صحيفة المثقف

علجية عيش: الكوديكولوجيا بين تأصيل المصطلح واستخدامه في مجال المخطوطات العربية موضوع نقاش في ملتقى دولي

eljya ayshيعرف الخبراء الكوديكولوجيا La codicologie أو علم دراسة المخطوطات بأنه لفظ مشترك مشتق من  الكلمة اليونانية Logos التي تعني "علم"، والكلمة اللاتينية هي Codex  والتي تعني الكتاب الرأسي المكون من كراسات، والكوديكولوجي هو الخبير في مادة المكتوب،  وقيل أن الكوديكولوجيا هي أركيولوجيا الكتب، التي تعتبر أغلى وأنفس آثار حضارة معينة،  ظهر هذا العلم بشكل مستقل في منتصف القرن العشرين، وهو يعد امتداد لعلم  تطور الخط أو ما يعرف بـ La paleographie، والذي ظهر في القرن التاسع عشر، ويشبهه بعض الخبراء بعلم الأركيولوجيا أو علم دراسة الآثار

من المنتظر أن يناقش خبراء عرب وباحثون جزائريون على التعريف مفهوم "الكوديكولوجيا" بين تأصيل المصطلح واستخدامه في مجال المخطوطات العربية وذلك في ملتقى دولي في طبعته الثالثة  ينظمه مخبر المخطوطات الجزائرية لغرب إفريقيا بالتعاون مع مركز أمجاد للمخطوطات بمصر،  ابتداءً من 14 نوفمبر الجاري، وسيعمل الخبراء على وضع "بيبليوغرافيا" للمخطوطات الجزائرية في غرب إفريقيا، من أجل التعريف بالمخطوط  المبعثر في أدغال إفريقيا  وتسهيل مهمة الوصول إليه،  أما عن المخطوطات في الجزائر لا تزال  تفتقر إلى اليد الفنية لصيانتها ورقمنتها  وحفظها إلكترونيا وذلك لغياب دراسات تحليلية عليها، فالجزائر ما تزال حديثة التجربة في مجال صيانة المخطوطات، لكونها تفتقر إلى مرممين متخصصين، وفي هذا يسعى مخبر المخطوطات الجزائرية في إفريقيا إرساء أرضية للبحث والاستشارة عبر ملتقاه الدولي في طبعته الثالثة نظمه مخبر المخطوطات الجزائرية في إفريقية بجامعة أدرار،  بالتعاون  مع مركز أمجاد للمخطوطات ورعاية الباحثين بمصر، والذي تنطلق فعالياته ابتداءً من 14 نوفمبر الجاري .

الملتقى جاء تحت شعار "المخطوطات الجزائرية وإسهاماتها في الحضارة الإنسانية"، يشارك فيه أكثر من أربعون بين خبير وباحث جامعية من مختلف الجامعات العربية، والإفريقية ( تونس،النيجر،المغرب،موريتانيا،مالي، نيجيريا، مصر، العراق والسعودية)، يعرضون فيه تجاربهم في مجال المخطوطات، يحضر الملتقى الخطاط الجزائري الشهير الدكتور محمد بن سعيد شريفي مدرس الخط العربي بالمدرسة العليا للفنون الجميلة بالجزائر منذ سنة 1964م، وخطاط المصاحف الجزائرية،  ووضع كذلك بيبليوغرافيا للمخطوطات الجزائرية في غرب إفريقيا، من أجل التعريف بالمخطوط  المبعثر في أدغال إفريقيا  وتسهيل مهمة الوصول إليه،  وحسبما جاء في "الديباجة"، الملتقى  يهدف إلى فتح ورشات تكوينية متخصصة لطلبة الدراسات العليا ووضع بيبليوغرافيا للمخطوطات الجزائرية داخل وخارج الوطن،  تحديد أماكن النشاط العلمي للعلماء الجزائريين داخل القارة الإفريقية وخارجها، توثيق صلة الربط التاريخي بين الجزائر ومحيطها الإفريقي والعالمي، الاستعانة بجديد البحث العلمي في قضايا جرد المخطوطات وفهرستها وكذا رقمنتها ومناهج بحثها،

و سيركز خبراء العرب على التعريف بمفهوم "الكوديكولوجيا" بين تأصيل المصطلح واستخدامه في مجال المخطوطات العربية، وهي ورقة يقدمها الدكتور مولاي محمد من جامعة أدرار، ومحاضرة أخرى بعنوان : "المعجم الكوديكولوجي" العربي من المصان إلى النشر الإلكتروني"، تقدمها الدكتورة عائشة لروي، ويفهم من الكوديكولوجيا أنه العلم  الذي يدرس الكتاب والمخطوط، أي علم آثار الكتاب، ومعنى ذلك أنه يهتم بدراسة مختلف مظاهر الصناعة المادية الأولية للكراس أو المخطوط، ويطرح عدة أسئلة توجه الباحث أو يحاول هذا العلم الإجابة عليها، مثل كيف ومتى وأين صنع هذا الكتاب؟ ولأي غاية تم إنجازه؟ ومن هو مستكتبه؟  كما يهتم بأساليب صنع الكتاب في زمن معطى وفي مكان محدود النطاق بعض الشيء، وأيضا يهتم بتقنيات المخطوط في العصر الوسيط. وبهذا المعنى يعتبر علم المخطوطات علما مساعدا للتاريخ باعتباره يبحث في المخطوط كوثيقة تاريخية، غير أن علم المخطوطات لا يهتم بتاتا بمضمون المخطوط، أو قيمته الفكرية أو المتن الداخلي، وإنما يدرس الكتاب من الناحية الخارجية، مثل نوع الورق أو الرق المستعمل وطبيعته وكيف كان يصنع الرق من جلد الحيوان، وكذلك طريقة جمع أوراق الكتاب، شكل الخط، طريقة وضع أرقام الصفحات،  الناسخين للمخطوطات، وأساليب نسخهم للمخطوط، ثم التسفير وتغليف الكتب،  أما الدكتور لوصيف محمد من جامعة الزيتونة تونس يلقي الضوء على المخطوطات الجزائرية في المكتبة الوطنية التونسية، فيما سيعرض الدكتور علاء الدين عبد العال من مصر دراسته الأثرية التي أجراها حول جماليات المخطوط العربي بين مهارات الصانع وأدوات الكتابة والتجديد والتذهيب، أما الدكتور ياسر محمد ياسين البدري الحسيني  من العراق سيركز في ورقته على ثقافة مفهرس المخطوطات،  مع ذكر آثار العلماء الجزائريين في القارة السمراء خصوصا وأن بصمات الجزائر حاضرة بعد دخول الإسلام المنطقة عن طريق قوافل التجارة وحركة العلوم  والمعارف.

و يأتي الاهتمام بهذا العلم ( الكوديكولوجيا) بالنظر للدراسات التي ركز أصحابها وعملوا على تطوير هذا المفهوم، حيث في بداية الأمر اعتمدوا على دراسة المكتبات وتاريخها والكتب والمجموعات والموسوعات، ثم تطور هذا التركيز ليهتم بشكل خاص بدراسة الشكل المادي للكتاب المخطوط من حيث كونه تراثًا وأثرًا ماديًا عن طريق دراسة العناصر التي تطور منها المخطوط من حيث حوامل الكتابة (البردي والرق،  والمواد المستخدمة في الكتابة من أقلام وأصباغ)، ومن العلماء الدين تحدثوا عن هذا العلم نجد الكندي جاك لومير Jacques Lemaire ، الذي قدم في كتاب له مدخلا إلى علم المخطوطات أو الكوديكولوجيا la codicologie، وما يميزه عن العلوم الأخرى المهتمة بهذا المجال،  ويفيد هذا العلم مُرَمِّمِي المخطوطات، فهو كما قال يبين لهم كل الجوانب المادية للمخطوط، مما يسهل عليهم تعويض المواد المفقودة أو المتلفة ويبين لهم الأدوات التي صنعت بها ومنها. كما يقدم للمحقق أيضا معلومات عن المخطوط الذي أمامه ويحيطه بالجوانب المادية التي قد لا يجد الوقت للاهتمام بها، أو قد لا تكون له الدراية الكافية للتعمق فيها. وكذلك يفيد المؤرخ بشكل كبير للتعرف على مخطوطات أهمل أو أغفل ذكر تاريخها ومنطقتها أو صاحبها، ومن العرب نقف مع الخبير أحمد شوقي بنيس، غير ان هذا الأخير يرى أنه لا يوجد بين المختصين موقف محدد من الكوديكولوجيا، لأن هذا العلم يعتبر جزءًا من الباليوغرافيا  paleographie التطبيقية أو التاريخية، للتعبير عن علم المخطوطات، وحسبه يرجع هدا الاسم إلى علم الخطوط القديمة، وظل بهده التسمية إلى غاية 1944 أين اقترح العالم الفرنسي ألفونس دان اسم "الكوديكولوجيا"

 

علجية عيش

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم