صحيفة المثقف

بكر السباتين: الرد الممكن والأسباب التي أسقطت اسم فلسطين من خرائط جوجل..

bakir sabatinشارك الآلاف من العرب والمسلمين في تغريدة (الهاشتاك) حول حذف اسم فلسطين من الخارطة، المشاركون استنفروا من مختلف أصقاع العالم، مؤكدين على أن الكيان الإسرائيلي إنما هو كيان محتل للأرض العربية الفلسطينية، وأن القدس ستبقى عاصمة فلسطين الأبدية.

وهذه خطوة جيدة وإن جاءت متأخرة وبزخم أقل من المطلوب تجاه قضية وضعها العالم وخاصة العرب على الرف ليتراكم عليها الغبار، ولكن لا بد من وضع اليد على الأسباب الحقيقية ليتم التعامل معها باحتراف، وبالتالي دق رأس الأفعى إن أمكن.

وينبغي أن ندرك في ذات السياق بأن موقع جوجل ومنذ بدأ خدمة الخرائط لم يضع اسم فلسطين على خارطة فلسطين الكاملة، أو حتى الضفة الغربية وقطاع غزة، لذلك فحذف اسم فلسطين من فترة طويلة وليس الأمس. علماً بأن جوجل لم يعد يحدد مناطق الضفة وغزة على أنها فلسطين، وتبقى الخارطة يشار إليها بالقرب من الضفة لكن دون تحديد المناطق باللون الأحمر فيما يعتبر وفق بياناته المنشورة والإجابات المتوفرة بأن القدس عاصمة فلسطين.

 وهذا يعني أن الوصف الذي ترفقه جوجل حول فلسطين هو نفسه الوصف السابق لا جديد عليه، لكن الجديد أن هناك من قال لجوجل حتى الضفة وغزة لم تعد فلسطين أو مناطق السلطة الفلسطينية.

لا بل أن هناك مسألة أخرى لا تقل استفزازا تتمثل في أن جوجل لا تعطي لمستخدمي (جيميل) و (اليوتيوب) التي تملكهما شركة جوجل إمكانية اختيار فلسطين كدولة عند ملء البيانات في عملية تسجيل المستخدم ويضطر المستخدم إلى اختيار "إسرائيل" أو في حالة (اليوتيوب) الخيار هو"الضفة الغربية" .

 مثلا لو دخلتم إلى ترجمات جوجل وقمتم بكتابة جملة "اسرائيل تحتل فلسطين" فإن ترجمات جوجل تعطيكم التالي : "Israel occupies Palestine" ، بينما إذا قمت بكتابة " فلسطين تحتل اسرائيل" فان الترجمة ستصب لصالح الكيان الإسرائيلي، وتعطيك الترجمة المغلوطة التالية : Israel occupies Palestine"" ، مع أنك إذا قمت بكتابة "ايطاليا تحتل (إسرائيل)"، على سبيل المثال، فان جوجل تترجم الجملة بالشكل الصحيح، أي كالتالي : "Italy occupies Israel" .

أما على بريد جوجل الإالكتروني فالخيار هو "السلطة الفلسطينية" وهي مسميات تثير البلبلة ويصعب على المستخدم إيجادها.

في خلاصة الأمر فإن جوجل لن تقدر على مسح فلسطين من قلوب الأحرار في العالم.. فكيف تقتلع جذورها كفكرة وواقع من قلوب الأجيال الفلسطينية المتعاقبة!

ولكن ينبغي منا أيضاً معرفة السر الذي يقف وراء تورط جوجل بإلغاء اسم فلسطين عن الخرائط واعتبار القدس عاصمة للكيان الإسرائيلي!؟

ففي مقال عنوانه "لماذا تقول جوجل أن (القدس) عاصمة ل(إسرائيل)؟" كتبه الباحث الجغرافي "مارك جراهام" (أخصائي جغرافيا الإنترنت، وأستاذ مشارك بمعهد أكسفورد للإنترنت) مع نهاية العام 2015، وترجمه إلى العربية باسم مسلم(أمة بوست) تحدّث فيه عن النتائج التي تظهر لمستخدم محرك البحث جوجل أثناء بحثه بكلمة "جوريزاليم" أو "القدس" لتخبره أنها عاصمة لإسرائيل! فيما يأتي ذلك خلافاً لقرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي حيث تعتبر الأرض الفلسطينية التي احتُلت عام 1967 أراضي محتلة، بما فيها القدس الشرقية.

مالم يخبرنا به "جراهام" جغرافي الإنترنت، هو أن "خرائط جوجل" تُظهر الأراضي التي احتلها الإسرائيليون من الأرض الفلسطينية عام 48 مكتوب عليها الآن "إسرائيل "دون أن ذكر أي ملمح لـ “فلسطين”.

فما السر في ذلك؟

إن برنامجي الخرائط (الخرائط) و (الأرض) التابعين لجوجل يعتمدان في عملهما على أكثر من قاعدة معلومات جغرافية لبث الخرائط الديناميكية التي نشاهدها من خلالهما. (جوجل إزرايل) المعروفة بـ (مابا) هي الشركة الرائدة داخل الكيان الإسرائيلي في صناعة النظم الجغرافية الإلكترونية مع بدايات التسعينات. لديها قاعدة بيانات جغرافية ضخمة تضم خرائط مدنية وصور أقمار صناعية للأراضي المُحتَلّة. قاعدة البيانات الجغرافية تلك هي التي تعتمد عليها “جوجل” لتغطية هذا الحيز الجغرافي (فلسطين – إسرائيل) عبر برامجها (خرائط جوجل) و (خارطة الأرض). قاعدة الخرائط الجغرافية لـ (مابا) هي التي تُظهِر اسم (إسرائيل) دون ذكر لإسم (فلسطسن)، كما تذكر "جوريزاليم" أو "أورشليم" دون "القُدس"، في حين أن "خرائط جوجل" أو "جوجل الأرض" يعتمدا على برمجيات جغرافية أخرى لتغطية مناطق مجاورة من المنطقة، فمثلاً تعتمد على قاعدة بيانات جغرافية لشركة (كوريون مدل إيست) لبث خرائط أغلب البلدان العربية في الخليج وشمال أفريقيا، بالإضافة إلى إيران.

تقول سياسات جوجل فيما يخص خرائط المناطق المتنازع عليها حول العالم، أنه يتم وضع علامة بطريقة خاصة على حدود تلك المناطق، وأنهم يستخدمون القوانين المحلية للدولة في ترسيم حدودها. فأين العلامات الخاصة في حالة "القدس" أو "فلسطين"؟ وأي قوانين محلية لأي بلد في مثل تلك الحالات؟

وينبغي أن تتم محاسبة جوجل لمخالفتها القانون الدولي في نشر بيانات تخالف قرارات الأمم المتحدة فيما يتعلق بفلسطين حتى تضغط على مراكز الجغرافية الإسرائيلية المعتمدة كي تتقبل الخيارات المقابلة للمصطلحات المتعلقة بالقضية الفلسطينية من باب الموضوعية، لأن الأمر كما يبدو في النهاية يصب في مصلحة من يمتلك الأدوات ويصنعها، ومن يقوم على جمع البيانات وتحليلها وتصديرها من خلال الوسائط التقنية المختلفة، وهذا للأسف ما لا يمتلكه العرب.

إن الأجيال الناشئة التي ستتعامل مع محرك بحث جوجل أو موسوعة "ويكيبيديا" الحرة! والتي ستلقي نظرها إلى جغرافيا العالم عبر خرائط جوجل و بينج وغيرها، سيصير عنده تشوهات معرفية وعلمية مؤسفة، وستتبدّل لديه الحقائق دون أن يبذل جهداً في إزالة الزيف عنها، لأن صندوق التمثيل البياني للمعرفة يُجهّز له الوجبة المعرفية التي ينبغي أن يتناولها.من هنا لا بد من تضافر جهود الخبراء في مجال الشبكة العنكبوتية لتنظيم مرافعة قانونية وفنية عالية الدقة معززة بموجات موجهة من الرأي العام الجماهير العربي والإسلامي عبر مواقع التواصل الاجتماعي (بعيداً عن الفوعات) لإحراج موقف جوجل وإعادة المياه إلى مجاريها الموضوعية، بعد أن توضحت الأسباب.

قليل من الحنكة سيغير المعادلة لو وضعنا اليد على الأسباب الحقيقية الموضوعية، هكذا ينفذ الأعداء مشاريعهم التآمرية فيما لا يتقن العرب سوى الفزعات!

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم