صحيفة المثقف

بل وبعد تحرير الفلوجة!

نقلت لنا الصور والفيديوهات ملامح قليلة من عملية تحرير الفلوجة، وخلت العملية من تقارير مراسلي وكالات الانباء فتركزت على اشياء عامة في وقت يحتاج فيه المهتم الى تفاصيل، تروي فضوله لمعرفة ما يجري بهذه المدينة المنكوبة . ومن خلال ما ورد من لقطات فيديو وتفاصيل صغيرة عن تسلسل عملية تحرير الفلوجة، برزت شبكة واسعة من القرى والمدن الصغيرة تحيط بالمدينة كجزيرة الخالدية وتقاطع السلام وجسر السجر والحصي والكرمة وغيرها من القرى والبلدات الصغيرة القريبة منها، يستخدمها داعش لعزل المدينة والسكان عن المحيط الاوسع .

من هنا بدأت عملية تحرير الفلوجة بدون معلومات وافية عن خريطة العمليات في محيط المدينة الذي يستخدمه داعش ويتفنن بتعذيب سكانه ويمنعهم من ممارسة حياتهم لدرجة التجويع واغتصاب الفتيات واعدام المعارضين بطرق واساليب بدائية بشعة، ومثال على جرائم داعش الاخيرة منع المدنيين من مغادرة الفلوجة، فذهب ضحية الفرار منها اعداد كبيرة من السكان، وعن مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين إن نساء وأطفالا قتلوا . وقالت أن أكثر من 80 أسرة تمكنت من الفرار منذ 20 مايو أيار .فهناك غموض يحيط بعملية تحرير الفلوجة، قد يكون بسبب المدنيين فيها، وقدر ان اكثر من 50 الف مدني لم يتمكنوا من الفرار، بسبب مراقبة داعش ومخبريه او خوفا من انتقامه، فبقوا في الفلوجة، وهناك من قدر ان عدد المدنيين بين 60 الفا الى 90 الفا، لم يتمكنوا من الفرار او اختاروا البقاء في المدينة على المجازفة بمصير مجهول .اضافة الى محاصرة داعش عشرات الاسر منذ بدء عمليات تحرير الفلوجة يوم 23.5.2016 .

ولدى داعش شبكة واسعة من الانفاق حسب اعلام القوات الامنية تمتد من الليفية الى الفلوجة، رغم ان تحصينات قناصته لمنع اقتحام او عرقلة اقتحام المدينة، دمرت وقتل اكثرية قناصته على اطراف ومشارف الفلوجة في اليوم الاول والثاني من بدء عملية تحرير المدينة .والاهم في العملية اقتحام المدينة من عدة محاور كما اعلنت القوات الامنية وخوفا على المدنيين من انتقام داعش.. ولكنه كذلك بحالة خوف وارتباك وتراجع فقد فقد تحصيناته حول الفلوجة بعد يومين من بدء العمليات .

"داعش احترقت ورقته" هكذا قال جنرال امريكي سابق، كان عليه ان يقول ذلك منذ البداية، مع اولى ممارسات داعش الهمجية ضد السكان، بينما الان يلفظ انفاسه الاخيرة في الفلوجة. فقد استعادت القوات الامنية 19 منطقة من قبضته، وهو في حالة انهيار، وهناك انباء عن اختفاء مقاتليه بين السكان او هروب بعضهم عبر انفاق خفية او سرية تؤدي الى خارج المدينة ,ومن الممكن ان تقتحم الفلوجة باي لحظة .

وعلى الجبهة السياسية الفاسدة، يتسابق بعض السياسيين على زيارة القوات الامنية وتجييرها كمكاسب حزبية لاحزاب وشخصيات سياسية فاسدة .فقد اعتدنا من المسؤولين الوصولين على مدى 13 عاما التأجيل والتسويف والوعود، والمواطن يعاني من حرمانه من الخدمات : كهرباء، ماء نطيف، وظائف وجميع ما يدل على توفير حياة كريمة بدون استجابة . بينما يتسابقون الان للذهاب الى الفلوجة وزيارة القوات الامنية، وهو ما سيحدث بعد تحرير الفلوجة والموصل من داعش .. ولا فرق بين الحزبي السني والشيعي بسعيهما في تجيير تضحيات العراقيين وتحرير مدنهم من ارهابيي داعش..اما حقيقة ما ننتظره من هؤلاء فهو : وقف الفساد والمحاصصة وسرقة وتهريب المال العام والخدمات ومحاسبة الفاسدين على مدى 13 عاما ..ولا وقت بعد لمنع او تأجيل الاصلاح او توسل المتظاهرين بتأجيل تظاهراتهم الى ما بعد تحرير الفلوجة، لانها ستعود مرة ثانية وثالثة الى ساحة التحرير واسوار المنطقة الخضراء.

بعد اربعة ايام من بدء عملية تحرير الفلوجة في اول جمعة من الاسبوع : 27.5.2016م، تم اغلاق خمسة جسور : السنك والطابقين والجمهورية والشهداء والشعب والشوارع الرئيسية بكتل كونكريتية في بغداد حتى اشعار اخر.. بسبب الخوف من الاحتجاجات والمظاهرات ضد الفساد . وكالعادة خرجت المظاهرات الجمعة :27.5.2016م في ساحة التحرير، ولكن اغلاق الجسور واستخدام القوات الامنية الغاز المسيل للدموع، منعها من عبور جسر الجمهورية وباقي الجسور المؤدية الى المنطقة الخضراء، لتعلن احتجاجها على الفساد وعدم قبولها بالتسويف لانهاء المحاصصة او تأجيل محاسبة الفاسدين .

 

قيس العذاري

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم