صحيفة المثقف

الزمن السائل

wadea shamekh2للزمن سطوة وقدرة وقوة على الحياة برمتها، كائن هلامي يمر دون حوار مع الكائنات والطبيعة، لا جدول لأعماله، ولا راحة له، لا يستفتي أحدا .. له صمته المهيب وسريانه الجليل.

الزمن مرآة صافية الوضوح لا مناص لنا من الوقوف عندها يوميا دون كلل ولا ملل ولاعذر ..

مرآة نقرأ فيها تاريخنا السري ونمضي ليوم آخر من عمرنا المتأكل بألته .

...........

في لوحة الزمن السائل للفنان السوريالي الكبير سيلفادور دالي، يلخص محنة الساعات وهي تتجعد وتسيل على يد الطبيعة والكائانات هي ساعات رخوة أرهقتها دقّات الزّمن المتتالية باستمرار فانصهرت وارتخت وضيّعت شكلها عمدا وسالت اعتباطا .

هكذا سيتجعد الزمن في لحظة ويطوي المائدة العامرة بالمشتهيات ..

............

كيف للكائن البشري أن يضع الزمن ليس في " ساعة يد ذهبية " بل سحابة هاربة ؟

كيف يلحق بالزمن واشتراطاته .

ذاك هو حوار الجوهر للجوهر، الزمن طريق ونحن المارة ..

الزمن ناقوس ونحن النحاس .

الزمن سبورة ونحن الكلمات

.............

في حكاية معلم الصبيان للجاحظ " أنكر فيها الحكمة لهذا المعلم الذي يقضي يومه صباحا بين الصبيان ومساءً بين النسوان."

حكاية عابرة لمن لا يقرأ تجاعيده في المرآة ..

حكاية ثاقبة لمن يكتب حروفه وآلة الزمن تلدغ برقصاها كلّ جانح للجنون

.............

ساعة الزمن ماهرة بقضم الحياة برتابة عالية

دوران لا يتصابى، ومروق لا يشيب

زمن سائل جدا .. لا يتسامى، لا يتصالب، لا يمطر

وجه واحد يتكرر في المرآة ونحن نردد ادوار إستحالته .

...................

هو في المرايا، جحود في الذات ..

كلّ يوم له مكيدة، ونحن نتفرسها بلا شهية .

...............

دالي يا سلفادور .. لقد طعنك الزمن أيضا، وها أنت شوارب معقوفة في قبر مغلق .

ظل باهت في مرايا الحياة

نزوات لم تعد على قائمة الموائد

دالي إتصل بي على رقمي الحالي

000

ستجدني رجل أطفاء

رجل اسعاف

رجل شرطة

كي أكافح اللغط الذي زرعته في حقل الزمن

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم