صحيفة المثقف

لنَرْفَعْ معًا شِعَارْ "لا للتّبْذِير"

eljya ayshشهر رمضان يُرَبّي النّفْسَ على الصّبْرِ والجُوعِ

لقد سنّ الله عز وجل "الصّوم" من ضمن الأٍكان الخمسة للإسلام، وفرضه على البالغ في السّن والصّحيح، الذي لا يعاني من أمراض مزمنة، وأجاز للمريض والعاجز أن لا يفطر طالما الصوم مضر بصحته، غير أن بعض الناس من غير المسلمين، فسروه على أن ليعذب أراذ به تعذيب عباده المسلمين، وراحوا ينشرون فلسفاتهم للتشويش على ضعاف العقول، والجاهلين من المسلمين لتركهم هذا الركن، و لأن البعض يتهرب من أداء هذه الفريضة، فغالبا ما يحولون وجهتهم نحو الخارج لقضاء الشهر هناك، في حين نجد فئة أخرى تنتمي إلى جماعة "المتمردين" تعلن رفضها علنا جهرا وأمام الرأي العام مثلما حدث السنة الماضية،في ولاية من ولايات الجزائر، والحقيقة أن ركن الصيام حكمة من الله تعالى، ليس أنه يُعَلِّمُ الإنسان الصّبر، أو أنه يعيد تنظيم حركة الأعضاء الموجودة في جسم الإنسان، وإن كان بعض الناس يجهلون نظام الأكل، ففي شهر الصيام يعتاد الصائم على وقت محدد للأكل، وفي هذه الحالة تستعيد المعدة نظامها، والحكمة الثانية هي أن الإنسان لما يصوم وينقطع عن الأكل يوما كاملا، ويشعر بالجوع، يدفعه هذا الشعور إلى التفكير في الشعوب التي تعاني على مدار السنة من "المجاعة"، وفيها يموت مئات الأطفال من الجوع .

آخر تقرير ذكرته منظمة الأغذية والزراعة " الفاو" أن نسبة الفقر في العالم تراجعت بقدر معين، بعدما كان العدد يصل إلى حدود 800 مليون شخصا في 2014، وتشير أرقام أخرى أن 03 مليون صومالي يواجهون الموت جوعا نصفهم من الأطفال، وكانت الأمم المتحدة قد أكدت في تقاريرها أنه مع حلول 2015 سيتم الحَدُّ من الفقر والجوع والمرض في الدول الفقيرة، غير أن الظاهرة ما زالت تبرح مكانها، بل تزداد ارتفاعا بسبب الحروب القائمة، حيث نجد مئات الأطفال يموتون متأثرين من المجاعة، لاسيما وأن سوء التغذية يترتب عليها الموت وانتشار الأمراض والأوبئة، ونقرأ هنا ما قاله أحد الزعماء من الأفارقة كانت بلده تعاني من الفقر والمجاعة، قال: "الجوع قرين الفقراء الذي لا يمكنه فصله عنهم، فهو سليل التوزيع غير العادل للثراء بالعالم ".

و إن كانت هذه الظاهرة تتحكم فيها الحكومات التي تملك القرارات في القضاء على "المجاعة" في العالم، وتوقيف الحروب التي تهلك الحرث والنسل والاقتصاد، وتتسبب في هلاك الآلاف من الناس، وبخاصة الفقراء، فالحديث عن شهر الصيام يستوجب الحديث عن ظاهرة "التبذير"، فكثير من المسلمين يصابون بداء "اللهفة"، حيث تجده يبكر إلى السوق ويقتني كل ما تراه العين، حتى لو كان في غير حاجة إليه، وأثناء الفطور يستغني على ما جلبه من السوق، وتتعرض تلك المواد إلى التلف، ويكون مصيرها طبعا القمامة، فالأسرة الجزائرية على سبيل المثال وربما اسر عربية أخرى نجدها تبالغ في شراء السلع والمواد الغذائية في شهر رمضان، وتجدها تقف ساعات طويلة في الطابور من أجل شراء أشياء اعتادت على استهلاكها في سائر الأيام، وكان في إمكان هؤلاء أن ينظرون إلى أولئك "الجياع" الذين لا يجدون ما يشبع بطونهم، لاسيما ونحن اليوم نرى أطفال سوريا يعيشون في العراء ويعانون من الجوع، ومهما كان حجم المساعدات التي توجه لهم، فذلك يعد قليلا بالنظر إلى المواد الغذائية التي يكون مصيرها القمامات، فتوافر الغذاء الجيد حق طبيعي، لكن ليس إلى درجة "التبذير"، التي هي عادة سيئة، ربة البيت وحدها المسؤولة عنها، كما أنها تتسبب في خفض ميزانية الأسرة، وتعطل نموها اقتصاديا أيضا.

 

علجية عيش

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم