صحيفة المثقف

علجية عيش: الكوبيون أكثر الشعوب تقديسا لـ: العمل الإنساني

eljya ayshكان خبر وفاة قائد الثورة الكوبية بمثابة صدمة كهربائية في قلوب الشعوب، لاسيما والخبر يتعلق بزعيم من الزعماء المناهضين للفساد الحكومي، والداعي للإصلاحات بمختلف مجالاتها السياسية، الاقتصادية والاجتماعية، وقد أحدثت معاركه صدى في كل ربوع العالم، وارتبط اسمه برؤساء دول العالم الثالث وشعوبها المتعطشة للتحرر من قيود الاستعمار وعبوديته، ولا يختلف اثنان بالنسبة للجزائر أنه كلما ذكر اسم "كاسترو" إلا وعادت  إلى أذهان الجزائريين صورة الرئيس هواري بومدين ، الذي ارتبط اسمه كذلك بأسماء الزعماء والعباقرة في إدارة الحكم، والدفاع عن قضايا الشعوب المظلومة وعلى رأسها القضية الفلسطينية، ولكن الحديث هنا ليس عن شمائل هذا الزعيم الذي يعد واحدا من قادة عدم الانحياز،  وشخصية ملهمة للثوار عبر العالم أجمع، الثوار الذين حاربوا من أجل الحرية، وإنما عن ثمار أفكاره وأطروحاته النضالية التي رسخت في أذهان شعبه وإطارات كوبا..

نعم ذلك ما لمسناه من الشعب الكوبي، وبخاصة الإطارات الطبية، فرغم حزنهم على رحيل قائدهم الثوري، فالأطباء بمستشفى كوبا لجراحة العيون بولاية ورقلة جنوب الجزائر لم يتوقفوا عن أداء واجبهم المهني تجاه المرضى الجزائريين، وبدلا من أن يكونوا في حالة حداد، فالمستشفى في اليوم الثاني من وفاة الزعيم يشهد حركية  على غرار سائر الأيام، وهم ينتقلون من جناح لآخر يعالجون ملفات المرضى ويستقبلونهم لأداء الفحوصات الطبية، وكأن شيئا لم يحدث ، كنا متواجدين بالمستشفى في الوقت الذي رفع العالم راية الحداد، وكنا نقرأ الحزن في عيونهم ولكن الابتسامة لم تفارقهم في وجه المرضى، ليس غريبا طبعا أن يصمد هؤلاء صمود الجبال وهم يودعون زعيمهم الثوري، لأن الثقافة "البلشفية" غرست فيهم حب العمل الإنساني والتضحية من أجل "الآخر" ..، هذه الثقافة التي شرب كاسترو من لبنها، علمته كيف تموت الأسود، وعلمته أن العظيم عظيم بمواقفه لا بسلطته.

فقد فضل  فيدال كاسترو التنحي عن السلطة والتوقيع بمحض ارادته على ورقة استقالته، والزائر لمستشفى كوبا بورقلة يقف على مدى حب الأطباء الكوبيين لزعمائهم، بحيث لا يخلوا جدار من دران المستشفى إلا وترى صورة  الفقيد، وكذلك صور الثائر تشقيسفارا، وهذا إن دل على شيء فهو يدل على أن هؤلاء عظماء والعظماء لا يموتون،  لقد أدرك الكوبيون أن الأمم تنهض بالعمل والبناء وخدمة الإنسان، لا بالحزن والنحيب، إن موقفا كهذا يجعلك تقف على حقيقة واحدة هي أن الثائر فيدال كاسترو، الذي وصفه البعض بالدكتاتوري هو في الحقيقة "مُعَلـّْمٌ" عرف كيف يربي الكوبيين على التضحية والعمل الإنساني في كل مكان وخدمة الإنسانية مهما اختلفوا عنها في اللسان و العقيدة.

 

علجية عيش

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم