صحيفة المثقف

كريم مرزة الأسدي: الدامغة: أناتك لا تعجلْ عليَّ مُرائيا

karem merzaيموتُ رديء الدّهرِموتَ خسيسهِ

ويبقى منار الدّهــرِ ما دامَ باقـيــا

 


 

الدامغة: أناتك لا تعجلْ عليَّ مُرائيا / كريم مرزة الأسدي

من البحر الطويل

 

أناتك لا تعجلْ عليَّ مُرائيا ** فكلُّ عجولٍ في الدّنى ليس راضيا

كأنّك لا تدري، وأنت مريدُها ***مشـاحنةً بغضـاءَ أنْ لا تلاقيـا

وإنّي لها، لمّا تعجرفَ جهْمهُ* وما كلّ مَنْ تلقاهُ - دهركَ - ساميا

فترمــي لكَ الأيّامُ ما لا تــــودّهُ *** ليشغلَ نفسـاً أنْ تجــــدَّ لياليا

ومَنْ طلبَ العلياءَ عافَ صغـارَها* وبطنةَ قـومٍ أجوفَ العقلِ خاويا

يكن همّه أن يسـتطيلَ مرافقـــاً ***** فتبّاً لـمن يرضى لنفسهِ ثانيا

فمنْ يتخــفّى بالنّساءِ شوارباً **** ويلبسُ ثوبَ الزهدِ بالمكرِ باكيا

وينفـــقُ ممّا نافقَ الناسُ حولهُ **** تراهُ كنفـخ الطبل ينبحُ عـاويا

رأيتُ حياةَ الأكرميـن جريئــةً *** تقـولُ: لوحـدي أمٌةٌ، ذا ردائيـا

نظمتُ عقوداً - لا أباً لكً - درّهـا **عفيفٌ وألْبسْتُ الزمـانَ قوافيا

فمن لا يرى عقد اللآلئ لبّـهُ **** فلا يــكُ حفّـــاظاً لعهــدٍ وراعيا

وخلّفتُ خلفي مَن تهاوتْ عروضهُ *** فكنت أبيّاً، لــن أكلّلَ طاغيا

وغيري ترامى للمناصب صاغراً**كما راحَ يستجدي الوزيرَ مواليا

يعلّونَ كرشاً، سحتهُ أمرُ حُرمةٍ **ولستُ بذي أمرٍ، ولا المالُ كافيــا!

تعالَ أمامَ العُرْبِ نسمو تباهلاً ***أردّكَ أرضــــاً، فالفضـاءُ فضائيـا

فكم لحيةٍ حمقاءَ ، يجري لهاثُها ***ولمّا أفاقتْ، إذْ ترى النّجم عاليا

فذا رجلُ الدّنيا، وواحدُ عصرِهِ ** يرى نفسهُ حرّاً ، وجمعـاً مواضيا

ولستُ خجولاً أنْ أعـدَّ مناقبــاً **** لعيــنٍ تراني - بالتقاليدِ - لاهيــا

فيا للعمى يعمي البصيرةَ بصْرها *** ألمْ تَرَ أقْلامي تجيشُ، وما ليا؟!

وما لي جهولاً أن أقلّدَ جمْعهـا ***بجهلٍ ، لقـدْ أدْمى العيونَ البواكيـا

على وطنٍ قدْ دُكَّ ظلْماً،وشعْبهُ **يغوصُ بنفطٍ خاويَ البطْنِ عاريـــا

فما أنا باللاهي، وجدّي جديدُها ** لنلحقَ عصراً يسـبق الكونَ غازيـا

وكلُّ حياةٍ ومضةٌ ، أنـت عابرٌ **** بغوغائها، والمجـدُ يخلدُ ساريـا

 

***

ألا يا زمانَ الغدرِلم تقضي بيننا *بعدلٍ، ولا عدتَ السنين الخواليا (1)

فمن يرتجي من بعدِ أينٍ وعثــرةٍ ***يعودُ صفــاءٌ للحيــاةِ كما هيا؟

يعكّرها ريـــب الشـــقاقِ طوائفــاً ****فيا لعــراقٍ طفّـــهُ كـان داميا

ومنْ عجبِ الدّنيا، ومقُلبِ أمرِها ** وجدتُ عـدوَّ الناسِ للناس قاضيا

فقدْ ورثَ المجدَ الرفيعَ طغاتهـم  **** أطاحــوهُ أنْفاً لِلْعراقَيَـنِ هاويا

ولا تحسبنَّ الشّرَّ ضربــةَ لازبٍ***خــذِ الْأمرَ معكوساً لضدِّهِ جاريا

جريتُ وكان الأفقُ يجري جهامهُ ****فقلت رويداً - يا كـريـمُ - تأنّيا

غربتُ فكانت غربتي وحيَ عبقرٍ ***جزى اللهُ جهدا للمكارمِ ساعيـا

ولمّا أنلْ غيرَ الوفـــاءِ لأمتـــي ***لعـــلّ الــذي يـــأْتي يجـلّكَ  جازيا

يموتُ رديء الدّهرِموتَ خسيسهِ***ويبقى منار الدّهــرِ ما دامَ باقـيــا

عسى نهضةٌ قامتْ، وقامَ رجالها ****تفيضُ بنبعَ الرافـدين  سـواقيـا

فكمْ يُرتجى الإنسانُ روحاً أثيرةً ***فلا تكُ إلّا واهــبَ الخيـرِ صافيــا

فمنْ يتخذْ جودَ التّسامحِ درْعهُ **** يكنْ حاملاً  نبـراسَ عدلٍ وهاديا

ألم ترَ زهــرَ البانِ فـــاح عبـــيرهُ**وصدّاحُــهُ الفتّـانُ بالنـغمِ زاهـيــا

فما الأنسُ أنساً  بالتزلّفِ والريـا ***ولكنّه الإنسانُ مـــن كـان زاكيا

وما بادئٌ مهما  يطولُ بقـــــاؤهُ ***يرى رســـم ختمٍ بالقضاءِ نهائيـا

 

...................

(1) (لم تقضي) كتبت الحركة مشبعة رغم جزمها، لأن في علم العروض يجب كتابة الحركة بحرف لينها المناسب، وعند الاختلاس تكتب الحركة  المناسبة، ولا يكتب حرف اللين أو المد، ولكن معظم الشعراء لم يتقيد بالقاعدة

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم