صحيفة المثقف

رسالة هايكوية .. للحوار

bushra albustani• جمال مصطفى

الشاعرة الفذة بشرى البستاني

وداً ودا

يستحق الهايكو عربيا ً دراسة ً أكاديمية رصينة تستجلي مناحيه إبداعا ً وتنظيرا ً ولا يتصدى لعمل كهذا إلا دارس منغمس في الحقلين : حقل الإبداع وحقل النقد الأكاديمي

الجاد ولحسن الحظ هذا متوفر في شخص الأستاذة الشاعرة بشرى البستاني .

الحديث في الهايكو ذو شجون فهو حديث في الشعر ثم هو حديث في خلفيات شكل الهايكو ومضمونه والتحولات التي طرأت عليه فور خروجه من حاضنته الأولى اليابان وهو حديث عن انبثاقه الجديد من رحم اللغة العربية وما يستتبع ذلك من تغيير في ملامح الهايكو وهل هذا التغيير مرغوب إرادي أم حتمي , وهذا يأخذ المتتبع الى مشهد ربما سيتكرر وهو اتخاذ النماذج المترجمة كأنموذج يحتذى كما حدث مع الترجمات التي اتكأت عليها قصيدة النثر العربية وهل يتحمل جسد الهايكو النحيل شداً الى حد الإكتفاء بكلمتين أو كلمة وهل يتسع فيغدو رباعي الأسطر وما هو الحد الفاصل بين قصيدة من ثلاثة أسطر وهايكو من ثلاثة أسطر وماذا عن الإسم ذاته فكلمة هايكو لا تنصرف

مثل الكلمات العربية لأنها مفردة أعجمية وهل كلمة هايكو بالعربية مؤنث مجازي أم مذكر مجازي وإذا بالغ الشعراء في التجريب وسيبالغون لا محالة فما هي النواة التي تحفظ للهايكو روحه فلا تندغم في قصيدة الشعر العادية المعروفة والكثير الكثير من الأسئلة وهل سيأخذ الشاعر العربي قصيدة الهايكو اليابانية مرجعية ً له أم يندمج مع ما طرأ على الهايكو من تغيرات في الغرب والعالم وما هي المعيارية التي على أساسها سينفرز الهايكو المكتوب بالعربية باعتباره هايكو أو قصيدة شعرية قصيرة كانت معروفة من قبل وستبقى تحت مسميات عديدة كالومضة او اللقطة او الشظية وما الى ذلك ؟

لا يسعني سوى ان اتقدم بالتحية للشاعرة العزيزة بشرى البستاني على اقتحامها اللذيذ المتعب لحقل الهايكو وحراثته وتخصيبه بما عندها من رصانة أكاديمية وموهبة شعرية وبهذين الحسنيين ستضع دراسة تشير الى الطريق فبورك المسعى ودمت في صحة وإبداع سيدتي .

قبل 8 ساعات - 17 - 05 – 2015

 

• سالم الياس مدالو

الاستاذة الشاعرة والناقدة الرائدة والرائعة يشرى البستاني

شكرا على هذه المقالة الرائعة والناضجة حول قصيدة الهايكو

لاشك ان الدخول في بوابة قصيدة الهايكو ليس بالسهل ولكن بالتجريب والممارسة وامتلاك رؤى مستقبلية ومنفتحة نخطو بهذا الاتجاه بمصداقية وثبات كلنا نعرف ان الانطلاقة كانت من اليابان وعلى شعراء العربية الاستفادة من القصائد المترجمة من اللغات الأخرى

ومن كلاسيكيات الهايكو الياباني العظام امثال باشو وغيرهما ولكن اقتفاء اثرهم حرفيا ق لايخدم مسعانا النبيل في تثبيت اصول وقواعد العراقي والعربي وهنا اود ان اقول نلاحظ في بعض القصائد المترجمة لكلاسيكيات الهايكو الياباني تظهر انها ناقصة الشعرية وانها مجرد نقل حالة او مشهد ما واعتقادي ان شاعر الهايكو العربي عليه العمل على اظهار الشاعرية في قصيدة الهايكو العراقي والعربية لان الشاعرية عنصر مهم في كل جنس ادبي يدعة بالقصيدة ونعم ان بترجمة الهايكو للشعوب والثقافات المختلفة مهم جدا لبناء ما نسعى اليه والهايكو بحر عظيم متلاطم الامواج وبراري براري واسعة مملوءة بالازهار وبالاشواك وكل ما في عناصر الطبيعة من صالح وطالح واستغلال هذه العناصر استغلالا موضوعيا وصالحا لللانسانيةهو المنطلق الصحيح لعبور جسر الهيكو نحو افاق اكثر جمالا وبهاء

شكرا مرة اخرى الشاعرة والناقدة الأستاذة بشرى البستاني على هذه المقالة المضية الناضجة

 

حول الهايكو

تقديري واعتزازي

الزميلان المبدعان جمال مصطفى وسالم الياس

تحية الإبداع والشكر والمحبة

ما أوردتموده من ملاحظات مهمة حول الجزء الاول من دراستي (الهايكو العراقي والعربي بين البنية والرؤى) إنها إشارات مهمة كانت ببالي وأنا أفكر بالكتابة؛ لأنها تدخل في بنية الهايكو وفي رؤيته معا، وقد تناولت بعضها في الجزء الثاني من الدراسة، وبعضها الآخر يحتاج لمصادر أصلية تعنى بالتوثيق أفتقدها للأسف وأنا بعيدة عن بيتي ومكتبتي، وعن مكتبات جامعتي، وكانت مكتبات عمان وشومان وجامعتها لم تسعفني إلا بالقليل . تحدث الجزء الثاني الذي سيطرح قريبا باختصارعن موضوعات الهايكو، وكيف خرجت عن حدود الطبيعة إلى مضامين أخرى، وسأتناول في مبحث تطبيقي هذه الأمور لتكون أكثر وضوحا مع حضور ملاحظات هذا التجمع النشط بكل أعضائه، فكل ملاحظة تدون على نص هايكوي أو دراسة في الهايكو، هي أمر ضروري لترسيخ الأسس أولا، وتوضيح الرؤى ثانيا، وتلمّسِ ما يجب أن يبقى بابا مفتوحا على فضاء الإبداع، كي يفسح مجالا كافيا يتسع للعبة الشاعر الفنية في قصائده ..

في عبور الهايكو من اليابان الى آداب عالمية أخرى كانت تجربة شاعر الهند الكبير طاغور تغرد ليس بعيدا عن سرب الهايكو الياباني وما جربه الشاعر إزرا باوند رائد التصويرية الامريكي مطلع القرن الماضي كان صدى لاكتشافه وإعجابه بالهايكو الياباني، كما حاولت الدراسة الاشارة الى زمن حضور الهايكو روحا وفنا في الشعرية العربية، معتمدة التواريخ التي دونتها نصوصهم وما أتاحته مصادر النت التي لم أكن أقبلها أكاديميا، لكن الرجوع اليها صار ضروريا حين يغيب مصدر التوثيق الورقي في الكتب والدوريات . وسأشير إلى ملاحظاتكم القيمة باختصار، آملة من أصدقاء الهايكو في تجمعنا المشاركة في إثراء هذا الحوار ؛ لأن تفاعل الآراء هو الذي سيقوم بتشكيل الهايكو العراقي بنية ورؤى، وما هذا الذي سأقوله إلا رأي بين آرائهم.

الحديث عن انبثاقة الهايكو الجديدة من رحم اللغة العربية وما يستتبع ذلك من تغيير في ملامح-1

الهايكو وهل هذا التغيير مرغوب إرادي أم حتمي، هذا التساؤل مهم عزيزي الاستاذ جمال، لكن المتابعة الدائمة للمجز هي التي ستحدد ذلك . التطوير والتغيير والتجاوز في الابداع أمر تحتمه الظروف الخارج نصية من تحولات تصل أقصاها بحيث لا يعود الشكل الفني السائد قادرا على الوفاء بالتعبير عن هموم المرحلة الجديدة من جهة، مما يُملي على المبدعين من ذوي المواهب المقتدرة والوعي المتوهج بالعلم والمعرفة العمل على البحث عن بدائل فنية ملائمة . ومن جهة أخرى فإن طبيعة اللغة العربية وتراثها الشعري بعمره الطويل، لا يمكن نسفه كليا ونحن نقبلُ على تقديم فن جديد بهذه اللغة، بل إن تطوير النموذج الأصلي وتخصيبه بسمات الارهاص الجديد أمر سيغني اللغة ويطور أداءها ويزيدها جمالا، فاللغة ابنة الحضارة والفنون الشرعية، إن ازدهرت الحضارة أينعت اللغة وتفتحت، وإن ذبلت بيئة اللغة وأصابها الشحوب اصفرت اللغة وأصيبت بالوهن، ومتابعتنا النقدية لكل نص جديد كما يفعل مبدعونا جميعا، ستكشف يوما بعد يوم ايجابيات النص وسلبياته معا . إن متابعة النقد هنا قضية مهمة لأن مغادرته ستؤدي الى التشظي والارباك والترهل كما حدث مع قصيدة التفعيلة وقصيدة النثر حين نسي النقد مهمته في تأشير الابداع من غير الابداع فصار نصف شباب الوطن العربي شعراء، واعتقد أن هناك ثوابت فيما يخص البنية تعمل على توطيد الجنس أو النوع الشعري، وفي التزام علوم العربية التي أوشكت أن تضيع منذ استسهل الهاوون النشر بادعاء الشعر. وهذا الأمر مفتوح للحوار دوما من أجل إثرائه .. حتى يترسخ النموذج.

2- هل سيكون النموذج المترجم أنموذجا يحتذى به كما حدث مع الترجمات التي

اتكأت عليها قصيدة النثر العربية وهل يتحمل جسد الهايكو النحيل شداً الى حد الإكتفاء بكلمتين أو كلمة وهل يتسع فيغدو رباعي الأسطر وما هو الحد الفاصل بين قصيدة من ثلاثة أسطر وهايكو من ثلاثة أسطر .. هذه كلها أسئلة مشروعة عزيزي، ولو اقتفينا أثر النصوص المترجمة فلن نكون قد أنجزنا فنا شعريا عربيا، بل قلدنا نصوصا مستوردة، وجسد الهايكو بالدربة والتمرن سيعتاد على التكثيف والتعبير بروح الهايكو، لأن التكثيف صار ضرورة عصرية لتغير ايقاع الزمن وسرعته المذهلة، أما عن الحد الفاصل بين قصيدة من ثلاثة أسطر وهايكو من ثلاثة أسطر، فاجتهادي القابل للرد والحوار يقول، إن قصيدة من ثلاثة أسطر هي ومضة على الأكثر، أما أسطر الهايكو فهي مشهد مصغر ينفتح على فضاء كبير، وهناك فرق بين الومضة والمشهد، الومضة أكثر ما تكون جمالية، والمشهد أكثر ما ينطوي على حكمة، ما فضلا عن جمالية تشكيله الشعري، أتذكر ومضة موزونة ومقفاة كتبتُها قبل عشرين عاما مع ومضات أخر منشورة في ديوان (البحر يصطاد الضفاف) الصادر عن دار الشؤون الثقافية بغداد:

من طرق البابْ

في هذا الصحوِ الأخضرِ

أعطاني غصنَ الفلِّ، وغابْ

هل يمكن أن تكون هذه الومضة هايكو ...؟ لا أدري لماذاَ لا أتقبل إدراجها في الهايكو، وما زلتُ أبحث عما يمكن أن يجعلنا نفرق معرفيا بين النموذجين، وليس اعتمادا على الذوق حسب، لأن الاذواق متباينة، وكلٌّ منا في الحوار ينتصر لذوقه، نعم قد تتشابه الاذواق ذات الحس الشعري والجمالي ولكنها لا تتطابق، ونحن نحتاج لتعليلات جمالية معرفية لبناء النموذج، لكن من المؤكد أن قصيدة الومضة أو اللقطة أو الشظية أو ما تعرف أكاديميا بالقصيدة المركزة هي نواة الهايكو العربي، والباحث في الشعر العربي المعاصر ولا سيما في الربع الأخير من القرن الماضي، سيجد الكثير من الشعراء الذين ترد عندهم هذه التشكيلة . أما عن الرباعيات فشعرنا العربي زاخر بها ولاسيما شعر المهجر وجماعة أبولو وغيره، وجلها لا يقترب من روح الهايكو، ولذلك فإن التزام الأسطر الثلاثة سيكون أساسا بنيويا في الهايكو العراقي كما فعل معظم زملائنا من الشعراء العرب ..

3- مفردة هايكو صيغتها الصحيحة هي التذكير، فمفردة راديو التي لم يصحب استعماله أي تردد التزمت التذكير حال تعريبها، ولم يلقَ تعريبها أي إشكال في الاستعمال، وأعتقد أن (هايكو عراقي أو هايكوعربي) صيغة سليمة، وستندمج في سياق استعمالها على الأغلب..

4- و(هل سيأخذ الشاعر العربي قصيدة الهايكو اليابانية مرجعية ً له أم يندمج مع ما طرأ على الهايكو من تغيرات في الغرب والعالم )، ما جذبني شخصيا لهذا النشاط الهايكوي هو الدعوة لهايكو عراقي، عربي فما علينا الا تحمل مسؤولية الطرح والدفاع عنه، وابتكار الطرائق التي تجعل منه نموذجا عراقيا عربيا حقا، ولن يكون ذلك الا برؤى عراقية عربية، وبالتعبير عن مكابدة ومعاناة عراقية عربية، وروحانيات نمت وازدهرت وأينعت ثمارها في التراث العراقي والعربي، وفي الدعوة الى سلام وأمن وصفاء، والى قيم تكون بديلا للحروب وقتل الانسان والطفولة وسحق الطبيعة معا. وبتطويع اللغة العربية ذات المرونة العالية للأخذ بمستلزمات الفن الجديد .

5- نعم عزيزي الاستاذ سالم، الدخول في بوابة قصيدة الهايكو ليس بالسهل ولكن بالتجريب والممارسة وامتلاك رؤى مستقبلية ومنفتحة نخطو بهذا الاتجاه بمصداقية وثبات، وحين بدأت بتأمل هذا الفن صرت أعجب ممن كتبوا قبلنا بقرون ويكتبون الآن، ان الهايكو فن سهل بعيد عن الصعوبة والتعقيد وبعضهم يتبع الجملة بكونه يهدف للتسلية أو الحكمة، ولا أعرف كيف تجتمع التسلية بالحكمة إلا حين تكون الفكرة ناضجة حد الكد الذهني المعمق .

6- نلاحظ أن في بعض القصائد المترجمة عن كلاسيكيات الهايكو الياباني قصورا في ثراء الشعرية وانها مجرد نقل حالة او مشهد، نعم أتفق معك كثيرا، فقد لاحظت قصائد أتعبتني وأنا أبحث فيها عن باب تأويلي، حتى أيقنت أنها مجرد تركيب لغوي لا يضمر شعرية تؤازره، وهذا فعلا ما يجب أن يتجنبه الشاعر العراقي والعربي، وسيتجنه الشاعر الموهوب حتما..

7- أتفق معك في أن (الهايكو براري واسعة مملوءة بالإزهار والأشواك وكل ما في عناصر الطبيعة من صالح وطالح، واستغلال هذه العناصر استغلالا موضوعيا وصالحا للانسانية هو المنطلق الصحيح لعبور جسر الهايكو نحو افاق اكثر جمالا وبهاء ..) ولا يفوتني هنا القول، إن الشاعر العربي لو التفت الى طبيعته وثرواته التراثية ولما يمتلك تاريخه من حكم وكوارث وأمجاد معا، وما في أديانه وكتبه السماوية، وكنوزه الأدبية والفنية من روائع الإبداع العارم بالتلوين والتباين والتنوع، وبالحكمة والقيم، وبالنقاء وتجليات الروح، لتفوق على شعراء العالم بكتابة الهايكو، إن هذا الزمن العربي الطافح بالعذاب والدم وقتل الإنسان وتكالب الطغاة من جانبيه شرقا وغربا، يحتاج لنسائم روحانية تطفئ اللهب ويحتاج لثورة جمالية شرقية ذات قيم روحية طافحة بالحكمة والنور ليضيء العربيُّ وارثُ الحضارات هذا العالم المرهقَ من جديد..

شكرا وتحية أصدقائي المبدعين جمال مصطفى وسالم الياس، ومزيدا من الجهد على طريق إرساء النموذج، و لكل الزملاء في هذا النشاط الإبداعي، محبة وامتنان، أقول لهم جميعا،، حواركم الدائم مهم جدا.  

 

أ.د. بشرى البستاني

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم