صحيفة المثقف

الرسام محمد بالهادي الشريف يترك مشاريعه وأعماله ويهيم بالفن

لوحات أخرى بدت فيها الطبيعة في تجلياتها المتعددة كما كانت هناك لوحات تحتفي بالوجوه ومن خلال البورتريه سعى الرسام الشريف الى ابراز حيز من حميميته تجاه الناس والعائلة مثلا وقد كانت حياته مع الحاجة زوجته مهمة مثلما يقول في مسيرته حيث وجد الدعم والتشجيع ..كيف لا وهو الفنان العصامي الذي كابد منذ شبابه للعمل الى أن هام بالرسم تاركا مشاريعه ليتفرغ للرسم وكانت النتيجة هذا المعرض الكبير ..

تتجول بين اللوحات وتتصفح الكتاب العملاق لتجد تلك الرسوم التي تبرز معها حكاية هذا الغرام الاستثنائي بالرسم..الأعمال متعددة الثيمات وفيها العوالم التجريدية والسوريالية والساذجة البسيطة ..

751-blhadi 

الفن درب من الدروب المؤدية الى الكينونة وعوالمها المأخوذة بفتنة العناصر والأشياء والتفاصيل ..ذلك أن الكائن الانساني في ترحاله البهيج كان تواقا الى الكشف والاكتشاف نشدانا للحوار الآخر مع الذات ضمن جدلية المحاورة والمحاولة ومن هنا نلج عوالم الفنانين التشكيليين لنلمس شيئا من هذه الرحلة المعنونة ببراءة الأفعال وبساطة الأحلام وعمق السؤال الدفين الذي هو من قبيل الحيرة..تلك الحيرة الكبرى التي تستبطنها ذات الفنان هذا الكائن الذي يقيم بين اللون والظلال..

ببراءة الأطفال وخبرة الحياة الطويلة مضى صاحبنا الرسام في حديثه عن الحياة وملابساتها وعن حلمه القديم منذ الطفولة الأولى أين اقام حيزا من حرصه على تعلم الرسم وكتابة الشعر وعشق الجمال قيما ومثلا وأمكنة وثقافة...و هكذا ..

كبرالحلم وكبر معه صاحبنا وانتهى به الأمر مؤخرا الى أن يعرض بهجته للناس وللعابرين ولأحباء فنه..

هناك وبضاحية مقرين افتتح الرسام عم محمد بالهادي الشريف معرضه وتحديدا بمنزله حيث اتخذت لوحاته من أرجاء المنزل بالمدخل والحديقة والصالون ة الأروقة مجالا للحضور البهيج..

يستقبلك ببشاشة الأطفال المعهودة لديهم ولا يكف عن الكلام والحديث اليك عن كل لوحة وتفاصيل حكايتها ومناخات رسمها الثقافية والاجتماعية والوجدانية..لوحات كثيرة متفاوتة الأحجام والمواضيع ..و بالنسبة للمواضيع فان سي الشريف لا يقلقه شيء فهو بوسعه رسم البورتريه وكذلك المشاهد اليومية وأيضا المقولات والحكم والأفكار ..هو فقط يخرج ما بداخله من بهجة وهموم وأحلام لا رابط بينها سوى فكرة الطفولة والبراءة..

في لوحة مثلا جمع محمد بالهادي الشريف جل المصطلحات والشعارات التي ترددت كثيرا بعد الثورة فبدت اللوحة ديوانا للأقوال بما هو ايجابي فيها وبما هوسلبي وهو بذلك سعى للتأريخ الفني للمنطوق الاجتماعي والسياسي بعد 14 جانفي 2011...

لوحات أخرى بدت فيها الطبيعة في تجلياتها المتعددة كما كانت هناك لوحات تحتفي بالوجوه ومن خلال البورتريه سعى الرسام الشريف الى ابراز حيز من حميميته تجاه الناس والعائلة مثلا وقد كانت حياته مع الحاجة زوجته مهمة مثلما يقول في مسيرته حيث وجد الدعم والتشجيع ..كيف لا وهو الفنان العصامي الذي كابد منذ شبابه للعمل الى أن هام بالرسم تاركا مشاريعه ليتفرغ للرسم وكانت النتيجة هذا المعرض الكبير ..

تتجول بين اللوحات وتتصفح الكتاب العملاق لتجد تلك الرسوم التي تبرز معها حكاية هذا الغرام الاستثنائي بالرسم..الأعمال متعددة الثيمات وفيها العوالم التجريدية والسوريالية والساذجة البسيطة ..

كون من أحلام وزفرات فنان رأى في الفن عالما مخصوصا كما أنه أحب الفنانين وكان لا يغيب عن المعارض..و يفرح للرسامين في كل ما ينجزونه..حدثني عنه الرسام الصديق ابراهيم العزابي وحين زرت المعرض وجدت الحكاية العميقة التي أحالتني على هذا العشق الاستثنائي تجاه الفن من قبل الرسام محمد بالهادي الشريف..

المعرض زاره عدد كبير من الرسامين والفنانين ورجال السياسة والأعمال ...و غيرهم

و منهم العزابي والقسنطيني والزنايدي وبن عامر وقويعة وبيدة وعياد ...و رشيد صفر والهادي البكوش وعمر الشاذلي وعدد من الموسيقيين مثل المنذر بركوس وآخرين كما أنه كان صديقا للفنانين الذين رحلوا ومنهم عبد العزيز القرجي وزبير التركي..

عن هذا المعرض كتب وتحدث الفنانون ومنهم الحبيب بيدة الذي يقول عن تجربة الرسام محمد بالهادي الشريف "...في فضائه عناصر حكائية طائرة دون طيران ومتحركة في مسافات لا محدودة..تذكرنا تجربة محمد الشريف بمسارات الفن الخام.." أما علي الزنايدي فانه يقول "..هو فنان مدهش غاص في أعماق الابداع واللون والتقنية " ..الفنان سامي بن عامر يتحدث عنه فيقول "..فضاء محمد الشريف مدهش ويعكس شخصية ظريفة ومثقفة وفنانة تهتم بتفاصيل الحياة وبعمقها .." كما يقول الفنان ابراهيم العزابي عن

تجربته ".. شدتني عديد الأعمال كتلك الرسوم الخطية التي جمعها في ألبوم فيما اعتمد أساليب عدة في التعبير عن أحاسيسه الباطنية مستعملا اللطخات اللونية والخطوط المتنوعة كما أنه ميال الى السرد الحكائي في لوحاته..."

في حديثنا معه كان يذكر كثيرا من الأبيات الشعرية لشعراء مختلفين ويرى في الفن"..مجال للتعبير عن آرائنا ..عن الحب والحياة وهما نتاج التقاء الماء بالماء..أعشق الطبيعة ..من خلال عمل والدي مع معمر فرنسي وفي جردة بنت الري تأثرت بالأجواء التقليدية الأصيلة وحفظت الشعر وكتبته في ما بعد واقتربت أكثر من ابن زيدون والمتنبي..عام 1958 كتبت قصيدا عن تونس والجزائر ..و تأثرت بروسو وستاندال وبالزاك..علاقتي بالجرائد خرافية ولدي 75حاوية كرتونية من الجرائد...الألوان أتعامل معها بوجداني ولوحاتي بمثابة أبنائي فانا لا أبيعها .."

هذا هو الفنان البسيط والعميق عم محمد بالهادي الشريف في هذا الأسر الجميل بين لوحاته التي هي العائلة الأخرى والحلم المتواصل..و الملاذ في هذا الزمن التجريدي..المربك.

 

شمس الدين العوني

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم