صحيفة المثقف

حبرهم ودمهم

wedad farhanيحتفل الصحفيون والاعلاميون العراقيون هذه الأيام بعيدهم السابع والاربعين بعد المائة، بعطاء مطرز بموروث حضاري مرتكز على دعائم الحضارة الأولى التي أسست الكلمة وأطلقت للحناجر حرية التعبير. وبالرغم من التضحيات الجسيمة التي قدمها الصحفيون لشرف مهنتهم باستقلالية ومهنية جريئة، إلا أنهم مازالوا يتعرضون الى الكثير من المعاناة لدرجة الاضطهاد، فمنهم من كممت أنفاسه بكواتم التعسف، أو صمت خوفا على روحه في تشابك المصالح والرؤى المختلفة.

 وإذ قطعت أوصال وحدتنا، الطائفية المقيتة المدعومة بالدجل والشعوذة، وقفت الصحافة العراقية في الداخل أو في المغترب تدعم وترسي مفاهيم التآلف والوفاق من أجل سلامة الوطن ووحدة أبنائه. قبل مائة عام وسبع وأربعين صدرت أول صحيفة من بلاد الرافدين، سميت الزوراء وهو اليوم الذي نحتفل به في الخامس عشر من حزيران في كل عام. صحيفة الزوراء كانت عراقية رغم صدورها بأمر الوالي العثماني، وكانت مشعلا في طريق الصحافة العراقية عبر سنواتها العريقة.

 إن ما يؤلمنا في هذا العيد هو ما يتعرض اليه العديد من أهل الصحافة والاعلام، فبالأمس القريب كانت تدمي القلوب قبل أن تدمع العيون، عبرات ودموع إعلامي قدم خلال سبع وأربعين عاما مسيرة من التوازن الإعلامي عبر تلفزيونات العراق وصحافته المتعاقبة سياسيا، حيث وصل الأمر الى أهانته أمام مرأى العامة بأسلوب غاب نظيره في كل العالم.

 أما الذين تغيبوا قسرا في غياب القمر، بصمت الأسلحة، ورعب المنفذين، لهم منا أسمى آيات التقدير لجعل أنفسهم قرابين لصاحبة الجلالة، غابوا وبقيت سلطتهم الرابعة أقوى من كل السلطات.

 ماذا يعنيه أن تهنئ السلطات الثلاث سلطتنا وهم من سلبوها حريتها وأخافوها، وأرعبوها في الليل وآناء النهار، فمنهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر إعلاءً للكلمة الحرة الشريفة في تلاطمات السياسة ومعتركاتها التي لا تنفك. ستبقى لصاحبة الجلالة هيبتها التي تحفظ كرامة وسلامة أبنائها المضحين من أجلها، وسيبقى الصحفيون العراقيون مخلصين لإرثهم الذي بنوه بحبرهم ودمهم.

 

 وداد فرحان / سيدني

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم