صحيفة المثقف

ملاحظات حول الفن المعاصر

khadom shamhodظهر كتاب – ملاحظات حول الفن المعاصر – للكتاب الفرنسي لويس هوتكير عام 1929 – وقد دون فيه آراءه وتحليلاته حول الفن الحديث، علما ان هوتكير كان قد شغل مديرا عاما للفنون الجميلة في مصر ثم مديرا لمتحف لوكسمبرج .. ويبدو من خلال قراءة الكتاب ان الصراع بين القديم والحديث ازلي وكل فرقة تعتقد هي النبيلة فحسب ..

951-khadom1

 

وكان المصورون في القرون الماضية يقدمون انتاجات متنوعة تراعي ذوق الجمهور عكس المعماري الذي كانت انتاجاته تخضع للظروف الاقتصادية والمادية . بينما لا يحسب لها المصورون حسابا الا بالقدر اليسير . فالمعماري يكون في وضع مجازف وربما يخسر كثيرا، بينما المصور في حالة الرفض يضع اعماله في زاوية من الاستوديو وينتظر الظروف المناسبة التي تغير الاذواق .. ولكن الفنان الذي ظهر ما بعد الحرب العالمية الاولى كان عليه ان يتقبل المخاطرة بما سيلاقيه من من عدم اهتمام الجمهور بشراء لوحاته وذلك لان الناس في ذلك الحين لم تكن لديها القدرة على التحرر من اسارير التقاليد الكلاسيكية التي تحكم اذواقهم ..

(لقد كان عامل التنوع في العمل الفني حينئذن وعلى الدوام عظيما لدى المصورين باكثر ما كان لدى المهندسين حيث نرى في القرن السابع عشر ... ينتجون موضوعاتهم الواقعية الكلاسيكية وكذلك في القرن الثامن عشر على عهد لويس دافيد 1748-1825 (زعيم المدرسة الكلاسيكية الحديثة ) حين كان يعمل على تمجيد الابطال التاريخيين في لوحاته . وحين كانت الاعمال الفنية على النهج الديمقراطي في تصوير الفلاحين ...)

951-khadom2

 

وهكذا كان الفن يتقلب بين الاوضاع البرجوازية والاتجاهات التي تتجه نحو المبادئ الدمقراطية .

(نحن الآن في عام 1929 .. اننا يجب ان لا نندهش اذا ما وجدنا انفسنا وجها لوجه في المعارض الفنية المعاصرة امام الاعمال التي يسودها التعقل والى جوارها اعمال اخرى للفنانين التقدميين ...)

اما الجمهور فكان يتهكم على هذه الاعمال الحديثة التي تبدو له في صورة القبح . وكان بعض الفنانين سلكوا طريق المهادنة مثل رجال السياسة مع الجمهور حتى يأتي الوقت المناسب وتتغير الاذواق .. ويذكر ان بيكاسو قد اخفى لوحة – غانيات افنيون – سبع سنوات في مرسمه وهي اللوحة التي فجرت المدرسة التكعيبية ..

(واننا نرى البعض ينظر الى ذلك الانتاج الفني التقدمي تلك النظرة التي يظنوون من ورائها ان الفنانين قد لا يتفهمون تصورات الفن فيما ينتجونه من اعمال من حيث انهم لا يدركون الشئ المراد تصويره ولا بينابيع الالهام ...). (ان الخلاف الجدلي الكبير الذي تأثرت به مرحة الرومانسيزم والذي لم ينتهي حتى الآن حيث يدور التساؤل بشأن: ما اذا كان من المحتم على التصوير ان يكون ممثلا للجمال ام انه يجب ان يكون معبرا عن الصفات ..)

وهنا يقصد بالصفات تلك التي تكون مستترة وراء ظواهر الاشياء .. وبالتالي نصل الى مفهوم ان هناك اتجاه المثالية الجمالية الشكلية واتجاه المثالية الميتافيزيقية (ما وراء الطبيعة) . ولازال هذان الخطان معمولا بهما معا في كل زمان ومكان منذ عصور حضارة وادي الرافدين ومصر الى فلاسفة الاغريق الذين كانوا الدعامة الحقيقية التي استند اليها الفن بنظريتيه الشكلية والميتافيزيفية والى يومنا هذا ..

اليوم نشاهد آراء مختلفة ومتباينة واحينا متطرفة في الدعوة الى هذا الاتجاه او ذاك بل ان البعض يقول ان الرسم اقوى تأثيرا من الالوان لان الرسم يتخذ اوضاعا هندسية ذات طابع عقلاني بينما الالوان تعبر عن المشاعر والاحاسيس .. وهؤلاء غفلوا عن نقطة التكوين الحقيقية للانسان ذلك المجهول والمخلوق من عقل ومشاعر واحاسيس وصفات عضوية يشترك بها الجميع، وهي خصائص تتبادر الى ذهننا عندما نتحدث بصورة عامة عن الانسانية ...

 

د. كاظم شمهود

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم