صحيفة المثقف

في الرّد على حاكم الشارقة سلطان القاسمي

أخطأ الشيخ سلطان القاسمي حاكم الشارقة في قراءة التاريخ، حين قال أن الرئيس الفرنسي ديغول منح للجزائريين الإستقلال، وقد تناسى حاكم الشارقة وقائع ثورة المليون ونصف مليون شهيد، والمعارك التي وقعت في الجزائر قبل اندلاع ثورة نوفمبر 54، بقيادة جبهة وجيش التحرير الوطني، الذي واجه الآلة الإستدمارية، والإعدامات الجماعية التي قام بها الجيش الفرنسي بقيادة الجنرال ديغول، ومخططاته التدميرية، وكم عانى الشعب الجزائري نساءً ورجالا وأطفالا من سياسية التعذيب والتجويع التي مارستها فرنسا وهي تغتصب أرضا ليست ملكها، كما يجهل القاسمي النشاط الفدائي للشعب الجزائري، الذي ترك أثرا سيئا على سمعة فرنسا، بحيث كشف عن حقيقة الإستعمار الفرنسي في الجزائر، لدرجة أن المعارضة الفرنسية وقفت ضد ممارسات ديغول الجهنمية وعارضت السياسة الفرنسية، ففي مثل هذا الشهر ( مارس - آذار- 1957) كتب أحد الفرنسيين المعارضين رسالة إلى جريدة فرانس أوبسارفاتور France observateur اتهم فيها فرنسا لسياسة الإعدام الجماعي التي كان يتبعها المظليون، دون الحديث عن عمليات القمع التي تحولت إلى فضيحة أدانها العالم كله، أصبح فيها الفرنسيون مكحل اتهام أمام الرأي العام العربي والدولي.

كيف لحاكم الشارقة سلطان القاسمي أن يتجاهل الأحداث التاريخية التي وقعت في الجزائر، منذ دخول فرنسا عام 1830 إلى غاية الإعلان عن توقيف القتال، كيف لحاكم عربي ربطته علاقات مع الجزائر يتجاهل تاريخ الجزائر السياسي والعسكري، والدور الذي قامت بها الحركة الوطنية، وكيف وصل صوت الثورة الجزائرية إلى هيئة الأمم المتحدة، وردود فعل الإعلام العربي والدولي، ويكفي ان بيان أول نوفمبر كان بمثابة ورقة إعلامية للتعريف بالقضية الجزائرية، مما حرك الصحف العالمية والصحف الفرنسية بالخصوص للوقوف ضد سياسة بلادهم، وعلى حاكم الشارقة أن يعيد قراءة تاريخ الجزائر، ويطلع على أدبيات الثورة الجزائرية التي اعترفت بها كل الدول ودعمتها ( أفغانستان، الباكستان، كوبا، الإتحاد السوفياتي، إيران، العراق، مصر، سوريا، وليبيا..الخ)، وكيف كانت علاقات الثورة مع الدول العربية، التي سارعت إلى مقاطعة فرنسا اقتصاديا، والسماح بتشكيل فرق عربية متطوعة للقتال في الجزائر.

و ليعلم سلطان القاسمي أن مصر كانت أولى الدول المدعمة والمؤيدة للثورة الجزائرية، لدرجة أن تواجد جبهة التحرير الوطني بالقاهرة مكن من أن تحتضن مصر مقر وزارة خارجية الحكومة الجزائرية المؤقتة في عاصمتها، وبين البلدين تنسيق تام لمواجهة السياسة الديغولية، ففي مؤتمر باندونغ حضر الوفد المصري، وقبل أن يقوم بدلا عن الوفد الجزائري بهذه المهمة السياسية، لأنهم كانوا ممثلين لأحزاب سياسية وليسوا ممثلين لحكومات، وتمكن الوفد المصري من إدانة فرنسا في اللجنة السياسية التابعة للمؤتمر، حيث صوتت جميع الدول الحاضرة في المؤتمر ضد فرنسا، ماعدا السعودية التي مرت علاقاتها مع الجزائر بحالات فتور كبيرة جدا..، إنه بحكم انتماؤنا إلى الأسرة الثورية، فأنا أسال حاكم الشارقة متى ديغول إنسانيا وهو الذي أقدم على قتل 45 ألف شهيد في أحداث 08 ماي 1945 ؟، والحقيقة التاريخية أن عبارة ديغول الشهيرة : " لقد فهمتكم" كانت موجهة للجنرالات الفرنسيين، الذين كانوا يوصلون له تقاريرهم، ويقولون له كل شيئ على ما يرام في الجزائر، ولم يطلعوه على الخسائر التي لحقت بفرنسا، ثم انقلابهم عليه داخل التراب الفرنسي لما فشل في جعل الجزائر فرنسيةـ وغادر الجزائر مهزوما، لقد ذهب ديغول بعدائيته للجزائر إلى أبعد الحدود، حيث كانت مرحلة تواجده بالجزائر مرحلة أكثر وقد فنّد المؤرخ بن جامين ستورا الكثير من الإدعاءات التي تقول أن ديغول منح الإستقلال للجزائريين، أو كما سميت بالهبة الديغولية، وقد وصف بن جامين ستورا ديغول بالشخصية الغامضة، والمتأمل في السياسة الديغولية يقف على أنها سياسة دموية ضد الثورة الجزائرية التي فشل في سحقها، أجبرته على أن يعلن أن الجزائر تكلف فرنسا أكثر مما تربح منها، والحل الوحيد هو الإنسحاب، وهذا كله لكي يغطي فشله وهزيمته، بحيث ادّعى أنه أعطى للشعب الجزائري حقه في الحرية.

الجزائر علجية عيش

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم