صحيفة المثقف

تدهور القطاع التجاري في العراق .. الأسباب والحلول

المتتبع لواقع التجارة في العراق يجده في وضع متردي وبائس نتيجة ظروف وعوامل عديدة ساهمت بوصوله الى ما هو عليه ، ويرى كثير من المختصين بأن وضع التجارة قبل عام 2003 بالرغم من جميع سلبياته كان افضل مما هو عليه بعد عام 2003 بعكس جميع توقعات الخبراء والمواطنين الذين كانوا يأملون انتعاشاً ملموساً في هذا القطاع الحيوي الذي يدخل في جميع المفاصل الاقتصادية في البلاد والذي يمس حياة الفرد العراقي مساساً مباشراً ونستطيع القول ان أهم الأسباب التي أدت الى تدهور الواقع التجاري في العراق هي:

1- الواقع السياسي وعدم استقرار العملية السياسية والتي عادت بآثار سلبية على السياسة الاقتصادية والتجارية في البلاد.

2- عدم استقرار الوضع الأمني في البلاد ساهم بتردي التجارة وجعل السوق العراقي (سوقاً غير آمن) بالنسبة للحركة التجارية الداخلية والخارجية.

3- السياسات الاقتصادية والتجارية الخاطئة التي اتبعتها الانظمة المتعاقبة على العراق.

4- افتقار البلد حالياً الى سياسة اقتصادية واضحة المعالم لتحريك العملية الاقتصادية والتجارية في البلد وعدم وجود خطط تنموية للنهوض بقطاع التجارة و عدم وجود خارطة طريق تجارية واضحة لدى وزارة التجارة.

6- غياب الكوادر العلمية والخبرات الاقتصادية والتجارية الرصينة في الهيئات الاستشارية لأصحاب حيث أن وجود مثل هذه الكفائات يساهم في سن القوانين الخاصة بالتجارة الداخلية والخارجية واتخاذ القرارات العلمية السليمة للنهوض بالقطاع التجاري.

7- انتشار الفساد في معظم مفاصل الدولة الادارية مما أدى الى تدهور الوضع التجاري داخلياً وخارجياً.

8- عدم كفاية الاجراء الذي اتبعته وزارة التجارة في منع استيراد بعض السلع لحماية السلع المحلية ، لأن المفروض ان يسبق هذا الاجراء عدة خطوات منها :

اولاً : وضع الضوابط الحقيقية على الاستيراد .

ثانياً : توفير البدائل للسلع الممنوعة من اجل ان لايكون المواطن هو الضحية في عملية منع الاستيراد لهذه البضائع.

ثالثاً : تقديم الدعم الكافي من جميع النواحي للقطاع الخاص الذي يعمل في نفس انتاج البضائع والسلع الممنوعة حتى لا يحدث اي نقص في السوق.

ان النهوض بالواقع المؤلم للقطاع التجاري في العراق يتطلب جهود حثيثة وتعاون جميع الاطراف لتحقيق الانتعاش التجاري المطلوب وفي ما يلي الخطوات المقترحة التي تحقق هذا النهوض في القطاع التجاري:

1- وضع خطط علمية قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل لإنعاش الواقع التجاري في العراق والنهوض به وذلك بالاستعانة بالخبراء والأكاديميين في المجال الاقتصادي والتجاري.

2- وضع مسودات لمشاريع قوانين ترفع الى مجلس النواب لغرض اقرارها تخص تنظيم العمل التجاري وخاصة فيما يخص تحديد سياسات الكمارك والضرائب والقيود وحل النزاعات التجارية.

3- الانضمام الى التجارة الدولية العالمية التي تعمل على تطبيق سياسة السوق وتحديد التجارة الدولية وتحديد حركة السلع والخدمات مما يخلق حالة من التنافس المشروع يصب في صالح المستهلك.

4- العمل على انشاء غرف تجارية مشتركة مع الدول الاخرى وخاصة المتطورة منها للاستفادة من خبراتها التجارية الطويلة في هذا المجال مما سيساهم بشكل كبير في تحقيق انتعاش تجاري واضح المعالم ( مثال على ذلك غرفة التجارة العراقية – الامريكية) التي تم تأسيسها مؤخراً.

5- الاسراع بالانضمام الى منظمة الآيزو الدولية (وهي منظمة غير حكومية تأخذ على عاتقها وضع المواصفات العالمية لجميع المنتجات الاستهلاكية المتداولة) وتلزم جميع الدول التي تنظم اليها بالالتزام بهذه المواصفات علماً ان أغلب دول العالم منتمية الى هذه المنظمة لأهميتها ومقرها في سويسرا وتحديداً في جنيف.

6- تشجيع التجار العراقيين على استيراد المواد التي تحمل علامة الآيزو خدمة للمستهلك العراقي ، والعمل على تثقيف المواطن العراقي بعدم شراء اي مادة من السوق الا بعد التأكد من مواصفاتها أو حملها العلامة المذكورة (آيزو).

7- تقديم الدعم للتاجر العراقي عن طريق التسهيلات المصرفية ومنح السلف من المصرف التجاري للمساهمة في تنشيط الحركة التجارية في البلاد.

8- تنشيط الأسواق الداخلية والعمل الحقيقي على خفض نسبة البطالة وخلق فرص عمل للشباب ووضع برامج حقيقية لخفض نسبة الفقر.

9- تفعيل دور القطاع الخاص في مجال تنمية القطاع التجاري والاستفادة منه كشريك وليس كمنافس وتقديم جميع أنواع الدعم له لانعاش القطاع التجاري مع وضع خطط رقابية تضمن عمله وفق التعليمات والضوابط الحكومية.

10. العمل الجاد على القضاء على الفساد الاداري والمالي المستشري في جميع مفاصل البلاد .

11. تنشيط عمل المصارف الحكومية والاهلية والعمل على ادخال النظم الالكترونية المتطورة لنقل الاموال بين الدول التي نتعامل معها تجارياً بسهولة وامان لجميع الاطراف لأن هذا سيساعد على استقطاب التعاملات التجارية مع العراق.

12. حث وتشجيع المصارف للانضمام الى مؤسسة الفيتزا العالمية (وهي مؤسسة تسمح للدول التي تنظم اليها بالتداول المالي الالكتروني لجميع المستثمرين والتجار والمستهلكين)علماً ان معظم دول العالم سبقتنا بالانضمام الى هذه المؤسسة.

13. تنشيط عمل المناطق الحرة المشتركة مع دول الجوارمما سيساهم في خلق حالة تجارية خلاقة تنعش التجارة العراقية وتصب في مصلحة المستهلك وهذا ماتنتهجه معظم دول العالم مع جيرانها.

14. تفعيل دور الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية ووضع رقابة على عمله لمراقبة وتدقيق المواصفات العالمية على البضائع والسلع المستوردة من الخارج.

اخيراً نأمل من السلطتين التشريعية والتنفيذية الأخذ بهذه المقترحات والعمل على النهوض بالواقع التجاري في العراق لكي نقطف جميعاً ثماره ونعوض المواطن العراقي سنوات طويلة من الحرمان والحاجة الى أبسط وسائل الراحة والرفاهية التي عانى منها بسبب الظروف التي مر بها بلدنا ونجعله يعيش في بحبوحة بسيطة من العيش الرغيد وهذا حق مشروع له في جميع الدساتير الكونية .

 

رائد الهاشمي

رئيس تحرير مجلة نور الاقتصادية

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم