صحيفة المثقف

مجتمع الشبكة بالاستناد إلى نظرية مانويل كاستالز

لمانويل كاستالز ثلاث أعمال مهمّة ثلاثة ومن أهمّها كتاب la société en réseau مجتمع الشبكات الذي يناقش تباعا ثورة تكنولوجيا المعلومات، وعولمة الاقتصاد، والشبكات والتحوّلات الثقافية والاجتماعية، بما في ذلك مفهوم المكان والزمان.

الأطروحة الأساسية للمؤلف هو أن يتم تعريف الدولة الاجتماعية المعاصرة التي تطورت الدولة المرتكزة على نمط التنمية (الزراعية والصناعية) الى نمط ثالث يسميه كاستالز نمط التنمية المعلوماتية. بمعنى أن المعرفة أصبحت مصدر رئيسي للإنتاجية، في حلقة متسلسلة من التفاعل بين المعرفة والتكنولوجيا الأساسية وتطبيقها لتحسين توليد المعرفة "، وتجهيز الرموز و المعلومات والاتصالات. وبالتالي نمط التنمية المعلوماتية، بدلا من مجتمع ما بعد الصناعي الذي وضع أسسه العملية دانيال بيل وبعد ذلك آلان تورين.

خمس ميزات تميز النموذج التكنولوجي المسمى ب مط التنمية المعلوماتية:

تقنيات تعمل على المعلومات، وليس فقط المعلومات المتعلقة بها كما كان من قبل.

 المعلومات هي جزء لا يتجزأ من كل النشاط البشري.

 بفضل هذه التقنيات تضاعفت الاتصالات الشبكية الممكنة.

 المنظمات والمؤسسات، يمكن تعديلها وتحويلها بمرونة.

تطوير البنية التحتية التكنولوجية (الاتصالات السلكية واللاسلكية، ونظم المعلومات التفاعلية وأجهزة الكمبيوتر) يجعل من الممكن معالجة المعاملات المعقدة بسرعة.

تجاوز كاستالز ماركس الذي اعتبر في البيان الشيوعي أنّ العولمة هي تزايد نمط الإنتاج الرأسمالي، في حين أن العولمة حسب كاستالز لديها القدرة على العمل كوحدة متكاملة ومتعددة المستويات على نطاق عالمي، وذلك بفضل البنية التحتية التي توفرها تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الجديدة.

المحرك الاقتصادي للعولمة هو الترابط المتزايد في الأسواق المالية الناجمة عن خمسة عوامل:

تحرير المعاملات الدولية والاستثمار و رؤوس الأموال في جميع أنحاء العالم .

تطوير البنية التحتية التكنولوجية (الاتصالات السلكية واللاسلكية، ونظم المعلومات التفاعلية وأجهزة الكمبيوتر) مما يجعل من الممكن معالجة المعاملات المعقدة بسرعة فائقة

 ظهور أشكال جديدة من" التعاملات المالية" ك (العقود الآجلة والخيارات والمقايضات ...)، وتشجيع المضاربة في الزمان والمكان، وربط المنتجات المتداولة في الأسواق المختلفة، وجعل الشبكات المالية العالمية أكثر تنوعا ولا يمكن التنبؤ بمسارها.

الشركات الاستثمارية الكبيرة تلعب دورا رئيسيا في هذه التدفقات المضاربة:

الشركات المالية الكبرى هي التي تضع قواعد تنظم الأسواق المالية في جميع أنحاء العالم. ويخلص مانويل كاستلز في هذا التحليل: " أنّ التركّز الشديد للثروة المالية يكون في الدول المهيمنة تكنولوجيا، اذ أصبح الإنتاج في شبكة عالمية من تدفقات رأس المال التي تديرها أنظمة المعلومات والخدمات ذات الصلة بها. وبالتالي عولمة الأسواق هي القاعدة محورية في الاقتصاد العالمي الجديد. "

سمحت سياسات تحرير التجارة وإزالة القيود التي يقررها G7 والمؤسسات الدولية كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية بجعل الأسواق المالية مترابطة. وقد وضعت ثلاثة أنواع من التدخل لهذه السياسة:

تحرير النشاط الاقتصادي المحلي، بما في ذلك الأسواق المالية.

تحرير التجارة والاستثمار الدولي.

خصخصة المؤسسات العامّة.

وخلاصة القول مايمكن استخلاصه من الطاقة النظرية المتبلورة في نظرة كاستالز أن المجتمعات الحديثة شهدت طفرة من التحولات قوامها الانتقال من الرأسمالية الصناعية الى "رأسمالية معلوماتية" و" ثقافة افتراضية "، ربطا بالعولمة التي تؤثر في التدفق "المالي والمصرفي" في جميع مختلف أنحاء العالم، حيث تقوم تكنولوجيا المعلومات الجديدة بتحطيم العقبات والعراقيل الزمنية والمكانية مشجعة توسُّع الرأسمالية المالية إلى أبعد الحدود. بالإضافة إلى كونها تقوض العلاقات الاجتماعية الهرمية والتراتبية والتصنيفات الطبقية التقليدية، لأن ثقافة الوسائط المتعددة والانترنيت بمثابة الأبجدية الجديدة لعالمنا المعاصر. الأمر الذي ادى الى تنامي الفردانيى بجعل الأفراد يحددون روابطهم وعلاقاتهم انطلاقا من دوافعهم الفردية ورغباتهم، تطلعاتهم،مايجعلهم يبنون علاقات شبكية عبر الوسائط الاعلامية الجديدة تمكنهم من تجاوز ما من شأنه ان يعيق مايصبون غليه كالبطالة والفقر...

 

ماجد قروي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم