صحيفة المثقف

نوري الوائلي: الرحيل الى الله تعالى

noori aiwliما كان حُزْني بأيّام البِلى جزعاً

أو كان دَمْعِي بها يأساً وتَأْبِينا

 


 

الرحيل الى الله تعالى / نوري الوائلي

 

الحبُ يلهبنا والصبرُ يضنينا *** والعشقُ يغلبنا شوقاً ويكوينا

للغيب يأخُذنا بحثاً ويُبحرنا *** في النفسِ عمقاً وفِي الأكوانِ يُعلينا

فالنفسُ فيها من الآياتِ مبهرة *** والكونُ يحوي عظيمَ الخلقِ مُوزونا

يهفو الفؤادُ لغيبٍ من دلائلهِ *** في كلّ شيء يراه العقلُ مقرونا

يسعى أليه بوقتٍ لا قياس له *** والبعدُ صفر من المقصودِ يحوينا

ألعقلُ يدركُ أن الحق مُوجدنا *** والكونُ يسعى بأمرِ الله مرهونا

بالفطرةِ الخلقُ مشدود بخالقه *** والعلمُ لله يطوينا ويدنينا

فوق العقولِ فلا وصف يقاربه *** والفهمُ يبقى بعجزِ العقلِ مسجونا

لا يوصف العقلُ إلا في مقارنة *** والعقلُ للوصفِ يستقري الموازينا

بمنْ يُقارن لا شيء يشابهه *** فوق الصفاتِ علا معنىً ومضمونا

ألحقُ أنزل أوصافًا لندركها *** حتّى نكون لقدرِ الله واعينا

ألعقلُ يحبو لفهم الكونِ مفتقراً *** قد يدركُ البعضَ أو يكتال تخمينا

إنْ يرتق العقلُ للأَكْوانِ مُقْتَرِبَاً *** يرتدْ الى الذاتِ مخسوءاً ومَوْهُونا

عبر الزمانِ أُنادي والوجودُ صَدىً **** رحماك ربي فنادى الكَوْنُ آمينا

حَتَّى كأنّ مدى الأَكْوان مئذنةٌ *** و النَّفْسُ تملؤها ذكراً و تدوينا

يا منْ بِرَحْمَتِه الأَكْوان قائِمة *** و مُنْعُمَ الخَلْق في الآلاءِ غافينا

ومُنْشِئَ النَّشْأَةَ الأولى وبارَئها *** وهادي الخَلْقَ أن تقفو القوانينا

وساقي الطفلَ ألباناً مطيبة *** ومُخرج الزرعَ من صخرٍ أفانينا

وكَاسِي الظُّلْمةَ اَلأنْوارَ دافئة *** ومُنْزَلَ الروحَ والمِيزانَ هادينا

وخالقَ النحلَ إذ يشفِي بلسعته *** ومُبْرئ الداءَ بالأعْسالِ يشفِينا

ومُبْتَلِي النَّفْس إن ساءتْ وإن حسنتْ *** لَعَلَّه عن جحِيمِ النارِ يغنينا

ومُنْقِذَ النَّاسَ من جوعٍ ومن فزعٍ **** والمُرْتجَى كرماً بالدّيْنِ يحيينا

أَنْقِذْ بمنّك غرقاناً بغفلته *** طالَ الكبائِرَ تنويعاً وتَلْوينا

واشفِ المواجعَ فالآلام مبرحة *** ما بات فيها جميلُ الصبرِ مضمونا

وبسْمك الأَعْظم الأشجان سائلة *** أن تَكْشِف الداءَ والإمْلاقَ والحَينا

أن تُبْعِد النَّاسَ عنّا في مَساوئهم *** أن تَسْتَجِيب الدعا جوداً و تحمينا

زادي قَلِيل ومكرُ النَّاسِ أَدْركني *** حتّى سقاني خداعُ الناسِ غسلينا

إن بان رِزْقي أطال النَّاسُ نعمته *** حَتَّى غَدَوْتُ بعين السْوِء مَعْيونا

ألصبرَ ربّي أُنادِي صبرَ مُحْتَسَبٍ *** قد جاءك الدّهرَ مَكْروباً و محزونًا

ما كان حُزْني بأيّام البِلى جزعاً *** أو كان دَمْعِي بها يأساً وتَأْبِينا

بل كنتُ فيها دعاءاً صاغني جملاً *** أجني من الجدبِ رغم الضيقِ زيتونا

أيْنَ المِفَرُّ ونفسي ما لها أمل *** إلاَّ بعَفْوك يوم الحَشْرِ يُنجينا

نَسْعَى إليكَ بحالٍ بات يُخْجلنا *** كَيْفَ الوصول وثِقْل الذَّنْبِ يطوينا

نَسْعَى لك الدَّهْرَ ما هانت مراشِدُنا *** نُحيي لك اللَّيْلَ عبّاداً مُناجينا

لولا الرَّجَاءُ بمن لا نوم يأْخُذه *** ما طابَ عيشٌ بها والموتُ داعين

 

الدكتور نوري الوائلي - نيويورك

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم