صحيفة المثقف

بين العبادي وترامب... هل من جديد؟

بعد ان أكدت الأدارة الامريكية الجديدة ممثلة اليوم برئيسها الجريء دونالد ترامب، ان غزو العراق كان خطئاً كبيراً حين تمت أزاحته عن دوره المحوري في تحقيق الامن والاستقرار الدولي، ومكافحة الأرهاب في المنطقة العربية .. نتيجة الخطأ الكبير الذي ارتكبه العراق بغزوه للكويت عام 1990 . وفرية أمتلاكه اسلحة الدمار الشامل الكاذبة التي روج لها المعارضون للنظام، فكان الأحتلال عام 2003، والتدميرالكلي للوطن والمواطن، وظهور نظرية الاطماع في الأرض العراقية من قبل المجاورين بحجج واهية، لا تستند على معاهدة أو قانون، والتمهيد لظهور داعش وكل عصابات المليشيات الارهابية المسلحة التي ساندها المجاورون لغرض تدمير الوطن العراقي وأحتلاله دون قانون،

من هنا حلت الكارثة بالعراقيين ؟

 اذن لا بدَ من ان تلتفت الادارة الأمريكية الجديدة الى ضرورة اعادة دورالعراق المحوري في المنطقة وتخليصه ممن ساهم في محاولة قتله وابعاده عن دوره الكبيرقبل ان ينحدر الى هاوية المصير، لذا لا يمكن ان تتحقق الأستراتيجية الامريكية في العراق من جديد، الا اذا بنيت على تكوين عراق ناهض وعلماني متحضر موحد وجديد ليساهم في بناء منطقة خالية من الأرهاب والأرهابيين ..

هذا ما فشلت فيه الادارة الامريكية السابقة في التحقيق، اما اليوم في حالة تحقيقها فسيجد السيد الرئيس ترامب ان الشعب العراقي كله سيكون معه أملا من التخلص من المحنة الحالية التي افقدته المصير. والتخلص من ارهاب الشرقيين ليكون العراق هو المنطلق الجديد في محاربة كل توجه خاطىء جديد .ويبقى السؤال هل ان السيد رئيس الوزراء العبادي سيأتي الى الرئيس ترامب بمثل هذاالطرح الكبير؟ لا أعتقد ذلك كون ان الأدارة العراقية ممثلة في الرئاسات الثلاث مرتبكة ومشاركة في الحالة الراهنة دون حلٍ واضح أكيد، وهي ليست بمستوى الطموح الذي يتمناه الشعب العراقي للخلاص من المحنة لعدم قدرتها على التنفيذ . لذا لا حل امام الادارة الامريكية الا بالوقوف مع الشعب العراقي لتغيير الحالة المزرية التي وصل اليها العراق اليوم من جراء تدخلها فيه دون حساب النتائج، هنا لابد من مساعدته في تكوين حكومة جديدة من التكنوقراط المستقلين تمهيدا لحل قانوني جديد.

 ونحن نقول لسيادة الرئيس الجديد السيد ترامب، ان الذي حدث للوطن العراقي ليس خطئاً، بل خطيئة أستراتيجية، كونُها اصبحت جريمة نازفة ومستمرة في هذا الوطن الحضاري التليد، تتزعمها الافكار الشاذة، والآيديولوجيات الدموية ، التي لا تعترف بالمصالح الأستراتيجية المشتركة بين الدولتين، ولا بحق الشعوب في العيش بسلام وآمان، فألأولى ان تساهم الادارة الامريكية في الحل السلمي الجديد بألدعوة لانتخابات نزيهة بعيدة عن القانون القديم.

السيد الرئيس ترامب

لم يُحتل العراق من قبلكم حسب، بل جرى تفكيكه ونهب ممتلكاته وحل قواته المسلحة القوية لمصلحة الأخرين والكل اليوم تعود على فلسفة الخطأ فكيف تحقيق الاصلاح في بؤرة الفاسدين؟، وهكذا كان قرار بريمر الحاكم العسكري الأمريكي الخاطىء والذي نتج عنه جملة قرارات خاطئة اخرى، وهي كتابة الدستور المبهم الناقص الخالي من الفقه الدستوري الصحيح، وفرض المحاصصة في ادارات الدولة متمثلة في مجلس الحكم الخائب، ومنحه صلاحيات السلطات الثلاث، وبأمتيازات مادية فاقت حقوق القانون، وتطويع القضاء وحكمه لصالحهم ، وتشكيل الجمعية الوطنية بلا أنتخاب وهي بداية التخريب، وقتل العلماء والاطباء واساتذة الجامعات والضباط والطيارين بحجة الأجتثاث التي ابتدعها الطامعون في سلطة الدولة من الذين استولوا على قيادة الوطن، تنفيذأ لأوامرخارجية لينفردوا بالوطن دون منازع ...ولا غير.

 ان الشروع في بناء الوطن على الطائفية المقيتة، والعنصرية البغيضة، والمحاصصية المرفوضة، ونظرية الأحزان الدينية الدائمة، وتخلف المرأة، وتزوير الشهادات العلمية، هي التي مكنت من لا يستحقون القيادة تبوأ مراكز القرار، وحصر انفسهم في المنطقة الخضراء بعيداً عن الشعب ومتطلباته - العزلة شعبة من الضيق- لهوعبثُ بالمقدرات الوطنية التي يجب ان لا تقبل منكم ومن الاخرين بعد ان ضاع الوطن وسط امواج المخاصمات الشخصية دون طائل من تحقيق. هذه المصائب كلها جاءت نتيجة قرارات بريمر الخاطئة بحق العراقيين؟ والذي ما كان يجب ان تحتل وطنا لم يتدخل في شئونكم من بعيد او قريب، انه كان اعتداء منكم غير محسوب.

على الادارة الامريكية الحالية ان تُراجع نفسها بجد وجدية وان تتخذ الأجراءات بألغاء قرارات بريمر، والعودة للشعب وفق قانون انتخابي قائم على منتخب واحد لناخب واحد لسحب السلطة من ايدي مغتصبيها وتبديل مفوضية الانتخابات بأخرى مستقلة ومحاسبة المقصرين. وتسليم كل المتجاوزين على الوطن الذين ساهموا في التدميرلمحاسبة القانون، وحجز اموالهم وآموال العراق المسروقة في البنوك التي أستثمروها لصالحهم، تمهيدا لأرجاعها، وتمكين نواب الشعب المنتخبين حقاً وحقيقة من اختيار حكومة وطنية تساوي بين العراقيين، لتحميلهم المسئولية والعودة بالوطن لجادة الصحيح .

العراق البلد الحضاري الكبير ما كان يجب ان يعامل خارج الضمير والتاريخ في وقت توفرت فيه البدائل دون حالة التغيير والتدمير .

نقول للسيد ترامب: هل تقبل أدارتكم المحترمة هذا الوضع المزري الذي حل بالعراق وشعبه صاحب التاريخ الحضاري العظيم، حين ساهمتم بتحويله الى شعب مشرد بين قتيل وهارب، وجائع وخائف، وجيش من المرملات والمطلقات والبائسات، ونُسب هذا التدمير لدولتكم، حتى اصبحت بغداد تصنف عالميا بأنها أسوء مدينة في العالم لا تصلح للعيش الانساني الكريم ؟.

 العراق هو الذي حمى الوطن العربي من الاطماع الايرانية لمدة ثماني سنوات، قدم فيها خيرة شبابه يوم كان الخليج يرفع شعاره (منكم الرجال ومنا المال)، وقد صدقهم حكام العراق الأغبيا ء يومذاك مندفعين بعاطفة قومية لا يقبلها العقل والمنطق حتى جرعوا ايران السُم الزعاف، مقابل خسارته لشبابه الغُر الميامين الذين قاربوا المليون شهيد، ومثلهم جرحى ومعوقين ومفقودين، وما هذه المرملات والمطلقات والعوانس الا نتيجة لهذه الحرب البائسة حين بقين بلا رجال، ناهيك عن خسارته المالية التي خرج من هذه الحرب اللعينة المرفوضة صفر اليدين، فخسر كل تطوره الحضاري الكبيردون مقابل من الآخرين فوقع في حيرة الندم والضيق...

وكان من نتيجته احتلاكم الوطن العراقي عام 2003 بوشايات مزورة، أستغلت ايران الفرصة الذهبية المتاحة لها من عملائها لتنتقم من العراق والعراقيين، فأحتلت العراق مجددا بعد ان سحبتم الجيوش الامريكية خطئاَ ولا زال الوطن لم يُسعف بعد .فكانت فرصة الأيرانيين والأرهابيين للقتل والتدمير ونهب للمال العام والممتلكات وتطبيق وصية أردشير، ونشر

مذهبها المتطرف الأرهابي – عقيدة أهل البيت براء منهم - بعد ان قتلت الانسان وحولت الوطن الى هشيم.

 واخيرا خسر العراق، ثلث اراضيه لداعش بداية بالموصل وليس انتهاءً بالأنبار، وما جر عليه من ويلات وكوارث استغلها الحاكمون وايران والبرزانيين لتدميره بالكامل لكي يصبحوا حكاما عليه وينقلوه الى مرحلة خارج التاريخ، ومع كل الذي غنموه من سلطة ومال وتأييد من الطامعين .

ومع كل هذا انهارت قياداتها الباطلة امام حفنة من المجرمين الدواعش في عام 2014 بمؤامرة خسيسة قادها المتخاذلون من قيادات الجيش والحكومة السابقة ورئيس اقليم كردستان الذي اعلن مباشرة بعد الاحتلال ان المادة 140 الساقطة أصلاً قد انتهت . وهذا دليل أكيد على مشاركته الأحتلال الداعشي البغيض، حين اعلن ضم المناطق المتنازع عليها باطلاً لأقليمه المصطنع بالقوة بعد ان خرق الدستور والعصيان في منصبه دون مبالاة حتى بحقوق الأكراد الاخرين كما يفعل في كركوك وسهل نينوى، وبعد ان سُخرت أقلام العملاء للتبرير.

السيد ترامب

ان الشعب العراقي يطالب الأدارة الأمريكية باسم الحق والعدل ونكبته التي كنتم أنتم المسببون لها، وانتم اليوم الرئيس الأعلى للادارة الامريكية الجديدة ان تُرد الحقوق للعراقيين ووطنهم بالوقوف معهم بحق وحقيقة، لأن سقوطهم وسقوطه كان منكم وبكم، وان ترد الاموال المنهوبة من قبل بعض قيادات العراق ورئيس اقليم كردستان، وترد اراضيه ومياهه المسلوبة من المجاورين بحجج واهية، وأنتم أعلم بها وبأماكن وجودها وترد لوطن العراقيين في حقوقه المغتصبة بحكومة من المخلصين .

بالأضافة الى لأحتلال الوطن والأستيلاء على ثرواته، و قروض المديونية الباهضة التكاليف التي تعمل الدولة الغبية على تنفيذها دون دراية او بقصد معروف، والمساعدة على القاء القبض على كل خونة التاريخ الذين أوهموكم كذبا بأن العراق يملك اسلحة الدمار الشامل كذبا وزرا من اجل مصالحهم ومصالح أسيادهم من الأيرانيين لا غير. ان التعامل معهم بشفافية لهو منقصة بحق الدستور والقانون الامريكي العظيم .

تعلمون تماماً سيد الرئيس، ان كل شيء يجري في العراق اليوم على غير نظام.الرشوة بدلا من الأمانة، والقتل بدلا من الحماية، والتدمير للبنى التحتية بدلا من الأعمار، والتوظيف للاقارب والمحسوبين على القيادة من الأغبياء بدلا من كفاءات الشعب المخلصة، والتجهيل بدلاً من التعليم ، والأمراض المنتشرة بدلاً من العناية بصحة المواطنين، ولكن اذا مرض واحد منهم فمستشفيات لندن وباريس له وللمحاسيب، والمليشيات بدلا من الجيش لتمزيق وحدة الدفاع الوطني، وقانون العشائر العرفي بدلا من القانون المدني لأشاعة التخلف، والوزراء من الخائبين والمرتشين وباعة الاثار والوثائق بدلا من المهنيين والمخلصين، والقروض الخارجية بدلا من الانتاج الوطني ..، وأخيراً وليس أخراً تدمير حتى متاحفه للقضاء على أي أثر لحضارة العراقيين .

فماذا ابقوا لنا بعد ان فقد الوطن الأمان والأطمئنان والكفاية والعدل بين المواطنين؟. ألم تكن مسؤليتكم التاريخية اليوم الوقوف مع المظلومين ضد الظالمين ؟ليبنوا وطناً استرا تيجيته تبنى على عدم السماح للأرهاب من اختراق صفوفه وليكن مأمنا لكم و للآمنين .

نحن ندعو الادارة الامريكية وعلى رئسها الرئيس ترامب ان تعمل على مساعدة العراقيين في تكوين دولته العلمانية الموحدة المستقلة القوية وفصل مؤسسة الدين عن مؤسسة السياسة، ليكون القرار مستقلا بعيدا عن أراء المتزمتين، والتي سوف تساهم ببناء منطقة خالية من الأرهاب ومسالمة ومتحضرة بما لا يتاقض او يهدد المصالح الدولية الأسا سية لتنعم المنطقة بالاسقرار السياسي والامني لصالح الطرفين أمريكا والعراق.بضمانات امريكية، وهذه المرة سيرحب الشعب بهذا التوجه املا بالخلاص من محنة التدمير.

ان الذين يحكمون اليوم لا أمل فيهم بالاصلاح من الذين يرونه من زاوية الرؤية السياسية لا غير وبالمطلق، بعد ان انهارت قيم الحياة المقدسة عندهم، واشاعوا نظريات الفساد والتعامل معها بأعتبارها شطارة على المواطنين، فسقطت قدسية النضال الذي كان بها يدعون، فلا تسمع منهم، ولاتحتَرم الا المستحقين، لأن أحترام من لا يستحق الأحترام لهو أهانة لمن يستحق . .

السيد ترامب

قل هذا للدكتور العبادي الزائر لكم غداً حين اللقاء القريب به في دولتكم العظيمة، وهو (رأي الغالبية من الشعب العراقي)، وأطلب منه باسم الشعب العراقي والقانون الذي تطبقه دولتكم الكبيرة أعادة الدولة والحقوق للمواطنين، وان يكف عن التردد اللامبررفي أتخاذ القرارات الصعبة، ويبعد ايران من ساحة العراقيين يعد ان دمرت الوطن وأحدثت فيه الفرقة، فهي ألعن من داعش عليه، وليعتمد على الكفاءات المستقلة من المخلصين، ويقيم أفضل العلاقات مع المجاورين على اساس الند للند دون التنازل عن فقدان الحقوق المغتصبة منهم.بعد ان اصبح العراق بجيشه الباسل يحقق الانتصارات الرائعة على الدواعش والطامعين رغم النزوح المآساوي والقتول وما ستخلفه من أهات على مستوى المجتمع من جديد.

وليكن في علم الرئيس ترامب ان العراق على وضعه البائس الحالي أقوى من كل المجاورين بشعبه المخلص وأمكاناته المنهوبة، وتاريخه الحضاري العظيم، وما هذا الانفتاح العربي عليه اليوم الا شعورهم بالذي نقوله أكيد .

 اعتقد تماماً ان الرئيس العراقي المغلوب على امره وممن يحيط به من المحاسيب، سيرحب من اجل الوطن ليستلمه المخلصون من العراقيين (وهم كُثر)، وانا واثق سيفعل العبادي ذلك ان منحتموه عهدا بالتنفيذ وان لم يتمكن الا بالوقوف معه بجدٍ وجدية؟، فالعراق الجديد هو الذي يجب ان يكون فعلاً جديدا من جديد. وليكن شعار العراقيين الجديد (العراق للعراقيين).

نأمل ان نسمع من الآدارةالامريكية بعد ان تنظر بجدية لواقع مُر يمُر به الوطن العراقي المغتصب من رئاساته الثلاث المخترقة للدستور في المادة 18 رابعا دون مبالاة وما جرَ ذلك من خروقات دستورية في مجلس النواب سواءً في شروط النائب المنتخب او هروب أكثرهم وهم حضور، ناهيك عن كل الآمعات المعينيين في مراكز القرار وهم صم بكم عمي لا يفقهون. لينتقل اليوم الى عراق جديد يحمل همومه أهله المخلصون .فهل سيعود السيد العبادي منكم سيد الرئيس ترامب ..بثوبٍ جديد.

وأخيرا نقول للعبادي وعليه ان يسمع هذه المرة:

ان التوجه نحو أمريكا ترامب هو الضمانة الأكيدة للخروج من المحنة...؟

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم