآمرية في محاولة منهم لتبرئة الذات، أو إلقاء التهم على الآخرين، أو لعدم الإلمام بالعوامل المعقدة داخل الواقع ترى أن ما يحدث هو فقط حراكٌ شعبي ذاتي، ولم يكن مؤامرة أو حالة عبثية/ عرضية، وإنما كان لذلك الحراك أسبابه السياسية والاقتصادية والاجتماعية الذاتية والموضوعية على أرض الواقع، ولا يجوز ربطه بأيّة جهة خارجية،

ما بين ثورة تونس ومصر من جهة، وثورة ليبيا وسوريا من جهة ثانية مسافة غير قليلة، فاصلة زمنية برز فيها ملامح العامل الدولي في الثورات العربية، كما كشف تطور الأحداث إلى أي مدى تطور وتنوع الدور الخارجي من مرحلة لأخرى، ومن حالة لأخرى.   ويمكن تتبع الدور الخارجي في الثورات العربية عبر ثلاثة مراحل رئيسية، تنوعت وتعددت أنماط وآليات تدخله وفقاً للظروف الموضوعية التي فرضتها كل مرحلة، وكل حالة على حدة:   أظهرت وقائع الربيع العربي مفاجأة للقوى الدولية، وبناءً على مراقبة سلوك هذه القوى تجاه ما يحدث في الدول التي اندلعت فيها ثورات، ظهر في البداية موقفها شبه المحايد من الأحداث، ومتابعتها الدقيقة لما يحدث حتى تم الوصول إلى نقطة معينة في تغيير ميزان القوى على الأرض، حينها تغير هذا السلوك بالكامل.

مثال على هذا، تغيُر الخطاب السياسي الأوروبي والأميركي تجاه كل من زين العابدين بن علي وحسني مبارك، حالما بدأت موازين القوى تتغير على الأرض؛ حيث انتقلت المواقف من خانة التحفظ بل والتنديد بالثورات، إلى دعوة الأطراف إلى إيجاد منافذ سلمية حوارية توفيقية، وهي مرحلة أوّلية باتجاه النزوح جهة الثوار حين لاحت بعض تباشير نصرهم، ثم الدعوة الصريحة لسرعة التخلي عن السلطة.   كما كشف تغير المنحنى التصاعدي لأطوار الثورات عن تقنّص بعض الدول للفرص من أجل تبنّي المواقف التي تمكّنها من التكيّف السريع مع نتائج هذا الحراك باختلاف مراحلها وأبعادها.   في هذه المرحلة تأكد لدى الأطراف الخارجية مدى قوة الحراك الثوري، وعجزها عن منع تدفقه، فقررت الانتقال إلى مربع آخر من الفعل، تمثل في احتواء ذلك الحراك، ومحاولة منع انتقال عدواه لدول أخرى بصورة تضر بمصالحها الحيوية خاصة دول الخليج العربي فحرصت بشكل عام على عدم اتخاذ مواقف متصادمة مع قوى الحراك الثوري، بل حاولت ركوب موجتها ولو بشكل محدود.

ومن آليات الاحتواء؛ تشجيع المؤسسة العسكرية على عزل رأس النظام، والإبقاء على الرموز السابقة كما في النظامين التونسي والمصري، وإبقاء سياسة النظامين في إطارهما السابق، ومحاولة كبح الجمهور من الدفع باتجاه سياسات اقتصادية أو سياسية في غير صالح إسرائيل والمنظومة الرأسمالية.

أما الثورات الحرام، فهي تلك التي تقع في بلدان حليفة، حيث يجري العمل على ترويضها وتحويلها إلى مشاريع إصلاح سياسي شكلي وتدرجي، ومنعها من تحقيق أهدافها الشاملة، كما هو واضح الآن في (تونس، ومصر، واليمن، ونوعا ما البحرين)   وهذه المرحلة التي يعيشها الحراك الشعبي العربي حاليا، هي من أخطر مراحل التدخل الخارجي، نظراً لتعقد وتشابك أطرافها، وطبيعة وآليات التدخل التي تصل إلى حد استخدام القوة المسلحة، سواء بصورة مباشرة، كما حدث في ليبيا، أو من خلال وكلاء إقليميين، يتم استغلال مطامعهم الطامحة إلى إيجاد دور إقليمي موسع لهم على أنقاض أدوار دول أخرى، أو قوى محلية يتم دعمها بالمال أو/و السلاح لتنفذ -واعية أو غير واعية- أجندات خارجية في الداخل وهو حال جميع دول الربيع العربي.

كما ذكرنا من قبل، أنه حين عجز المعسكر الرأسمالي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها ووكلائها عن الحيلولة دون تداعي نظامين حليفين؛ بن علي في تونس، ومبارك في مصر، حاول احتواء الثورة في تلك البلاد، من خلال دعم حليف قديم في التعاون المشترك، جديد في الحكم ألا وهو تنظيم جماعة الإخوان المسلمين، وكأنه بذلك يريد العودة بالأوضاع كما كانت عليه، وربما أفضل بذات تشابكاتها وتبعيتها المصلحية.

هناك رؤية ترى أن الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي أعطيا إشارات بأنهما اقتنعا بالطرح السابق، ولكن الحقيقة أنه كان لديهما طرح آخر؛ وهو أن إفساح المجال للإسلام السياسي من شأنه أن يحرم القوى الثورية الحقيقية من الوصول للحكم، الذي من شأنه إذا ما حدث أن يضرب المصالح الرأسمالية في مقتل، وبالتالي كان وصول جماعة الإخوان المسلمين للسلطة هدف وضرورة للحيلولة دون حدوث ذلك من جهة.

وهو ما يفسر ذلك الدعم الدولي والإقليمي لكي تصل جماعة الإخوان المسلمين للحكم، وهو ما أكدته وثيقة أعلن عنها أحد أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي "الكونجرس"، عقب عزل محمد مرسي تفيد بدعم الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" لجماعة الإخوان المسلمين في مصر بأموال طائلة لتمكينهم من حكم مصر وأمام حالة التشابك والتعثر التي شهدتها المرحلة الانتقالية في دول الثورات المحرمة، حيث اختلال التوزيع والتوازن بين القوى والمصالح والتحالفات الداخلية والخارجية القائمة، ومحاولة الجميع إيجاد توزيع وتوازن جديد لتلك القوى والمصالح، وما ترتب عليه من تردي الأوضاع السياسية والإدارية والأمنية، وتزايد حدة الاستقطاب الأيديولوجي والمجتمعي، كل ذلك جعل الدولة أكثر انكشافا للتدخل الخارجي سواء عبر الضغوط المباشرة والغير مباشرة؛ وبرزت محاولات فرض توجه ومسار معين تتبعه هذه الثورات قبل أن تتبلور داخلها أوضاع ربما تستعصي عليها لاحقاً، وهو ما أشرنا إليه من قبل في مرحلة الاحتواء والوقاية.

وهو ما يفسر أيضا، ذلك الموقف السلبي والعدائي الذي تبنته قوى دولية مثل الولايات المتحدة الأمريكية ومعظم الدول الأوروبية، وإقليمية مثل تركيا وقطر من الدولة المصرية، وعلى رأسها المؤسسة العسكرية حين استجابت لإرادة المصريين في 30 يونيو 2013 (الموجة الثانية من الثورة)، في استرداد الثورة والدولة من أيدي جماعة الإخوان المسلمين، بعد أن كادت سياساتهم تقضي على كيان الدولة ذاته، وتهدد سلامة وحدتها الوطنية. وتبنت تلك القوى رؤية جماعة الإخوان لما حدث في 30 يونيو، بل والأكثر من هذا سعت –ولا تزال- لإجهاض الثورة، وتفريغها من مضمونها ومقصدها الحقيقي الذي أراده المصريون، وذلك من خلال دعمها المادي والمعنوي للجماعة وأتباعها في استخدام العنف المسلح ضد الدولة والشعب في مصر، وهو ما أشار إليه بوضح الرئيس السيسى في أكثر من مناسبة؛ حيث حذر من مؤامرة تقوم بها جهات خارجية تدعم الإرهاب في مصر، بهدف إسقاط الدولة المصرية. وما يدعم التحليل السابق، هو ذلك التناقض الفج في مواقف تلك القوى من ثورة 25 يناير 2011؛ التي ثمنت دور المؤسسة العسكرية في الانحياز لإرادة الشعب، وحيت نضال هذا الأخير، وأكدت على حقه في تحديد مستقبله، وبين موقفها المعادي عقب الموجة الثانية التصحيحية في 30 يونيو ..

هنا يمكن تفسير ازدواجية المعايير في إطار اختلاف المصالح وتبدل الأهداف. ولأن الهدف الأمريكي بات يركز أكثر علي التاثير علي الثورة ومحاولة تطويعها وإلا إفشالها، فقد بدأت التركيز أكثر علي الجمعيات التي تعمل في مجالات سياسية، وخلال جلسة تعيين السفيرة الأمريكية الجديدة في الكونجرس، قالت باترسون إن المنظمات الأمريكية، مثل المعهد القومى الديمقراطى، والمعهد الجمهورى الدولى، التي تعمل فى مصر على تشجيع الديمقراطية ودعم وتنمية قدرات منظمات المجتمع المدنى المصرى فى المرحلة المقبلة تم دعمها بـ40 مليون دولار خلال الأسابيع الماضية.

وهذا بخلاف تخصيص 65 مليون دولار للمساعدات المتعلقة بدعم الديمقراطية فى مصر، و 150 مليون دولار لتشجيع النمو الاقتصادى، فضلا عن تكثيف زيارة المسئولين في هذه اللجان الأمريكية لمصر لدعم هذه البرامج والخطط مع المنظمات المصرية المتعاون، وخصوصا رئيس لجنة العلاقات الخارجية السيناتور جون كيرى والسيناتور جون ماكين المتواجدين حاليا بمصر !.

والملفت مع توالي هذا الدعم الأمريكي للديمقراطية بمعدل 8 ملايين دولار شهريا (حوالى 50 مليون جنيه مصرى) لهذه المنظمات المصرية التي تسعي لاستقطاب وتنشيط شباب وائتلافات شبابية جديدة، عقد عدة مؤتمرات لمعارضة التعديلات الدستورية والحديث عن إنشاء دستور جديد بدون الشريعة الاسلامية، فضلا عن ظهور ائتلافات "ثورية" جديدة بدات تطرح أراءا تصادمية مع الجيش والحكومة والتيارات الاسلامية وتسعي لعرقلة أنتخابات سبتمبر المقبل، حتي بلغ عدد إئتلافات الثورة قرابة 200 إئتلافا ضاعت بينها القوي الثورية الحقيقية التي تحملت العناء حتي أنتصرت الثورة !. وقد فطن بعض شباب الثورة لهذا ورفعوا مجموعات علي فيس بوك تحذر من هذا منها مجموعة علي فيس بوك عنوانها (ادله على تمويل منظمه فريدم هوس الأمريكية شباب من مصر لقلب نظام الحكم واثارة الفوضى) تحذر من تدريب (فريدم هوس) الامريكيه (بعض الشباب من دول عريبيه مثل مصر و تونس والأردن والبحرين وغيرها من اجل تغير انظمه الحكم )، وتكريس "جيل جديد من شباب يوتيوب المصريين لتوسيع الحقوق السياسية والمدنية في بلدهم ) . ويؤكد أنه في الفترة من 27 فبراير -13 مارس الماضي، استضافت بيت الحرية 11 شابا من المدونين من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمدة أسبوعين في واشنطن، لتدريبهم في مجال الفيديو، ورسم الخرائط الرقمية، وعقد لقاءات لهم في مجلس الشيوخ ومع مسؤولين رفيعي المستوى في المؤسسات الأمريكية المختلفة !. ا التوجه الأمريكي ليس قاصرا بالمناسبة علي مصر، ولكنهم يفعلون الشئ نفسه في سوريا واليمن والعراق وليبيا وغيرها، لحماية مصالحهم قبل أن تجرفها الثورات الشعبية العربية، بدليل قيام المخابرات الأمريكية بالإعلان في الايام الماضية عن دعم محدود القيمة بعدة ملايين لما يسمي بمنظمات حقوق الإنسان والمعارضين في بلادنا العربية وخصوا سوريا بجزء منها تحت زعم نشر الديمقراطية وهو ستار كثيف مضلل . بغي كشف ممارسات الجمعيات والمنظمات والأفراد الذين يثبت بالدليل القاطع مخالفتهم القانونية وعرض مناط المخالفة على الرأي العام ؛ وعرض نماذج العمل الأهلي والخيري والتطوعي وقواعده في دول مثل الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، فيمثّل زاويتي هذه القاعدة كل من الجيش والإخوان، حيث تناوب الطرفان خلال الثلاث سنوات على تولي السلطة، وكان تولّي كل منهم للسلطة يتم بتحالف ودعم من الطرف الآخر طوال عامين ونصف، قبل أن يتم الإطاحة بالإخوان نهائياً خارج المشهد السياسي الرسمي ليحل محلهم – في التحالف مع الجيش – نخب مدنية. أما رأس هذا المثلث المقلوب فتتمثل في الفاعلون غير الرسميون من خارج السلطة، من الذين يطلق عليهم إعلامياً "الدبلوماسية الشعبية"، إلا أنه لا يمكن التغاضي عن هذا التأثير المحدود، لاسيّما في ظل احتمالية تكراره مستقبلاً أو اتخاذه مسارات مغايرة. كما أن وجاهة أخذ هذا الدور المحدود في الإعتبار تأتي من المزاج الثوري المميز لهذا الطرف مقارنة بالنزعة المحافظة لدى الجيش والإخوان وتقيدهم بالحسابات التقليدية وإكراهات السلطة في العلاقة بالخارج. هذا فضلاً عن أن البيئة السياسية كانت مهيئة لممارسة قدراً من التأثير لهذا الطرف على الطرفين الآخرين.

تحددت ديناميات التفاعل بين الأطراف الثلاثة على وقع تفاعلات البيئة السياسية داخلياً وخارجياً. ويتمثل الملمح الأول لهذه البيئة في المعدل السريع لدوران النخب الحاكمة، فضلاً عن بعض التناقضات داخل تحالفات السلطة في بعض الأحيان. فقد تعاقبت على السلطة ثلاث نخب حاكمة طوال السنوات الثلاث، حيث تولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة السلطة مدعوماً من جماعة الإخوان المسلمين عقب الإطاحة بمبارك؛ ثم تولى الإخوان السلطة لمدة عام بدعم ظاهري من الجيش؛ إلى أن انتهي حكم الإخوان نهائياً وتولى السلطة تحالف مكون من الجيش والقوى المدنية، مع نفوذ واضح لمراكز قوى دولة مبارك من الفلول وأجهزة الأمن. وخلال المراحل الثلاث، لم يقتصر التغير في السياسة الخارجية على التبدل في النخب التي تناوبت على السلطة فقط، لكن تأثر الأمر كذلك بالتناقضات داخل ذات التحالف الحاكم خلال كل مرحلة.

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم