صحيفة المثقف

قبل ايام ىتسربت خطط تحرير الموصل! فلماذا لا تكون تفجيرات الكرادة جزءا من المصدر نفسه؟!

الجانب الامني العراقي كان ولا يزال وسيبقى يمثل أضعف حلقات سلسة المعانات الكبرى لشعبنا وللوطن العراقي. فهناك وفي مكان "ما" في مواقع وقيادات هذه السلطات الثلاثة، من أوجد لنفسه "استمكانا"لاهداف ضد العراق ومستغلا "الثقة" الممنوحة له بحكم مركز مرموق له، ولكنه وفي حقيقته، ليس سوى "خائنا" تم تجنيده مع مجموعة من الامنيين من مستويات "وسطى" للقيادات الامنية، لها القدرة والحرية على التحرك واعطاء الاوامر للسماح في احداث الخراب الذي نراه يحدث، وكما حصل في تفجيرات الكرادة قبل يومين. وفي هذه الحالة، فالجميع ممن لهم مواقع في هذه السلطات الثلاث ...متهمون  بالخيانة العظمى، ويجب اصدار الاوامر لالقاء القبض عليهم والتحري عن حقيقتهم!!!

ومع ان الكتابة لم تعد تجدي نفعا، وستبقى مصدرا لعدم اكتراث العبادي وحكومته المثلومة الكبرياء، فلا تزال تفتقر الى جرأة القرار للقيام بتغييرات شاملة لجميع الوجوه المتهمة "حقا أو باطلا" في عدم جدوى قدرتها على التصدي لارهاب الشارع وافتقارها للمبادرات الاستباقية لكشف المفخخات والقضاء عليها قبل وقوعها. فكلما تعالت انتصارات قواتنا المسلحة والحشد الشعبي في جبهات القتال، كلما لجأ داعش الى الانتقام من الابرياء المدنيين من شعبنا من خلال اعطاء أوامره لهذه القيادات الامنية لاحلال كوارث جديدة بين شعبنا. وجميع الذي لا تزال حكومة العبادي قادرة على عمله هو ابداء "أسفها" لما يحدث!!...وليس بمقدورها حل طلاسم هذه الكوارث البشرية مادامت هذه الستراتيجية ألامنية الفاشلة مستمرة وفق الترتيب الذي يزيدها ويمكنها من قهر شعبنا بهذا الشكل المريع؟

لست خبيرا او محللا أمنيا، ولكننا قد نستطيع ان نتوصل الى نتائج قد تمكننا من طرح بعض الأسئلة كنتائج لما يحصل، فالله الخالق تعالى، لم نره بعيوننا، ولكننا امنا به من خلال استحكامات دلائل العقل المطلق. وأن من بين هذه الاسئلة، بعضا وكما يلي: 

1- ما نزال شخصيا مقتنعون أن هناك مشكلة اختراق واضح ناتج عن خيانة بعض القيادات الامنية والتي نعتقدها من بين مستويات القيادات الوسطى . فهذ القيادات الوسطى بحكم وجودها، في كثير من الاحيان تبدوا انها من بين الانتماءات السابقة للبعث، وهي اليوم تمتلك صلاحيات واسعة في القرار الذي يمكنها السماح للتفجيرات من المرور وتنفيذ أهدافها .

2- الذي صرح به السيد الغبان في مؤتمره الصحفي لاعلان استقالته، قد أشر فيه أن المعضلة الرئيسية القائمة هي بسبب تداخل صلاحيات القيادات الامنية المتعددة مع بعضها البعض بحيث هناك خلط في الالتزامات فيما بينها يما يتعلق بالواجبات؟ فهل في ذلك مؤشرا لغياب الكفاءة، ولعدم الخبرة الكافية، ام انه وجد بقصد من اجل الانتهاء الى هذه النهايات الكارثية؟

3- هل ان القيادات الامنية تعمل جميعا معا في خطة شاملة واحدة أم ان لكل قيادة من هذه القيادات لها خططها ألخاصة بها؟ فان كانت هذه القيادات تعمل في خطة شاملة موحدة، فهذا يعني انه ليس متوقعا ان يحدث هناك من عدم انسجام، إلا من خلال من نجد في نفسه مرض. أما اذا كانت هذه القيادات لها خططها الخاصة بها، فكان الاجدر بالقائد العام للقوات المسلحة ان يمنح وزارة الداخلية الصلاحيات الشاملة للقضاء على هذه التضاربات والتدخلات في المهام الامنية والتي تم جعلها مبررات لالقاء اللوم على بعضها البعض كنتائج لفشلها جميعا. 

4- اساس شكوى وزير الداخلية المستقيل السيد محمد سالم الغبان من منصبه عازيا إياها في سبب للاستقالة الى "غياب التنسيق بين مختلف الاجهزة الامنية المشرفة على ضبط الامن في بغداد" والذي تسبب في خروقات امنية متكررة، فكيف يمكن ان يعقل أي انسان حتى بقليل من الوعي الامني، ان تكون هناك نتائج حاسمة، عندما نجد ان هذه القيادت الامنية واحد يجر بالطول وواحد يجر بالعرض" كما يقول المثل العراقي؟ "

5- الغبان كان باعتقادنا على حق عندما انتقد تكليف الحكومة قيادة العمليات ووزارة الدفاع بالملف الامني في بغداد "في حين ان هذا الامر يجب ان يكون لوزارة الداخلية حصرا؟  ترى، هل ان الدكتور العبادي قد وصل الى درجة من الاعياء العقلي بحيث لم يعد يستوعب الاحداث؟ وان كان هو كذلك، فلماذا هذه المكابرات على حساب دماء شعبنا؟ فالذي نأمله ان يريح نفسه ويمنح نفسه اجازة "طويلة" من اجل ان يستعيد عافيته . فهو كأي انسان أخر له قدرات محدودة، وقد فعل الكثير ويجب ان يشكر على ما قدمه من جهود مضنية.   

6- واذا كان الامر كما ذكره الغبان، فبدلا من ان يستمر الدكتور العبادي بنهج سلبي يزيد في تعقيد المشهد الامني بدلا من حله، سيكون من بين واجباته القيام بحسم هذه الاشكالات بين المهمات الامنية لعدد كبير من الفرقاء أولا، قبل منح نفسه الاجازة كحل ناجع برأينا؟  

 

تكليف الحشد الشعبي مسؤولية الملف الامني...!

باعتقادنا أيضا، انه لو كان التفاهم ممكنا أن يخطوا القائد العام للقوات المسلحة خطوة تأريخية في تكليف الحشد الشعبي بالملف الامني . فمع احترامنا وتقديرنا الكبير لجميع الوطنيين من ابطالنا في القوات المسلحة والقيادات الوطنية الامنية وافراد العشائر الوطنيين، فليس من بين العراقيين الاشاوس ممن قدم من التضحيات السخية العظمى كما قدمه ابطال الحشد. كما ولم نرى يوما أي مواقفا للتخاذل او النكوص او القهقرى للاشاوس من ابطال الحشد، فهم الاكثر جدارة لكي يأخذوا على عاتقهم حماية الامن في بغداد والمحافظات!! فاجراء كهذا، من شأنه أن يعيد الامن والسلامة لشعبنا. كما ويسدد لطمة جبارة الى اعداء الحشد من المستهترين بارواح شعبنا وخصوصا لمن يسمون انفسهم "باتحاد القوى" . وفي نفس الوقت، فان التكليف، سيكون ركلة موجعة لظافر العاني، هذا الطائفي اللعين.  

لقد كتبنا لعدد من المرات عن ضرورة ان تقوم حكومة العبادي باعلان يوما واحدا كعطلة رسمية في العراق من اجل القيام بتفتيش واسع لكل بيت عراقي لمعرفة هويات القاطنين وتجديد المعلومات الامنية عن كل بيت عراقي بهدف حمايته، وليس في ذلك أي تجاوز على "الحقوق الديمقراطية"، مثلما ربما يعتقد بعضا من الديمقراطيين "للكشر".

فلقد قام النظام المقبور بتلك الاجراءات الاحترازية خلال احداث "أبو طبر" في 1974، ونجح في كشف ما كان يجري من هلع بين العراقيين من خلال تحديد يوم واحد، قام الحزبيون في زيارات ميدانية لجميع البيوت في بغداد وتم تدوين جميع المعلومات المطلوبة عن كل بيت، وبذلك استطاع استحكام المعلومات المطلوبة، وان كان قد فعلها من اجل مزيد من الارهاب والتسلط المطلق على شعبنا. اننا هنا لسنا نفخر بتجربة للنظام المقبور، ولكنه كان اجراءا سديدا لمعالجة خلل كبير، وهذا الخلل اليوم، يأخذ ارواحا كثيرة من ابرياء شعبنا والاجدر ان يتم الاخذ به. فالعراقيون هم العراقيون انفسهم، ولكن  تغيرت الكثير من نفوسهم وازدادت إثما وخبثا وخيانة، وما علينا سوى ان نتحكم في عواطفنا ولا نتصرف "كمثاليين" بينما نحن غارقون باوحال الخيانات حتى رؤوسنا، ويبقى هدفنا الاعظم هو القضاء على الارهاب الداعشي - البعثي بكل الوانه واشكاله الجهنمية. 

فما الذي يمنع العبادي كقائد عام للقوات المسلحة ان يفعل شيئا كهذا درءا لهذا الموت المجاني اليومي، وحاصدا ارواح اهلنا الابرياء العراقيين بسبب تدخلات "عقليات" منحرفة أو انها في احسن الاحوال لا تفقه عملها وواجباتها بشكل دقيق . او ربما، ان العبادي نفسه، هو من يساهم في هذا الارباك نتيجة للارباك الذي يعانيه هو نفسه؟ فكل شيئ محتمل وكل شيئ وارد. فلقد كنا نتوقع أن التفجيرات التي ضربت الكرادة سوف تجعل الحكومة تسارع بقلب وتغيير خططها الامنية لبغداد رأسا على عقب بحيث تصورنا، ان العبادي، سوف يأمر بوضع حراسات في كل شارع وزقاق في بغداد...!! 

فمنذ سنوات وعندما ضرب الارهاب سجني التاجي وابو غريب، قد فضح بشكل مخيف الضعف الرهيب لخطط وقدرات القيادات العسكرية والامنية وقدم لنا حقائقا عملية لا يرقى لها الشك من ان  خططا تمثل أما أنه "غباءا" مفرطا، او "خيانة " مفرطة في التمويه من اجل نتائج كارثية . فكان ولا يزال عدم التصدي لمستوى خطط داعش، أن بقيت تلك الحقائق تهيمن على مصير شعبنا وتملأ قلوبنا هلعا أعظم على مصير الابرياء من شعبنا . كما وقد توصلنا الى قناعات كبرى كان من بينها مثلا، أن الحكومة لم تكن يوما بمستوى المسؤولية أبدا. فقد رأينا، على سبيل المثال، قبل سنتين او ثلاثة، كيف انه عندما (زعل أحد قادة الفرق)، قام بتقديم استقالته "وترك مسؤولياته العسكرية" ليهرب الى مصر، وكأنه كان يعمل لدى القطاع الخاص وليس قائدا لفرقة عسكرية!!  وماذا كانت النتيجة لذلك "القائد" المستهتر؟ هل تم اعدامه في ساحة التحرير ليكون عبرة لمن اعتبر؟ ...طبعا لا...! فلقد أزالت مواقف الضعف والهوان للحكومات العراقية المتعاقبة قضية "الخوف" من العقاب من قلوب الخونة. "فمن أمن العقاب ...أساء الادب".

فكيف نستطيع ان نحمي شعبنا اذا؟، وكيف نبني العراق مع هذا اللاانضباط العسكري والمدني وهذا الانفلات الامني؟  فالواقع يعطينا كل يوم صورا من الحياة المرة والمريرة التي يعيشها شعبنا العراقي، ومع ذلك، تحتسب عليه كحياة. وكان اخر هذه الصور المريرة، تفجيرات الكرادة. وعلى حكومة العبادي ان تجاهر بكشف الفاعلين واعدامهم في ساحة التحرير، ان كانت هذه الحكومة تحمل ضميرا وولاءا لهذا الوطن الغالي ...!!

أننا نهيب بالقائد العام للقوات المسلحة عدم الابقاء على الملف الامني الداخلي بهذا الارتباك والتخبط بينما تقوده قيادات عسكرية واجهزة لا تعمل وفق رؤية واضحة او خطط  ناجعة ولا تنسيق وبعيدا عن الحسم والقرار الجريئ لاصلاح الخلل، الامر الذي وضع  القطعات الامنية في ارتباكات لا مبرر لها وافقدها السير وراء القيادة الموحدة من اجل السيطرة على الامن والقضاء على ارهاب التفجيرات .

حماك الله يا عراقنا السامق...

 

أ . د . حسين حامد حسين

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم