صحيفة المثقف

ما حقيقية المائة مليار دولار العراقية في أحد المصارف الامريكية؟

لم يعد خافياً على أحد أن شعبنا يتم استغفاله ببعض المهاترات السياسية والازمات التي يختلقها قليلو الخبرة والنضوج السياسي، أزمات عسكرية وسياسية وإقتصادية تكاد تطيح بمستقبل الوطن بأكمله، وكل ذلك لنشتت إنتباه أبنائنا عن حقائق مريرة وخدع لاتقل خطورتها عن بدعة "التكنوقراط" التي نحاول معها جاهدين الخلاص من طائفيتنا وتعصبنا المقيت، ندفع بأبنائنا الى الشوارع هاتفين ضد الفساد وكل الكتل السياسية ضد الفساد ومع الاصلاح، ولكن يبدو أن الاصلاح لدينا يختلف عن الاصلاح في بقية العالم، الاصلاح هنا يفرقنا ولا يجمعنا وهذا دليل على أن الاصلاح ليس بهدف سام بل هو غاية دنيئة تهدف لمزيد من التربح من تلك الازمات على حساب شعب مربك في كل جزئية بسيطة من حياته .

في آيار الماضي وفي لقاء في أحد الفضائيات العراقية أعلنت عضوة لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية السيدة نورة البجاري عن وجود 100 مليار دولار وديعة في مصرف JPMorgan Chase الامريكي لا يستطيع العراق سحبها كونه لازال تحت وصاية البند السادس، وفي آب من العام نفسه نشر موقع Iraqi-business news خبراً مفاده إستعانة الحكومة العراقية بثلاثة مصارف دولية كبرى لتقديم المشورة بشأن تنظيم الوجبة الأولى من سندات دولية بقيمة  6 مليارات دولار، ما يقارب الـ 7.2 ترليون دينار عراقي، من السندات الحكومية الجديدة في محاولة لسد العجز في الموازنة، كان مصرف JPMorgan Chase أحد تلك المصارف الثلاث .

لا أعتقد أن هناك إجراء قد تم بشأن تلك المليارات خلال الفترة الممتدة من تصريح السيدة البجاري حتى اللحظة، ولو كان قد حدث إجراء حكومي إيجابي ما بشأن تلك الاموال لتوقف النهب الحكومي المنظم لرواتب الموظفين بحجج واهية ولتوقفت حتى الاعتصامات التي تقترب من عرين الحكومة ووزاراتها يوماً بعد يوم .

في مراجعة بسيطة لوصايا البند السادس التي تشمل المواد من ( 33 - 38 ) من ميثاق الامم المتحدة ؛ لا نعتقد أن العراق يهدد السلم والامن الدولي، العراق يعيش اليوم في أزمته السياسية والاقتصادية والأمنية يحاول أبنائه جاهدين الخلاص من المجاميع الارهابية التي استباحت أرضه وهو بأمس الحاجة لأمواله لإدامة زخم المعركة وفك طلاسم الازمة الاقتصادية التي أدخلتها بها الحكومات المتعاقبة ، ولا نعتقد أن السيدة البجاري تكذب في تصريحها عن تلك الحقيقية، بل نعتقد أن لدينا أصول وأموال تتجاوز هذا الرقم بكثير نقف، سياسياً، عاجزين عن المطالبة بها أو حتى معرفة مصيرها، كذلك نعتقد أن التسويات القضائية مع دولة الكويت الشقيقة قد أكتملت ولم يعد هناك تهديداً لأمنها مطلقاً من هذا الحمل الوديع الذي تنهش فيه الضباع الاقليمية الشرسة، ويضيع إقتصاده بين الاقتصادات العملاقة لدول المنطقة  .

على المؤسسات الحكومية أن تضع أمامنا صورة واضحة عن حقيقة تلك الأموال والايداعات التي تعادل موازنات سنوية كاملة وماهو مصيرها وماهي إجراءآتها من اجل سحبها والاستفادة منها بحكمة، لطالما كانت أموال الشعب مالاً سائباً تعلم منه المفسدون ابشع فنون النهب والسرقة، تلك المافيات الكبيرة التي لا يستبعد أن يكون لها اليد الطولى في ضياع تلك الاموال، وربما يتم إستثمارها لصالح بعض تلك العصابات التي سيطرت على مقدرات البلد .

تتنظم عمليات النهب بصورة دقيقة وكلما طالت فترة المعركة على الفساد واتسع زمن الفوضى السياسية ؛ أنتظمت مؤسساته الفاسدة وأصبحت أكبر قدرة على الاستحواذ على المليارات السائبة التي تتحرك بوصلتها بإتجاه الاكثر قدرة على جذبها والاستفادة منها، ساعد على ذلك الازمات التي يختلقها البعض بين الحين والاخر للحفاظ على مستوى محدد من الفوضى تبقي الوضع مرتبكاً ودون استقرار واضح بهدف ضياع الفرصة على محققي حتى الوكالات الدولية في حل رموز الفساد الذي اطاح بمئآت المليارات من خزينة الدولة وهي تحاول اليوم الاتيان على ما تبقى من الاحتياطي المركزي .

سوف تتلاحق أزماتنا وسنظل عالقين في شراكها غير قادرين على التملص منها، مقدمين للعالم وصفاً مشوهاً عن الحالة الأمنية والسياسية في العراق تبعد عنا الاستثمارات وتطيح بالمساعدات التي وأن رغب البعض في تقديمها لدعمنا فسيقف التشوه الخلقي السياسي أمامها عائقاً، فالجميع يخاف أن تذهب المساعدات لجيوب المفسدين لا الى نازحيه واعمار مدنه أو رعاية ارامله وايتامه، أنها محنة تضاف الى سجل المحن التي تواجهنا، ونفشل كل يوم في إيجاد الحلول لها بحكمة، عسى أن نجدها يوماً في عقل أحدهم .

 

زاهر الزبيدي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم