صحيفة المثقف

ماذا يعني ان تقتني سيارة مرسيدس في المانيا؟

mulehim almalaekaمرسيدس علامة الجودة وعنوان البذخ والقوة والسلطة، واقتناؤها امتياز فاخر حتى هنا في بلدها المنتج، ولكن اقتناء سيارة مرسيدس أو بي ام دبليو أو الاغلى منهما اودي وبورشه، يعني مزيدا من المشكلات والتكاليف والالتزامات، لدرجة تصبح السيارة مجالا لانفاق مستمر وتبذير يفوق العادة لا يطيقه الا ذوي الدخل المفتوح جدا !

ان تكون سيارتك مرسيدس GLE 350 انتاج هذا العام، يكلفك بداية 61 الف يورو، والاصعب هي التكاليف الجانبية. فقيمة التامين الشهري الالزامي تصل الى 500 يورو، فيما تصل ضريبتها السنوية الى 1200 يورو، هذا غير تكاليف الصيانة الالزامية التي يوفرها لك الضمان(غارانتي) لمدة سنتين، او خمس سنوات، التي تتناقص في حقيقتها مهما فعلت بتقادم السنين. وتعني هذا التكاليف على سبيل المثال، اجراء الفحص السنوي لدى الشركة لتغيير زيت السيارة وسوائلها، وهنا تصل الكلفة 1500 يورو سنويا، واذا لم تُجر الفحص يسقط الضمان/ الغارانتي حتى اذا كانت السيارة جديدة !

اما تكاليف استهلاك البنزين فهي مهلكة، لأن سعة محرك هذه السيارة 6 الى 8 سلندر، واملاء خزانها اسبوعيا يكلف 150 الى 200 يورو، بمعنى ان الكلفة الشهرية للوقود تصل الى 800 يورو !

أما إذا تعرضت السيارة لعطل من نوع ما، فعليك ان تستعد لكارثة مالية من نوع خاص. فتغيير ماسحات زجاج السيارة يكلف 180 يورو. وتغيير مصباح الاضاءة الشمسي الامامي الصغير الواحد (في حاجب مصابيح يضم 14 مصباحا) يكلف 90 يورو، وإن لم تغيره بسرعة ستحترق باقي المصابيح فتدفع نحو 1400 يورو لتغيير كل الحاجب !! حتى اذا دفعت ما يسمى بالضمان الشاملFull Kasko   المكلف جدا.

اقتناء سيارة في المانيا نصفه ترف ونصفه حاجة، فهو ترف لأنّ وسائل النقل العام متوفرة بشكل قطعي وبتوقيتات مؤكدة وثابتة في مختلف الظروف، وان كانت اسعارها مرتفعة. أما كون السيارة حاجة، فلكونها توفر لك الوقت وهو اهم عنصر في الحياة في المانيا، بسبب حاجة الناس له في العمل والحياة .

لكن اقتناء سيارة في بلد تسير في شوارعه 45 مليون سيارة فيما عدد سكانه 82 مليون نسمة ليس امرا سهلا. فالوجاهة المألوفة في اغلب بلدان العالم باقتناء السيارات، مفقودة هنا، والناس لا يهتمون لسيارتك وحجمها وفخامتها، الا اذا تجاوزت قيمتها مليون يورو، فتصبح جذابة ملفتة للنظر، بخلاف ذلك فهي واحدة من الملايين الخمسة والاربعين التي تضايق الناس في شوارع هذا البلد.

ورغم ان شبكة الطرق السريعة في المانيا يبلغ طولها 78 الف كيلومترا، الا انّ الشوارع تضيق بالسيارات والعثور على اماكن وقوف يصبح كل يوم اصعب فاصعب، كما ان ساعات الوقوف ترتفع اسعارها، حتى بات سعر وقوف السيارة لمدة ساعة في مراكز المدن 3 يورو.

الصعوبة هي في قرار اقتناء سيارة، فالعروض كثيرة جدا جدا، والانواع المتداولة في الغالب كفوءة لأنها محددة بشروط السلامة الاوروبية TÜV، وهناك نوع من العروض اسمه سيارة العام( وهي سيارة موديل نفس السنة التي انتجت فيها لكنها مستخدمة قليلا) وهكذا ينخفض سعرها بمقدار 5 الى 20 الف يورو عن الجديدة حسب نوعها بسبب سقوط الضريبة عنها والاستخدام المحدود.

السيارات المستخدمة المعروضة للبيع كثيرة واغلبها نظيف وممتاز، فكثير من الالمان يغيرون سياراتهم كل خمس سنوات بغض النظر عن وضعها، وتكون في الغالب قد قطعت 50 الى 70 الف كيلومتر، فهي جديدة وتصلح للخدمة 10 سنوات اخرى دون عوارض. وهكذا فان اسعارها تكون مغرية بسبب وفرة الانتاج الجديد الذي يغزو السوق.

طبيعة سوق السيارات في المانيا تختلف عن اسواق الشرق الاوسط بشكل حاسم، وما يعد سيارة فاخرة في الشرق الاوسط، يصبح هنا من اسوأ النوعيات وتنخفض اسعاره بشكل مخز. وعلى وجه العموم ينظر كثير من الزبائن هنا الى السيارات القادمة من امريكا وآسيا باعتبارها نوعيات رديئة غير قابلة للاعتماد. فسيارات شيفروليه الجديدة لا تتجاوز اسعارها 15 الف يورو! رغم فخامتها وسمعتها عبر العالم وخصوصا في البلدان النفطية. فهي هنا من سيارات الدرجة الرابعة او الخامسة ولا يقتنيها في العادة الا ذوي الدخل الضعيف جدا.

وكذلك الحال مع سيارات كيا وهونداي، اذا تعد من سيارات الدرجة الثالثة او الرابعة، اما الماركات الاسيوية الاخرى فلا تقبلها اسواق المانيا باعتبارها غير مطابقة لشروط المتانة الاوروبية. طبعا هذا لا يشمل السيارات اليابانية التي يحترمها السوق الالماني الى حد كبير وتنافس اسعارها اسعار سيارات المانيا من الدرجة الثانية والثالثة.

ويجري اختبار كفاءة ومتانة السيارة الجديدة بتمييز صوت اغلاق بابها، فالسيارات الألمانية تملك ارخم صوت في اغلاق ابوابها دون استثناء، من هنا يقول خبراء السيارات، ان السيارة الالمانية بأبوابها تمتاز على كل سيارات العالم.

تمتع بسيارة مرسيدس الفاخرة واقرأ على جيبك السلام !

 

ملهم الملائكة

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم