صحيفة المثقف

علجية عيش: هَلِ السِّحْرُ الأسْوَدُ حَقِيقَةٌ؟ ولمَاذَا يَفْشَلُ العِلاَجُ الرَّبَّانِي فِي إزَالَتِهِ؟

eljya ayshالحقيقة أنني من هواة متابعة الأفلام الخيالية التي لها ارتباط ما بالجانب العلمي، وكنت دائما أتابع بعض الأفلام التي تقدمها قناة "بوليود"، تعرض فيها صُوَرًا عن "السِّحْرِ الأسْوَدِ"، وإن كانت بعض المشاهد مُخِيفة جِدًّا، وتجعل ضِعَافَ القلوب يخافون ، ويتهيأ لهم أن شَبَحٌ يلاحقهم، وأنهم مُعَرَّضُونَ في أيِّ لحظة لاعتداءٍ " غير مَرْئيٍّ"، وغالبا ما كانت الشخصيات التي تمثل دور الضحية تسكنها روح شريرة، لحادث أو جريمة ما، وقعت في الماضي، ومع مرور السنين يتحول المكان الذي وقت فيه الجريمة إلى شبه "مسكون" بتلك الروح الشريرة، قد يكون هذا ضرب من الخيال طبعا، لكن ..

في الحقيقة لا أؤمن بمثل هذه الظواهر، ومشاهداتي لها كان من باب الاستمتاع لا غير، حتى وقعت بعض الأحداث في الجزائر، ولعلَّ الجميع يتذكر حادثة الأمّ التي قتلت ولديها بحي البوسكي سيدي مبروك قسنطينة إثر تعرضها - لمسٍّ - شيطاني خبيث، أمرها بأن تقتل ولديها، وتوفيت بعدها بسكتة قلبية بأيام فقط من وقوع الجريمة، ثم الأمّ التي ألقت بطفليها من الطابق الخامس بولاية تيبازة، وحوادث أخرى، ربما لم نسمع عنها، وقعت هنا وهناك، لا يمكننا الجزم طبعا إن كانت جريمة أم حالات استثنائية، مثلما هو الشأن بالنسبة للحالة الأولى، وحتى الحالة الثانية، لأنه لا يعقل أن تقتل أم طفليها، ولا توجد أمٌّ في كامل قواها العقلية ترتكب هذه الجرائم البشعة، حتى لو كان الإجرام يسري في دمها.

بحثت في محرك البحث Google عن هذا الذي يسمونه " السحر الأسود"، فوجدت له تعاريف عديدة، تقول الكتابات أن السحر الأسود أو كما يسمى بـ: سحر "الفودو" الإفريقي Voodoo ، وهي كلمة مشتقة من كلمة من كلمة (Vodun) التي تعني (الروح) ، وهو دين توفيقي ، ويسمى ممارسوه بخادمي الأرواح، حسب التقارير بدأت هذه العقيدة في جزر الكاريبي وعرفت انتشارا كبيرا، إلى أن وصلت كافة دول أفريقي، ويقال أنه عن طريق سحر الفودو تم تحرير الشعب الهاييتي من الاستعمار الفرنسي علم 1804، وهو يعتبر من أشهر أنواع المذاهب الدينية المتعلقة بالسحر الأسود، ويعتقد العديد من المؤرخين بأن مذهب "الفودو" وجد في إفريقيا منذ بداية التاريخ الإنساني، ويقول بعضهم إنه يمتد إلى 10 آلاف عامًا بالتحديد، يقوم هذا السحر في مجمله على الشر وإلحاق الضرر والأذى بالآخر، والطلاسم المستخدمة فيه شيطانية، ويسمى هذا الأخير أيضا بالسحر الإفريقي وهو المخصص للقتل ، والأفارقة أكثر الناس استعمالا للسحر الأسود، وقد كشفوا عن طقوسهم في المقابلات الرياضية، فما يسمى بـ: " الدنبوشي" هو نوع من السحر يستخدم في مقابلات كرة القدم، من أجل فوز فريق وخسارة فريق آخر، وغيرها من الممارسات الشيطانية التي تفصل العبد عن ربه، وتقوده إلى طريق الشيطان.

والحقيقة أني لم افهم بعض المفاهيم مثل السحر العلوي والسحر السفلي، وتضيف الكتابات أن أهل علم السحر يقسمونه إلى عدة أقسام، فثمة سحر مشروب ومأكول وطائر ومدفون ومعمول، لكن ما حدث مع العائلتين السالفات الذكر اسكت كل خبير بهذا العلم، ولذا يقول البعض ان السحر الأسود هو سحر اليهود وهو سحر مميت والعياذ بالله، فما كنت أشاهده في تلك الأفلام أراه في الواقع، لا أحد يمكنه أن يشك طبعا في وجود جنّ كافر (نجس) ، وكثيرة هي الحالات التي يتعرض صاحبها سواء أكان رجل أو امرأة لمسّ شيطاني خبيث، ويقال أن فلان "مسكون"، لكن مثل هذه الحالات لا تحتاج إلى تشخيص طبّي، وإنما تحتاج إلى "الرقية الشرعية".

المشكلة أن الرقاة الذين يمارسون "الرقية الشرعية" وقفوا عاجزين أمام الذين يدّعون أنهم يمتلكون قدرات خارقة يعجز البشر عن القيام بها ، ويستطيعون السيطرة على الأفراد والتحكم في مصائرهم، مع ممارسة بعض الطقوس وترديد التعاويذ، وهذا يقودنا إلى الحديث عن الخير والشرّ ، ففشل الرقية الشرعية في علاج أناس مصابون بأمراض غير عضوية، أو مَسٍّ شيطاني (جن كافر لا يؤمن بالله) والعياذ بالله، يطرح الكثير من الأسئلة، وعلى ما يبدوا أن "التقوى" وصفاء سريرة العبد من الشروط التي تُمَكِّنُ الشخص من أداء الرقية الشرعية، لكن وللأسف فإن الرقية الشرعية في السنوات الأخيرة تحولت إلى تجارة مربحة ، ودون تعميم طبعا، فكثير من الذين يذهبون إلى الرقاة يقعون ضحية خبث الشخص الذي يقوم بالرقية، الذي جعل من "العلاج الرباني" فرصة للربح السريع ، وهناك حالات أصبح فيها الرقاة هم في الحقيقة رقاة "مزيفون" ينشرون إعلانات على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي لاستقطاب الزبائن، وكم هي الحالات التي نقرأ عنها بأن فلانا راق رهن الحبس المؤقت عن تهمة كذا وكذا، وقد وصلت الأمور إلى حد الاغتصاب.

ما يمكن قوله هو أن البعد عن الإسلام والمنهج الرباني أوقع كثير من الناس في الجهل والانحراف، كما أن بعض الرقاة بعيدون كل البعد عن العلم الشرعي ، وغير متخصصين في العلاج الربّاني، المسؤولية طبعا تقع على وزارة الشؤون الدينية والأوقاف التي لم تكرس فعل " الرقابة " على فئة من الرقاة الذي لا يملكون ترخيصا قانونيا في علاج المرضى علاجا ربانيا، وما الذهاب عند المشعوذين والسحرة دلالة على خروج هؤلاء عن الطريق التي رسمها الله لعباده، والسؤال يُطْرَحُ هنا: كيف يتغلب الشرُّ على الخير؟ تلك هي المشكلة..

 

علجية عيش

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم