صحيفة المثقف

في الأدمنة.. حديث عن الثنائية "الذكرية والأنثوية

eljya ayshتعني "الأدمنة" عند بعض المفكرين والفلاسفة "ثنائية المرأة والرجل" والعلاقة القائمة بينهما، وهذه العلاقة تقوم على مبدأ أو قاعدة تحقق إنسانيتهما، لأن كل علاقة  تقوم على بعد واحد أو مستوى واحد تكون ناقصة، وقد أشار المفكرون إلى رؤية الرجل لجسد المرأة دون روحها النقية، وعدم رؤيته لهذه الروح قد تقوده إلى الانحراف، عكس المرأة، فهي عندما تتعلق بالرجل فهي تنظر إليه شيئا كاملا متكاملا (جسدا وروحا)، فالإنسان بإنسانيته وحده القادر على تغيير السلب إلى إيجاب، والأسود إلى أبيض، والكراهية إلى محبة،  الباطل إلى حق، وتحويل الشرّ إلى خير، والقبح إلى جمال والتحول من الانغلاق إلى الإنفتاح، والانفصال إلى تواصل وهلم جرّا، وقد تكلم العديد من المفكرين والفلاسفة عن آدمية الإنسان، أي "الثنائية الذكرية والأنثوية"، فإذا حدث انفصال بين الزوجين مثلا،  فهذا يدل على أنهما غير متكاملان من ناحية الوعي،  أو أن ثنائية الوظيفة الجسدية والنفسية لكل منهما غير متكاملة حتى لو أنجبا أطفالا..،  فوجود الإنسان في هذا الكون ليس من أجل تحقيق رغباته البيولوجية ، لأن الحيوان يقوم بها أيضا ويحقق دوافعه البيولوجية.

وإذا فكر الإنسان بهذه الطريقة، وجعلها مقياسا أو قاعدة في حياته، فهو لا محالة سيعجز عن تحقيق آدميته، وقد أشرنا فيما سبق إلى مسألة الزواج والطلاق في الموضوع الموسوم بـ: "مُجْتَمَعٌ يَحْتَضِرُ.. مَحْكَمَه"، فقد يكتشف الطرف الأول أنه لا يستطيع تحقيق الاستمرارية مع الطرف الآخر، ولذا يبحث عن الشيء الذي يفتقده، وهذه حالات نفسية، يسميها علماء النفس بـ: le retour d’âge،  قد يكون السبب في عجز الطرف الثاني (المرأة) في الاحتفاظ بهذه العلاقة، لأن الأسرة في المجتمعات المحافظة (حتى لا نقول الجاهلة)  لا تلقن أبناءها مبادئ العلاقة بين المرأة والرجل، أو ما يمكن اصطلاحها بـ: "التربية الجنسية" وتعتبرها من "الطابوهات"، ويبقى الرجل أو المرأة أسيرا العائلة  ويتقيدان بأوامرهما حتى في فترة الزواج، ويعجزان عن مواجهة الحياة، وحل مشاكلهما الزوجية دون تدخل الأسرة، لأن الأسرة لم تربي أبناءها على مواجهة الحياة وقساوتها، يحدث هذا في المجتمعات العربية والإسلامية ( الجزائر نموذجا) قبل ظهور الإنترنت وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي ، حيث جعلت من "السياط" الأداة في تربية أبنائها، ولم تفتح لهم مجالا للحوار، فجعلت منهم شخصية معقدة  ومنطوية على نفسها.

سؤال طرح علماء النفس التربوي وهو: "هل تسهم التربية في تكامل الرجل والمرأة؟ وكان الجواب أن الوعي الإنساني وحده هو الذي يحقق هذا التكامل، والحق أن كلمة " آدم" لا تتضمن معنى الرجل بقدر ما تعني الجنس البشري، أي الإنسان الواحد في "الزمكان" ولما كان الجنس البشري منذ نشأته ذكرا وأنثى، فيمكن القول أن الرجل آدم والمرأة آدم ، الرجل إنسان والمرأة إنسان، وليست إنسانة ، ولذا تضفي صفة "الآدمية" على الرجل والمرأة معا، وهو ما أشار إليه الأديب  السوري ندرة اليازجي في دراساته عن "حضارة البؤس" تطرق فيها إلى "الظاهرة الإنسانية"، وقال أن صفة "الآدمية"  ليست صفة ذكرية، إنما الرجل والمرأة بقطبيه ، فمن هنا أصبح الحديث عن "الذكورة" غير مجدي في عصرنا الحالي، طالما المجتمع مركب من رجل وامرأة، ولم يعد للعقلية البدائية وجود، تلك العقلية التي تتشاءم من ولادة الأنثى، ففي أحوال كثيرة  نجد الرجل عندما تلد زوجته بنتا يقال عنه " زوجته ولدت له قنبلة" وهذه حالات تحدث في المجتمع الجزائري، ووصلت  إلى حد الطلاق عند بعض الأسر التي عجزت عن رسم صورة الإنسان المتكامل، لأنها لا تعي أن المرأة والرجل يشتركان في "الآدمية " وفي "الإنسانية"، لأن صفة آدم ليست صفة ذكرية بل إنسانية، لكن أن تخرج الآدمية عن خطها الأحمر مثلما ما نقرا عنه اليوم (جمعية فيمن) فتلك هي الطامّة (وهذا حديث آخر مستقل).

 

علجية عيش

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم