صحيفة المثقف

أربعة فـوانـيـس عـمـيـاء في ليل مشفى فلندرز

yahia alsamawiأدْنـيـتِ مـن صـحـنـي الـقـطـوفَ

وطـيـنَ عُـشـبـي مـن سـمـائِـكْ

 


 

أربعة فـوانـيـس عـمـيـاء في ليل مشفى فلندرز / يحيى السماوي

 

( 1 )

يـا قـتـيـلَ الـلا  أحـد

 

يـا قـتـيـلَ الـلا  أحـدْ

 

مـنـذ   ودّعْـتَ  " الـفـراتـيـنِ " وبـسـتـانُـكَ فـي جَـزْرٍ

وصـحـراؤُكَ فـي الـغـربـةِ مَـدْ

 

نـهـرُكَ الـصـخـرُ ...

وأمـطـارُكَ جـمـرٌ ...

والـيـنـابـيـعُ زَبَـدْ!

 

يـا قـتـيـلَ الـلا أحَـدْ

وعـدوَ الـلا أحَـدْ

وصـديـقَ الـعـشـبِ والـوردِ / الـعـصـافـيـرِ / الـمـرايـا

أيـهـا الـخـاسـرُ قـبـلَ الأمـسِ غـدْ

 

هـل تـصـدُّ الـرِّيـحَ والـسـيـلَ ونـاراً

خـيـمـةٌ دون وتَـدْ؟

 

تـعـتـمُ الأحـداقُ والـقـلـبُ

إذا الـشـمـسُ تـغـشّـاهـا الـرَّمَـدْ

 

دالـتِ الأرضُ

فـلا سـومـرُ بـيـتَ الـمـاءِ والـبـرديِّ والـبـطِّ

ولا نـافـذةُ الـضـوءِ أكـدْ

 

فـإذا الأرنـبُ نـمـرٌ

وإذا الـشـاةُ أسَـدْ!

 

وتـسـاوى فـي قـوامـيـسِ الـهـوى

وصْـلٌ وصـدْ

 

أزِفَ الـحَـتْـمُ

فـلـن يُـنـجـيـكِ مـن بـئـرِكَ

حَـبْـلٌ مـن مَـسَـدْ!

 

ويـواقـيـتُ وحـقـلٌ ووَلَـدْ

 

فـادخُـلِ الـكـهـفَ

أمـا أتـعَـبَـكَ الإبـحـارُ فـي الـلاشـيءِ

يـا هـذا الـجَـسَـدْ؟

 

مـا الـذي تـربـحُـهُ مـن بـعـد خـسـرانِـكَ

فـردوسَ الـبَـلَـدْ؟

***

 

( 2 )

دهـشـة

 

مـنـذ عـقـودٍ وهـو فـي غـربـتـهِ

مُـنـطـفـئُ الـضـحـكـةِ

أعـمـى

أخـرسٌ أصَـمْ

 

سـريـرُهُ الأبـيـضُ

والـوسـادةُ / الـشـراشـفُ الـبـيـضـاءُ

دون دمْ

 

الأمـسُ مـن ورائِـهِ بـخـنـجـرِ الـوهْـمِ

ومـن أمـامِـهِ

مَـتـاهـةُ الـعَـدَمْ

 

دروبُـهُ الـغـربـةُ والـوحـشـةُ

والـســأمْ

 

مُـكـبَّـلُ الـخـطـوِ

وإنْ كـانَ طـلـيـقَ فـمْ

 

مـمـتـلـئٌ دفـتـرُهُ

ونـاضـبٌ مـن حِـبـرهِ

الـقـلـمْ

 

عـجـبـتُ

كـيـفَ يـصـرخُ الـصَّـنـمْ

مـن شـدَّةِ الألـمْ!

***

 

(3)

يـا وجَـعَ الـنـدم

 

لـو يُـرجِـعُ الـنـدَمْ

الـى فـمـي سـهـمَ سـطـورٍ

كـنـتُ أدمـيـتُ بـهِ حـمـامـةً ضـوئـيـةً

هـديـلـهـا مـثـلُ أذانِ الـفـجـر ِ فـي الـحَـرَمْ:

 

حـطَّـمـتُ قـوسَ الـحـبـر ِ والأوراقِ

والـقـلـمْ

.................

...................

.........................

 

لـو يـبـعـثُ الـنـدمْ

 

طـيـورَ أحـلامـي الـتـي ذبَـحـتُـهـا بـخـنـجـر ِ الـظـنـونِ ..

لـو يُـنـبـِـضُ فـي مـقـبـرةِ الـكـلام ِ ما خـلَّـفـتُ مـن رِمَـمْ:

 

أعـلـنـتُ عـصـيـانـي عـلـى حـنـجـرتـي

وعـشـتُ عـمـري أخـرسـاً أصَــمْ!

 

............

.................

.......................

 

لـو يـغـفـرُ الـنـدمْ

خـطـيـئـة َ الـجـنـوحِ عـن دربِ نـدى زهـورِ وادي الـلـوزِ

والـخـمــرِ الـبـتـولـيِّ الـتـراتـيـلِ

ومـا ارتـكـبـتُ مـن معـصـيـةِ الـتـسـبـيـحِ لـلـصَّـنـمْ:

قـطـعـتُ مـني الـيـدَ والـقـدَمْ!

..........

.............

................

 

لـو يُـصـلِـحُ الـنـدمْ

مـا أفـسَـدَتْـهُ الـرِّيـحُ بـيـن صُـحـبـةِ الـمـحراثِ والـتـنُّـور ِ  ..

بـيـن الـوتـر ِ الـطـفـلِ ِ وبـيـن دُمـيـةِ الـنّـغـمْ:

 

رضـيـتُ أنْ أسـقـط َ مـن صـهـوةِ يـومـي نـازفـاً

مُـهَـشَّــمـاً بـصـخـرةِ الألـمْ

.......

..........

......................

لـو يُـعـشِـبُ الـنـدمْ

صـحـراءَ أعـراس ِ غـدي:

لـمـا اشــتـكـتْ قـارورةُ الـجـفـنِ نـزيـفَ دمْ!

............

................

..................

 

لـو أنّ لـلـنـدمْ

قـلـبـا ً كـقـلـبـي

لاشــتـكـى مـن وجـع الـنـدمْ!

***

 

(4)

ومضة

 

شَـجَـري ابـنُ شـمـسِـكِ

وابـنُ مـائِـكْ

وبـهـاءُ حـقـلـي مـن بـهـائِـكْ

 

أدْنـيـتِ مـن صـحـنـي الـقـطـوفَ

وطـيـنَ عُـشـبـي مـن سـمـائِـكْ

 

قـلـبـي سـلـيـمـاً بـاتَ

مـنـذ أصِـيـبَ ذاتَ هـوىً

بِـدائِـكْ

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم