صحيفة المثقف

المرأة العربية ومساهمتها في تشكيل الخطاب الوطني التحرري

الحديث اليوم عن المرأة ودورها في حل النزاعات وإسكات السلاح  أصبح أكثر من ضروري للتنويه بدور المرأة في مواجهة الأنظمة الدكتاتورية ورفع التحديات من أجل السّلام ومن أجل حماية مصالح مجتمعها من العنف والتطرف، وهي تحتفل اليوم بعيدها العالمي يمكن القول أنه وجب تجديد الخطاب الإصلاحي للمرأة، وإعادة طرحه للنقاش في ظل التحولات السياسية ومحاربة بعض المفاهيم الدخيلة على المجتمع المسلم والتي أقحمت فيه المرأة بصورة مباشرة باسم جهاد النكاح

شكلت الواقعة الإستعمارية التي عاشتها الشعوب العربية مقطعا تاريخيا لوضع عام تميز يتراجع مسلسل  في كل الإتجاهات وعلى كل الواجهات  وما أفرزته من مواقف وتصورات إزاء كل المتغيرات الداخلية والخارجية، تطلب إقحام المرأة في العمل النضالي  وتفاعلها مع الوضع الذي فرضته الظروف الإستعمارية،  وجعلت من الحرية مدخلا للتحررالشامل والتخلص من القهر وألإستبداد الي مارسته الأنظمة افستعمارية لسنوات طويلة، فقد  سجل التاريخ أسماء مقاومات وقفن في وجه المدافع، ولعبن كل الأدوار، فمن فدائية ومسبلة إلى ممرضة وحفرن البعض منهن خنادق للهروب من السجون والمعتقلات،، هي طبعا تضحيات جسيمة قدمتها آلاف النساء في الوطني العربي، حيث كنّ السند الخفي للأبطال، فقد خاضت المرأة العربية الحروب والنزاعات المسلحة، حيث أجبرتهن ظروف الحرب والإستعمار على كسر التقاليد والعادات من أجل قضية مصيرية، فكنّ صوتا يعبر عن الوعي الثوري، ويضم السجل التاريخي أسماء عديدة لمقاومات وثائرات حملن السلاح في وجه العدو وناضلن في فضاء اتسم بالقسوة والعنف لطالما كان حكرا على الرجال، إنه جيل التحدي والثورية داخل الحوز الكولونيالي، فما من دولة عربية عاشت وتعيش تحت نير الإستعمار إلا وخرجت من رحمها امرأة ثائرة مقاومة، في فلسطين، لبنان، العراق، سوريا، مصر، الجزائر، المغرب تونس وليبيا، ولا ننسى بورما، الفيتنام وبلدان أخرى رسمت فيها المرأة صورة للتحدي، أثبتت قدرتها على حمل السلام وقيادة الجماعات، ولو وقفنا على ظروف الحرب في فلسطين كأنموذج نجد نجذ النضال النسوي الفلسطينية في القرن العشرين عرف تحولات دفعت بالمرأة الفلسطينية لتحمل دورا أكبر من الدور الذي لعبته نساء أخريات  والذي كانت تلعبه في فترات سابقة من القرن الماضي.

لقد دفعت التحولات الجديدة  الإنتداب البريطاني إلى تأسيس الجمعيات النسوية وتوزيعها في المدن والقرى، حيث لعبت الحركات النسائية في فلسطين لتحسس النساء بضرورة المشاركة في النضال والكفاح المستمر ومقاومة الإحتلال الإسرائيلي، وبالفعل شاركت المرأة الفلسطينية عدة ثورات، بدءًا من ثورة 1929 وثورة 1936 وقفت فيها إلى جانب الثوار، وتعرضت المرأة الفلسطينية للإعتقال والتعذيب ومحاكمات بسبب  مقاومتهن للإحتلال البريطاني، ثم الفترة ما بين 1948 و1967، فكان لهاتيتن الفترتين  تحولات في حياة المقاومة الفلسطينية التي أبرزت فيها المرأة الفلسطينية وجودها كعنصر فعال في حرب التحرير، لقد ارتفعت أصوات من هنا وهناك للإسكات صوت السلاح إلى غاية 2020  في إطار ما يسمى بالوساطة الوقاية وفي جهود التلاحم الإجتماعي العربي والإفريقي، وننوه هنا أيضا بدور المرأة في إفريقيا في التعامل مع القضايا و تقرير المصير،حيث أكدت حضورها القوي  في كل الحروب وعبرت عما يعانيه المجتمع، والمرأة تحتفل بعيدها العالمي يمكن القول أنه وجب اليوم تجديد الخطاب الإصلاحي للمرأة في ظل التحولات السياسية ومحاربة بعض المفاهيم الدخيلة على المجتمع المسلم، كذلك العمل بالقرارات الصادرة في حقوق المرأة، لاسيما القرار الأممي رقم 1325  الذي يمكن المرأة من العمل والمشاركة،  والذي نتج عنه ميلاد مجلس الأمن والسلم، مع استحضار البعد التاريخي لنضال المرأة والمسارات التي انعرجت بها، وإعادة التاريخ الحديث إلى أصوله الإسلامية والعالمية، وهذا يعني إعادة النظر في كفاح المرأة العربية، وتصحيح مسارها النضالي.

 

علجية عيش

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم