صحيفة المثقف

رحلة في العتمة

bushra albustaniهذه السيدةُ مرضٌ كونيٌّ عضال

لن يشفى فصادقيه

 


 

رحلة في العتمة / بشرى البستاني

 

في السابعة والسبعين احببت رجلا لا أعرفه

شاباً في الثلاثين

من بلد بعيد لم يسبق لي أن زرته،

قررت أن أقول له ليستغربَ

فأكتشف غباءهُ وأنساه

لكنه أرسل يقول إنه يعرفني من الف عام

وأنه بالرغم من تأخري

ظل مسكونا بالمحنة

***

في السابعة والسبعين هاجمني غرباءُ ليلا،

كنت أقرأ يوليسس،

انتزعوا الكتاب ورموه بعيدا،

سألوني ماذا يقول هذا الكافر،

قلت، شيئا ذا علاقة بأوديسة هوميروس

وسعادة غامضة

وحداثة لا نعرفها

قالوا اجلدوها بالنشوز،،

جلدوني سبعا وسبعين جلدة،

ورموني خارج البلاد ..

***

في المدينة البعيدة سألوني لماذا،

قلت، لا شيء،

هي قصة غرامٍ عابرة

راح ضحيتها ألافُ آلاف الأبرياء،

ملايينُ الجرحى

الافُ آلاف العوائل

مات الاطفالُ في البراري

وظلت النساءُ تطهو في المياه الحصى

وتعفر ضفائرها بالتراب

سألوني ثانية،

ولكن لماذا ..؟

قلت لا شيء فقط محتلان

واحدٌ من الغرب وآخرُ في الشرق.

وآخرون من الزواحف السامة

وقطعانٌ من الذئاب والضباع.

***

في الليل ترعبني سيدةٌ طويلة الانياب

تلوِّح لي بحبال سوداء غليظة

فأتحسسُ عنقي رعبا

أهربُ من الغرفة فأجدها أمامي

ذهبت لطبيب الحيِّ المجاور

قال لا تخافي،

هذه السيدةُ مرضٌ كونيٌّ عضال

لن يشفى فصادقيه.

**

ظلت السيدة معي،

بقينا في الليل نتناوب رعباً

ما بين الغرفة والصالة،

وظلتْ رسائلُ الحبيب تأتي من بعيد،

وبقيتُ أقرأها على جهاز بارد،

وتمنعني السيدة طويلةُ الانياب من كتابة رد

بينما الحبيبُ يتواصل مع الجهاز..

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم