صحيفة المثقف

رهان ألعبادي على التكنوقراط أمام العقليات التي أصرت لطائفي كسفير للسعودية!!!

عراقنا الغالي هذا وللاسف الشديد لم يعد وطنا بعد ان سلبت منه المؤهلات الاساسية، كوطن وكدولة وكنظام، حتى أمسى مجرد بقعة من أرض شبه جرداء تعلوها الانقاض وتحتلها وتعبث بمصيرها مجموعات من أنواع شتى من مجرمين ولصوص وداعمي اراهبي داعش من كتل سياسية، ممن كفروا بولائهم لترابه المقدس وجعلوا من شرفهم وقيمهم الانسانية سلعا رخيصة في اسواق الدولار، ورضوا لانفسهم ان يكونوا في مزابل التاريخ. فهم السبب الرئيسي في خراب العراق، وجعل الملايين العراقية الذين كانوا قد اتسموا بين الشعوب العربية بالذكاء والعبقرية والشجاعة وسمو الكبرياء، نجدهم اليوم يمشون على الارض أحياءا وشبه أموات، بعد ان أحال هؤلاء السياسيين حياتهم جحيما. فهاهم الفقراء والمحرومون قبل غيرهم يتساقطون كاوراق الخريف ويهوون الى قاع الحياة وهم النجوم الساطعة، بعد أن احتل هؤلاء السياسين حياة الناس واراداتهم ومصائرهم . فهل اتعضنا من كل ما يجرى؟؟ ...لا وألف لا... بل بلغنا من سذاجة منقطعة النظير الى درجة اننا نأمل من العبادي، انه سيشهر سيف العدل بوجه هؤلاء الطغاة، في حين، تثبت الاحداث على سبيل المثال، أن سفيرا سعوديا يجاهر بطائفيته وفوضويته، ويجرأ على تحقير العراق والعراقيين، لكننا لا نجد من "حكومتنا "العتيدة" سوى الصمت، على الاقل لرد الاعتبار للخيرين الشرفاء ؟؟؟!!!.

أن قضية الوجود الانساني العراقي المضيع والمحارب(بفتح الراء) والصريع متضرجا بدمائه بأي لحظة، هي نماذجا باعثة على البكاء. هي نموذجا لافتقار الانسان لقيمه وبرهانا على انسلاخه من انسانيته واستهتاره بحق أقدس ما أمر به الخالق تعالى في جعله "ألامانة" بعنق خليفته على الارض، الانسان. فاليوم الحكومة والكتل السياسية سنية وشيعية، وحتى اؤلئك الصامتون "والساكت عن الحق شيطان أخرس" جميعا متهمون . لان الانسان العراقي البسيط والفقير والمعدم هو الذي لم يذق طعم الامان منذ ثلاثة عشرة سنة، نتيجة اضطراره للتواجد في كل مكان من اجل لقمة عيشه، حيث يكون قريبا لأي الارهاب، فنجده صريعا في كل يوم في مناطق بغداد. في حين، ان هؤلاء اللصوص والفاسدون وداعموا الارهاب مطمئنون في سياراتهم المدرعة، ومحصنون وراء اسوار من حمايات لدرء خطر الهجمات الارهابية والمفخخات، او من غضبة شعبنا عليهم. فهم يسرقون ويقتلون ويزنون ويتحايلون على الناس ويرهبونهم. فلاقيم لديهم ولا شرف ولا مرؤة ولا عفة ولا رجولة. وتصريحاتهم مجرد تلاعب بالالفاظ وطرح لاأخلاقي يقتصر على توصيفات كاذبة وتقوى مزيفة . وما ادعائهم في الانتماء لقيم الشرف والفضيلة، سوى الكفراوالاثم بعينه. ولكنهم، حينما يجدون في أي موقف فرصة لتأكيد مصالحهم واهدافهم الشخصية، حينذاك تفضحهم غرائزهم الشيطانية، فيلجؤون الى جميع وسائل الحرام . وهكذا يبقى العراق، يأن  ويلعق جراح ظلم هؤلاء الاشرار له، وشاكيا لله تعالى وحده لما يعتريه من مصائب هؤلاء المجرمين وغيرهم .

قضية الوجود الانساني العراقي المعذب،هي اشكالية كبرى في حياتنا، تبدأ من لا أخلاقية الكتل السياسية الاجيرة أولا، أما في مساهمتها عمليا في اضعاف الجبهة الداخلية بجعل الفاسدين اولياء أمر شعبنا، أو في محاولاتهم لكسر شوكة الوطنيين الاخيار من أبطالنا الاشاوس في الحشد الشعبي مثلا، والذي لولاه لدخل داعش الى مضاجع نوم هؤلاء ممن لا يكفون عن الاساءة لسمعته المقدسة. أو حتى من خلال تلقي الحكومة تحديات ألانظمة الشريرة التي سقطت الى الحضيض، كانظمة السعودية وتركيا وقطر والامارات . فقد أحزننا ان نجد في مقابل تلك التحديات الخسيسة، ان تبقى صاغرة حتى امام تحديات "رجل أمن" السبهان، الذي جعل منه نظامه السعودي سفيرا، وبعث به بقصد التجسس على العراقيين وليكون ظهيرا لاشعال الطائفية وتحريض السنة البعثيين على التمرد والانفصال وعدم الاستقرار. فبان معدن السبهان من خلال عدم التزامه بالاعراف البلوماسية، في تحدي الابطال العراقيين  الافذاذ في الحشد الشعبي في محاولات لتشويه سمعتهم في مقابلاته في الفضائيات، "فكل اناء بالذي فيه ينضح.... "

فلا ندري، هل هو فخرا لوزارة الخارجية العراقية قبول سفير كالسبهان، يتسم بالغلظة والصلافة واللاأخلاقيات العربية، فيستحق لقب سفير، عندما نجده يتجاوز بغير أدب ويتدخل في الشؤون العراقية . ولكن، هل كان شيئا من ذلك ليحدث لولا اصرارا واستماتة وتهافت السيد وزير الخارجية، الذي عمل المستحيل من أجل "زرع" هذا العنصر المخرب كجاسوس في الوسط العراقي؟ ألم يتفانى السيد الوزير من اجل مجيئه على جناح السرعة، بينما هو أعلم من غيره على أخلاق نظام كالسعودية، التي لم تبق من خزيها بقية لتستر به ماء وجهها الكالح مع العراق واليمن ولبنان وايران وغيرهم؟

هناك باعتقادنا، هدفان لهذه الاستماتة في مجيئ السبهان واصرار وزير الخارجية على مجيئه. اولهما: ان وزير الخارجية، كالكثيرين من سياسيي أخر زمان، ينظرالى النظام الوهابي السلفي الفاجر، كعنوان لعقدة النقص الشخصية التي يشعر بها هؤلاء في انفسهم، حيث يرون في النظام السعودي، "جلالا مهيبا"، للتقرب اليه، فيغضون الطرف عن مئات الالاف من العراقيين الذي يتساقطون نتيجة غدر وارهاب النظام السعودي نفسه . بل ويتناسى وزيرنا قائد الدبلوماسية العراقية هذا حتى الحقيقة التي أكدتها الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا والكثير من الدول المتحضرة في العالم، من أن النظام السعودي هو المصدر الرئيسي للارهاب في العالم. فقد أدانت هذه الدول الكبرى الارهاب السعودي على الرغم من ان هذه الدول هي اقرب أصدقاء النظام السعودي هذا؟؟؟!!! فالسعودية هي الداعم الرئيسي لداعش وبقية الشبكات الارهابية الاخرى كجبهة النصرة وأحرار الشام وغيرها، ولكن السيد الوزير العراقي، لم تقنعه تلك الحقائق بعد، بل يعتمد على ارهاصاته في تقييم الوقائع والاحداث!!

وثانيا، ان السيد وزير الخارجية ربما يجد في النظام السعودي "كقوة" تهيمن على مقادير الانظمة العربية وجامعتها الاضحوكة الخالية من الكرامة، لتحركها كالدمى، فيحاول وزيرنا هذا، ان يجد لنفسه نوعا من علاقات شخصية مع النظام "كمصدر" بائس وكخط رجعة من خلال التقرب والتزلف لهذا النظام المجرم، من اجل المستقبل. وإلا لماذا نجد السيد وزير الخارجية "غافلا" هكذا عن تصدير النظام السعودي لارهاب داعش للعراق منذ سقوط النظام البعثي الفاشي. وكذلك مواقفه التخريبية الطائفية واستخدامه لفكره الوهابي السلفي والفتاوى لشيوخ السلفية لزعزعة الاستقرار بين الطوائف المسلمة العراقية وغير العراقية ؟ ولماذا لا يزال وزيرنا العراقي "التكنوقراطي" هذا، راضيا بهذه التحديات والتهديدات التي يواجه بها السبهان هذا النظام العراقي ولا يقوم الوزير بطرده؟ فالسعودية اليوم تحاول ذبح نفسها بسيفها الذي ذبحت به الابرياء.

ان معالجة أطنان المشاكل العراقية، لا تحتاج الى حكومة تكنوقراط . فالعراق يحتاج فقط الى اناس أشراف عصاميون يحبون العراق وبارادات حرة صادقة ومن خلال الانقلاب على الذات أولا، قبل الانقلاب على الفساد. وحكومة التكنوقراط ومن يأمل منها خيرا، فانها سوف لن تكون أفضل ممن سبقها.         

لقد ظل العراق ومنذ ثلاثة عشرة سنة  ولا يزال بعيدا عن امتلاك زمام المبادرات، وخصوصا في مواجهة الارهاب في الداخل . وبقيت التفجيرات الارهابية لداعش هي "السلطة" الحقيقية التي تتحكم بالاوضاع العراقية وفي تشجيع الكتل السياسية السنية البعثية في التطاول على شعبنا وتحدي مشاعره . فكانت عدم مبالات الحكومات المتعاقبة في القيام بتغيرات جذرية في وضع الخطط ألآمنية أو تغير هيكلة الجهاز الامني في داخل بغداد بشكل خاص، من أخطر القضايا الراهنة، حيث أن تلك المبادرات تتسارع فقط بعد كل ضربة ارهابية . حتى اصبحت قضية  قتل شعبنا من خلال التفجيرات والمفخخات الارهابية في كل يوم وكأنه أمر "لا بد منه" . وظلت الكتل المشبوهة تحاول اعطاء الانطباعات على انها هي ألاقوى في القدرة على الفتك بشعبنا. وكذلك ظل الابرياء حطبا لتلك النار المستعرة ليل نهار!!

وفي محاولة مخلصة من اجل حماية شعبنا، وتطويق الارهاب، ان تقوم الحكومة على ألاقل بوضع خطة من اجل محاصرته من خلال: 

1- أعلان الحكومة لمنع التجول ليوم واحد في بغداد وبقية المحافظات على ان يتم ذلك بشكل مفاجئ وبدون الاعلان مسبقا، لكي لا ينتهز الارهابي فرصة الهروب الى البساتين او أماكن اخرى.

2 - تكليف أبطالنا في الحشد الشعبي بتمشيط مناطق بغداد والمحافظات وتفتيشها بيتا بيتا للبحث عن الاسلحة والمتفجرات وتدوين اسماء العوائل الساكنة فيها، والقبض على المطلوبين بجرائم الارهاب وغيرها.

 3- تسجيل تلك المعلومات بشكل دقيق وتفصيلي وجعلها مصادرا لمعرفة عدد افراد كل عائلة في مناطق بغداد وأقربائهم في المحافظات الاخرى والرجوع اليها في ادامة توفير الوسائل الممكنة لتطويق الارهاب والاجهاز على الارهابين . 

ولكن علينا ان نتذكر، أن مع كل الاجراءات وتحوطات الامان التي يمكن أن تعتمدها الحكومة، سوف لن تستطيع الاجهاز على مستنقع الفساد والارهاب في العراق ما لم يرافق ذلك حزما ومحاسبة شديدين مع المسيئين . فاللين والتسامح مع المفسدين والارهابيين، كان السبب الرئيسي لهذا المستوى من الهوان والبؤس القائم اليوم من خلال موت العدالة، واثبات عجز السلطات الثلاثة لنفسها، في الدفاع عن العراق والعراقيين . إذ لا تزال القلة القليلة من الوطنيين الاحرار غير قادرة الى الان على امتلاك فرصها لتبؤ مواقعها في هذه السلطات الثلاث وبما من شأنه الذود عن العراق وشعبنا.

حماك الله يا عراقنا السامق...

 

أ.  د. حسين حامد حسين

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم