صحيفة المثقف

الرؤيا الجمالية في شعر بشرى البستاني (5)

7 - الهدف الجمالي: ما من شك في أن الهدف الجمالي من فواعل الرؤيا الجمالية الخلاقة التي ترتكز على الوعي الجمالي، ومثيرات الموقف والحدث الشعري، وبتقديرنا:

يخطئ من يظن أن المنتج الفني الإبداعي المؤثر عشوائي الرؤيا، أو اعتباطي الشكل، أو المنظور؛ ويخطئ من يظن كذلك أن الهدف الجمالي يأتي متأخراً في العملية الإبداعية، أو سابقاً لها، وإنما يأتي وليداً معها، ينبعث لحظة الإبداع، والتشكيل الجمالي، وهذا ما لا يعيه الكثير من النقاد والمبدعين أنفسهم؛ فالإبداع وليد لحظة شعورية مكثفة، وهاجس داخلي سرعان ما يفور ليهدر كالبركان الدافق في حناياهم؛ لينفجر بالحمم الشعورية تارة، والينبوع الهادئ تارة أخرى؛ وتبعاً، لكل شكل، أو هيئة يتخذ الفن هدفه الجمالي، وقيمه الجمالية لحظة تشكل المنتج، وتحققه الإبداعي؛ولهذا أولى الشاعر علي جعفر العلاق الشكل أهمية خاصة في الفن الشعري قائلاً: " إن ما أريد الوصول إليه هو أن الشعر مهما تنوعت وسائله، واجتهد الشاعر في الارتقاء بتقنياته، لا بد من ماء يدب في أوصاله، فيشيع فيها حرارة الدم، وخضرة الشجر . بعبارة أخرى، لا بد لهذا الشعر من حياة فياضة بالانفعالات، والتأمل، واللهو، والحنين. وهنا، لا بد من الإشارة إلى موضوع آخر. هل من الممكن أن يحفل الشعر بهذه الخصائص كلها، ومع ذلك لا نجد فيه تجديداً في أساليب الأداء، لا نجد فيه بكلمة ثانية، ثراء في الصياغة، وبهاء لغوياً وإثارة في الأشكال؟! لا يمكن أن يكون الأمر كذلك، طالما أن اللغة معجونة بدم المعنى، وأن المعنى ينضح من لغة الشاعر، وبهذه الطريقة تبتعد القصيدة عن سطوة الافتعا، ل والتجريد، وبهذا الشكل تقترب القصيدة من أبهة الغناء الصاعد من أقصى الينابيع، وهكذا، يتحول التراب دائماً إلى ذهب" (86) .

وبهذا التصور؛ فإن الهدف الجمالي يأتي متدفقاً مع لحظة الإحساس، والشعور، وبداعة التشكيل الفني؛ وقد قرنه الناقد المبدع علي جعفر العلاق بالتأمل، والانفعال، والهاجس، والرغبة والحنين، للتحقق التام في نسيج فني متماسك، يفيض بدم المعنى، وحرقة الشعور؛ وما ينبغي التأكيد عليه أن الهدف الجمالي في كل عمل فني هو خلق لذة، أو إثارة في المتلقي، إثر تلقيه للمنتج الفني؛ أياً كان جنسه، أو نوعه، أو موضوعه، وهنا، تتعدد سبل الفن، تبعاً للتقنيات، والمؤثرات الجمالية التي يحددها المنتج الفني ذاته في هدفه الفني ورؤيته الإبداعية كما حددها المبدع لحظة البدء، أو لحظة التشكيل الفني للمنتج الإبداعي.

ولهذا يأتي تفنن المبدع بالمادة الأولية بين يديه، ليشكلها تبعاً لزفراته، ومشاعره التي تدفعه لا شعورياً إلى اختيار الشكل المناسب للدفقة الشعورية الصاعدة الملتهبة في حناياه؛ بمنحاها الجمالي وتركيزها الإيحائي المكثف، يقول الشاعر حميد سعيد: " ليس من كتابة إبداعية من دون لغة مبدعة، وليس من مبدع حقيقي إلا وكان له ما يميزه في لغته، إن معجم أية لغة من اللغات الحية هو معجم واحد، حتى في تطوره وما ينضاف إليه، ولكن معاجم المبدعين في اللغة الواحدة، والمرحلة الزمنية الواحدة ليست واحدة، فمعجم صلاح عبد الصبور مثلاً هو غير معجم خليل حاوي، ومعجم يوسف إدريس هو غير معجم عبد السلام العجيلي . وما يصح على المعجم واللغة يصح على البنى اللغوية والإيقاعية.

... أما أنا، فلا أتمرد على اللغة، بل أحاول أن أفيد من ثمارها العظيمة، وما تختزن من طاقات للوصول إلى جغرافية القول وقدرته على استيعاب الوعي. إن اللغة تتشكل من خلال الوعي، وحين تتشكل بعيداً عنه، تتحول إلى نوع من اللعب الساذج، والاندياحات الفارغة، وهذا ما تعاني منه كتابات كثيرة شعرية وسردية، مما لم تعد تشكل وعياً، ولا تثير أسئلة، ولا تلقي قراءً، أو نقاداً" (87) .

وبهذا التصور، فإن ثمة وعياً لدى المبدع في عملية تشكيل منتوجه الإبداعي؛ يقوده في ذلك الوقع الشعوري، الذي يتشكل بوعي جمالي، أو هدف جمالي يحول المنتج إلى طاقة إبداعية خلاقة، والشاعر- المتميز حسب (فاليري) هو الذي " يعي الهدف الجمالي من خطواته النصية" (88) .

وثمة نقاد جماليون فهموا الهدف الجمالي في المنتج الشعري هو اعتماد التجسيد كركيزة فنية في تقريب الأشياء، وتوحيد المدارك الحسية، بين الحواس، وذلك بالتراسل بين الحواس، يقول " ماكس جاكوب": "جسدوا. والتجسيد –هنا- معناه أن تضع صوتك في البطن، والفكرة في البطن، وأن تتحدث عن الجميل السامي بالصوت الصادر من البطن" (89) .

وفهم بعضهم أن الهدف الجمالي من المنتج الشعري (القصيدة الشعرية) هو التوحيد بين الحسي والمعنوي" و" الروحي/ والجسدي" إذ يقول (كوديل): " إن جمال القصيدة يأتي بنسبة كبيرة من أن وزنها يتفق وأوزاننا الحيوية، أي أنه يتفق والشهيق والزفير وضربات القلب، ووقع الأقدام عند السير، والمعجزة الشعرية- من وجهة النظر هذه هي الاتحاد بين الروح والجسد، أي بين الفيزيولوجيا والتصوف" (90)

وبهذا الوعي والإدراك التقني تحقق المقامرة الجمالية لدى المبدع قيمتها، حين تأتي في المنتج الجمالي ذات هدف فني دقيق تستثير القارئ، وتجذبه إلى دائرة إبداعه، ومكمن خصوبته الجمالية، لأن المنتج الفني الإبداعي المثير لا بد وأن ينطوي على هدف جمالي محدد، ورؤيا فاحصة في ماهية الكون والحياة، تدفعه إلى الوعي بالهدف المنشود، وطريقة التعبير عنه بشكل جمالي . وتبعاً لهذا، تتحدد قيمة المقامرة الجمالية بقيمة المنتج الجمالي؛ ومدى حيازته على كم وفير من المعايير والقيم الجمالية التي ترفع سوية المنتج الفني، وترتقي به فنياً.

ومن يدقق- في قصائد بشرى البستاني- يدرك أن الهدف الجمالي يعد محور ارتكازها الجمالي، ومركز ثقلها الفني، فهي تحتفي بالدلالات والرؤى الصوفية، والمثيرات الجمالية الأخرى، والتقنيات الجمالية التي تصب في خانة الرؤيا وفوعلها المؤثرة التي ترتبط مباشرة بالموقف والحالة الشعرية ولحظتها المحركة للقصيدة، رؤية ودلالة، ووفق هذا التصور، فإن ما يثير القشعريرة الجمالية في قصائدها الرؤيا الجمالية والهدف الجمالي الذي ترومه من هذا الشكل الفني، أو ذاك، وتبعاً لهذا تختلف مظاهر الخصوبة والإبداع في قصائدها باختلاف الشكل النصي لكل قصيدة، ومحفزات الرؤيا ومثيراتها ضمن الإطار النصي، وهذا يعني أن الهدف الجمالي هو نقطة بناء القصيدة ولب مسعاها الإبداعي، لاسيما عندما يتم التركيز على محور ثقل القصيدة، وهو إبراز عنصر الجمال في هذا الشكل الإبداعي، أو ذاك ؛وللتدليل على ذلك نأخذ قول الشاعرة:

"في هاتفك الصباحيِّ ينقشع الغمام عن بيتي

وتشرقُ في الجدران موجة.

في هاتفك الصباحيِّ تنهض اللحظة سربَ مُنى

وتقول، أمسكي أجنحتي

فما سواي باطل

تتبسم الأرائك حولي، ويعلو النغم" (91) .

لابد من الإشارة- بداية – إلى أن محور الرؤيا الجمالية الهدف الجمالي الذي يرومه الشاعر من جراء اختيار شكل أسلوبي دون آخر، والهدف الجمالي هو- غالباً- مايصب في جوهر الرؤيا ومسارها التعبيري، وهاهنا اعتمدت الشاعرة بشرى البستاني الشكل الجمالي هدفاً في تكثيف الرؤيا الصوفية، وتعضيد شعرية الصور، وفاعليتها ضمن النسق، مما يدل على حرفنة في اختيار النسق الجمالي البليغ لإصابة الرؤيا في الصميم، وهذا ما أثارته الشاعرة في الأنساق التالية: [ تشرق في الجدران موجة= في هاتفك الصباحي تنهض اللحظة سرب منى= تبتسم الأرائك حولي = يعلو النغم]، أي أن شعرية الرؤيا جاءت نتيجة الهدف الجمالي الذي أثارته الشاعرة من جراء اختيار هذه الصور، لإبراز ملمحها الجمالي، ونبضها الصوفي، وحراكها الفاعل للتعبير عن توق الحالة الصوفية، واكتنازها بالرؤى والدلالات المفتوحة، مما يدل على شعرية بالغة الاستثارة والتأثير، تصب جلها في مسار الرؤيا الصوفية، لاسيما باعتماد التشخيص لتحريك الدلالات، وتبيان اعتمارها في نسق الصور، دلالة على ما يجول في نفس الشاعرة من دلالات وأحاسيس محمومة لم تجد إلا الصور الملتهبة صوفياً في التعبير عنها، على شاكلة قولها:

في صوتك أترقب انثيال الغيث

وأسمع همس غصون تلفُّ عمري

في صوتك أبصر شجر الأرجوان قادما نحوي

فترفعني متاهة الجمال وأضيع.

في صوتك ينفتح بابٌ سريٌّ أخاف اقتحامه

لكنك علمتني أن الحقيقة ليست هديةَ سماء

بل سراً نسعى لاصطياده

كلما وجدناه، انفلت وغاب بعيدا" (92) .

بادئ ذي بدء، نقول: إن الهدف الجمالي قد لا يظهر للقارئ – بدقة- لاسيما عندما يغرق الشاعر في رؤيته، ويلفها بالغموض، أو التشظي الدلالي، مما يفقد الدلالات انسجامها والرؤيا الشعرية بلاغتها، ولذة تلقيها الجمالي الفاعل، أما الشاعرة فقد استطاعت أن ترفع سوية الأنساق جمالياً من خلال الوعي الجمالي في التشكيل، وإدراك الهدف الجمالي من جراء اختيار هذا النسق التصويري، أو ذاك، مما يدل على بلاغة في اصطياد المعاني المؤثرة، والأنساق المحمومة بدلالاتها عن الحالة الصوفية بكامل توترها واحتراقها وتنوع دلالاتها ضمن النسق الشعري، كما في الأنساق التالية: [في صوتك أترقب انثيال الغيث=في صوتك أبصر شجر الأرجوان قادماً نحوي= في صوتك ينفتح بابٌ سري]، فالشاعرة تدرك أن الهدف الجمالي المركب هو الذي يرتقي بالرؤيا الشعرية محققاً بلاغتها ومكمن إثارتها الجمالية.

واللافت أن الشاعر ة تختار النسق المؤثر بلاغياً وجمالياً في إيصال الرؤيا ليكون الهدف الجمالي نقطة تمفصل الرؤيا الشعرية ومحرقها في بث مشاعرها الصاخبة بإحساس ووعي جمالي عالي الإثارة والتركيز، كما في قولها:

"قلت لك هذه اللحظات حريرٌ له بريق

فروٌأبيض فلنمسك برياشه

قلتُ لك ... هذه اللحظات ممهورة بالحرية،

بلا اسم ولا عنوان،

بحنوٍّ تفتح عُبابها..

بلا ابوابٍ ولا نوافذ

فلندحرج أمنياتنا عبر أقواس غوايتها

ولنمنحها مواعيد أعمارنا...لندخلَ آمنين" (93) .

لاشك في أن الشعرية في لعبتها المعاصرة تضع الجمال أو الهدف الجمالي في أوج اهتماماتها، فلاقيمة لأي نسق لغوي لايؤدي وظيفة جمالية أو قيمة فنية في هذا النسق اللغوي أو ذاك، وهذا ما أدركته الشاعرة في هدفها الجمالي، لتنويع الدلالات، وإنتاجها ببلاغة وقوة تأثيرية عالية ترومها في اختيارها لشكل أسلوبي دون آخر، وهاهنا، لجأت الشاعرة إلى تكثيف الدلالات عبر الأنساق المراوغة التي ترمي من خلالها إبراز متغيرها الجمالي، والتعبير عن الحالة الصوفية بكامل احتراقها وإحساسها لمفعم حساسية ورقة ودلالة، على شاكلة قولها: [ "قلت لك هذه اللحظات حريرٌ له بريق

فروٌأبيض فلنمسك برياشه /قلتُ لك ... هذه اللحظات ممهورة بالحرية]؛ فالشاعرة تبحث عن ملاذها الروحي، عن عالمها الروحي الذي تنفي فيه جميع مظاهر السلب والقهر والاستلاب، فلم تجد إلا بوابة المطلق، للخروج من ضيق الواقع المأزوم المؤلم الذي تعيشه في عالمها المريع، وهذا البحث جعلها تغرق في توصيف الحالة بأبعادها الشعورية عبر النسق الجمالي الفاعل الذي أثارته في هذا الشكل أو ذاك، وهذا يعني أن بلاغة الرؤيا الصوفية، منتوج هدفها الجمالي الذي ترومه في اختيارها لنسق دون آخر بحرفنة جمالية عالية الإيحاء والفاعلية والتركيز.

8- القيمة أو المعيار الجمالي:

لاشك في أن القيمة أو المعيار الجمالي هي من المؤشرات الدالة على فاعلية الرؤيا الجمالية، هذه الرؤيا التي تتنوع بتنوع المعطيات الجمالية التي تنطوي عليها الفنون الجمالية، لاسيما فن الشعر، هذا الفن اللامتناهي بتقنياته ومؤثراته الجمالية التي تزداد إثارتها باختلاف النتاجات وتنوع الرؤى، والأساليب التشكيلية، ووفق هذا التصور، فإن يؤكد أهمية الرؤيا المعيار الجمالي الذي وصلت إليه والقيمة الجمالية التي استحوذت عليها، والمسار الرؤيوي والجمالي الذي استحوذته، وهذا يدلنا على أن المرجعية الجمالية هي التي ترتكز عليها التجربة الإبداعية في إيصال مقصودها ومؤثرها الجمالي. ولا نبالغ في قولنا:

إن معيار نجاح أي عمل فني جمالي يقاس بمدى الجودة، أو الثمرة الإبداعية التي وصل إليها، ومن هذا المنطلق، تتحدد القيمة الجمالية، تبعاً لمستوى تحفيز هذه القيمة للمتلقي، ومدى استقطابها إليه، وتنميتها لخبراته، وقيمه، ومعارفه الجمالية. ولهذا، فإن الرائز الجمالي في الحكم على قيمة المنتج الفني يتمثل في القيمة التي حققتها المقامرة الجمالية، في المنتج الفني، وتتحدد بالمستوى الجمالي العام الذي وصلت إليه، ومدى الآفاق والقيم الجمالية المبتكرة التي تولدت في المنتج الإبداعي؛ وشكلت قيمته الفنية العليا، يقول جان برتليمي فيما أسماه بالرؤية الفنانة، أو المخيلة الفنانة: " المخيلة الفنانة لا توجد في الشوارع، بل هي في حاجة إلى روح جمالية، وعين مدربة. وكم من المرات يعتقد الإنسان أنه يحب الفن، وهو في الحقيقة يبحث عن شيء آخر غيره. إن أولئك الذين يفعلون هذا عميان بالنسبة لفن التصوير" (94) .فالفن الإبداعي الحقيقي هو فن جمالي بامتياز، أما كيفية روزه جمالياً، فتقاس بدرجة العنصر، أو القيمة الجديدة المتولدة فيه، ومقدار فاعلية اللمسات الجمالية التي أضفت على المنتج الفني مصدر جاذبيته، ولقطته الجمالية المشعة؛ وهذا ما جعل (بودلير) يتحدث في المنتج الفني عن" اللمسة الروحية الشفافة أو البراقة التي يضفيها الفنان في موضعها المناسب؛ فلها وحدها القيمة الفخمة في تحفيز الفن" (95) . وإن هذه اللمسة الفنية، أو الجمالية أحياناً هي التي ترفع من سوية القيمة الجمالية للمنتج، وترفع –من ثم – مستوى فاعلية مقامرته الجمالية بهذه النوسة الفنية، أو اللمسة الجديدة الفنانة التي ترفع سويته، وتزيده إتقاناً، واستثارة، وشاعرية؛ فالشاعر –أحياناً- يعمد إلى لعبة الأضداد، لاستثارة اللمسة الفنية الجذابة في القصيدة؛ لتفتيق الحراك الجدلي الشعوري في قرارة الذات الشاعرة، وعكسه على متنفسها الإبداعي عبر الجدل الذي تولده القصيدة، وبهذا المقترب يقول الشاعر حميد سعيد: " إن التنافر والتضاد وسيلة للوصول إلى عمق صورة الواقع، التي يشارك الإبداع في اكتشافها، ويشارك في رسم النقيض لها في آن. إن العزف على إيقاع التضاد يمنح النص طاقة جمالية على صعيد البنية الشعرية بكل مفرداتها، بل في كل مكوناتها" (96) .وهذا الرأي لدليل أن للشاعر لمساته الفنية التي تقوم على عملية جذب، واستثارة للمتلقي بالقيمة الجمالية التي يرغبها، لتفجر مخزونه الانفعالي، ونبضه الجمالي؛ وسبق أن قلنا إن من واجب كل فن إبداعي أن يمتلك منزلقاته الفنية، أو لمساته الفنية التي تفاجئ القارئ، وتستثيره لتحثث هذه اللمسات؛ التي بها يتميز مبدع عن آخر؛ وفنان عن فنان آخر، وإني أؤكد مقولتي الآن: إن الشعور الجمالي فن لا يقل فناً عن فن صناعة المنتج ذاته، ما دام لديك القدرة على ترجمة هذا المخزون الجمالي، وإدراك أبعاده، ومسبباته، ومجموعة المؤثرات، والقيم الجمالية التي فجرته حتى آل إلى ما آل إليه من المهارة، والفاعلية، والإتقان. فالإحساس الجمالي والوعي الجمالي كلها قيم فنية لا غنى عنها في تحثث قيمة المنتج الفني، وكشف خباياه، وقيمه الجوهرية، والجمالية (الظاهرة/ والخفية) التي شكلت قيمته، ورفعت مستواه، ولهذا يرى الشاعر السوري نذير العظمة وهو من رواد الحداثة الشعرية، أن " القصيدة ليست وشماً في الهواء، إنها وشم ينبع من الداخل، ويأخذ شكله من دم القلب واختلاجات النفس الشاعرة التي تشرش في اللغة، وتأخذ مصدر جمالها من الخبرة الجمالية والوعي الجمالي، ولهذا فالشعر الغامض لايؤدي مصدر جماليته إذا كان طلسماً لا ينفذ، أما إذا كان شعراً فإنه يبحر كالسفينة في وجدان القارئ، والمفتعلون الإبهام الشعري، ليأسروا القارئ كصفة أحادية هم أشبه بكهان الجاهلية الذين كانوا يفتعلون الصور الغريبة والسجعات اللامعنى لها، ليأسروا الجمهور، لكن نتاجهم سقط أمام عبقرية الشعراء الأصليين. وهناك القصيدة الواضحة الغموض كما أن هناك القصيدة الغامضة الغموض لكنها قبل كل شيء قصيدة؛ حين يخسر الشعر هوية القصيدة؛ لا يعوضه عنها إبهام، ويرده غموض" (97) .

ولهذا، فإن ما يبحث عنه المبدع في جوهر منتوجه الفني هو روح الجمال وجوهره البراق، ولا يمكن أن ننكر أن جميع الفنون على الإطلاق تتضمن قيماً جمالياً ومعايير جمالية إبداعية خاصة بها، لكن كل بالقدر الذي يضمن له أسه الفني، وقدراته الإبداعية الخاصة على التأصيل كمنتج إبداعي أو فني يملك خاصيته الفنية؛ وهنا يأتي السؤال المهم أو البارز: ما هو الرائز الجمالي في تمايز منتج فني عن آخر في فن من الفنون؟ وهل كثرة القيم الجمالية دليل تفاضل لاستعلاء الفن عن فن آخر؟!

أقول بدقة: إن المنتج الإبداعي يخلد لا بكثرة قيمه الجمالية، وإنما باستعلاء هذه القيم، وبكارتها وجدتها، عن غيرها من القيم الأخرى. ولا أجافي الحقيقة كثيراً إذا قلت: إن الكثير من القيم الجمالية تفقد جماليتها بتكرارها، وتقادمها بين النصوص، وبمقدار استفزازي إزاء فن من الفنون، باستعلاء قيمه الجمالية يستفزني النص إلى تتبع قيمه الجمالية، ومن ثم يغريني إلى محاكاته وتمثله إبداعياً، وهذا يعني بمقدار الدهشة التي يولدها في نفسي هذا الفن، أو ذاك، أتلقى المنتج الفني، وأتفاعل معه بحرص واهتمام، وهذا هو الرائز الجمالي في الحكم على قيمة أي منتج فني من الفنون، وقد وضع أدونيس معياره الفني أو مقياسه الجمالي كناقد الأدبي للكشف عن قيمة المبدع وقيمة إنتاجه، إذ يقول: " ينبغي على القارئ/ الناقد، إذن، أن يواجه في تقييم شاعرنا: ثلاث مستويات: مستوى النظرة، أو الرؤيا، مستوى بنية التعبير، مستوى اللغة الشعرية" (98) . وعلى الرغم من أهمية إحساسه الإبداعي الرائز، لكن لا يمكن الاعتداد به كمعيار جمالي، للحكم على منتج الفنون جميعها فلكل فن رائزه الخاص، ومقياسه الجمالي؛ لأن الجمال ليس شكلاً، وإنما هو دفق من الإحساس والاحتراق الشعوري، والقلق الوجودي، وبمقدار كثافة المثير العاطفي تختلف القيم والمؤثرات الجمالية في التشكيل والخلق الإبداعي؛ وبهذا المقترب يقول الشاعر عبد الكريم الناعم: " الإبداع يمتاح مفرداته من محيطه، فيأخذ ما يتناسب معه، فيصقله، أو يختاره مصقولاً، أو قد يبقيه كما هو، لمناسبة نظرته. ......الإبداع يمتاح من تلك الفضاءات، ويعيد للواقع بعض ما أخذه شعراً، تتلقفه الآذان، أو العيون مصوغاً بفرادة طبيعته الخاصة، فهو بحكم روحانيته، ليس مغلقاً، ولا أنانياً، بل تكمن بهجته في ذلك التواصل الحميم بين أقمار الشعر، ونجوم التلقي الذي يثير الكثير من رقص غبار الطلع" (99).

وبهذا التصور الجمالي، تزداد القيمة الجمالية للمنتج الفني بما يثيره من حساسية في تلقيه، خاصة حين تلفحه روح المبدع الحساسة التي ترتقي بالواقعي إلى مستوى الخيالي، وتجسده بقالب جمالي محسوس، يستثير اللذة والبهجة والتواصل الحميم بين نبض الشاعر الداخلي، والشكل الجمالي الخاص الذي يتخذه المنتج في شكله النهائي أو تحققه الفني النهائي.

وبتقديرنا: إن القيمة أو المعيار الجمالي- في قصائد بشرى البستاني- تظهر بجلاء في قصائدها الوجدية التي تظهر فواعل الرؤيا الشعرية بمؤثراتها، ومصادرها الجمالية كافة؛ مايدل على حرفنة بالغة الاستثارة والتحفيز الجمالي؛ لاسيما على مستوى الأنساق اللغوية المبتكرة، والصور المركبة المتداخلة، والتناصات المتفاعلة في نسيج قصائدها مع البنى اللغوية والدلالية، وكأنها جزءاً لا يتجزأ من صيرورتها الدلالية المكثفة؛ وهذا يعني أن مؤثراتها الدلالية حافلة بالرؤى، والمثيرات الجمالية، وهذا ما يضمن تفعيلها للأحداث الشعرية على اختلاف تمظهراتها النصية، ومستوى تعبيرها اللغوي، وحساسية الرؤيا الجمالية التي تظهر في هذا النسق اللغوي أو ذاك، مما يدل على بلاغة في المستوى الرؤيوي والجمالي لهذه القصائد.وأبرز ما ندلل على فاعلية الصورة كقيمة أو كمعيار جمالي قولها في هذا المقتطف الشعري التالي:

"لخيوط الضوء في عينيك كنت ارفع منديلي

وللأغاني الحزينة الملتفة بعباءة المحن..

للسرابات الغائمة في الصحارى المقفلة

وفي مقارعة موج الخطايا.

إذ كنا نتعلمُ.. أن الأمل في مغادرة هذه المكيدةْ.

وألا خلاصَ في مصالحة هذه اللغة الضيقة" (100) .

لابد من الإشارة إلى أن القيمة الجمالية تتأتى في قصائد بشرى البستاني من فواعل الرؤيا المحفزة للقارئ، والمحركة للنسق الشعري؛ وهي مكثفة بالقيمة الجمالية التي ترفع وتيرة النسق الشعري، فالشاعرة تبدو في أوج إحساسها الجمالي عندما ترسم الحدث الجمالي، وتستثير الحساسية الجمالية في رفض الواقع، وتأسيس واقع جديد، وما إحساسها الوجدي إلا دليل رفض لهذا الواقع، ونفياً له؛ وما قصائدها المشتعلة هيماناً، ووجداً إلا دليل ثورة، ومحاولة تطهير هذا الواقع، بعاطفة الوجد، والوله الصوفي، والتمسك بالمطلق، ومن خلال هذه الشاعر تبرز الصور كمعادل وجودي لإحساسها الصوفي الملتهب على شاكلة الصور التالية: [لخيوط الضوء في عينيك كنت ارفع منديلي/وللأغاني الحزينة الملتفة بعباءة المحن..]؛ وهذا يدلنا على أن الرؤيا الشعرية تزداد إثارتها بإدراك القيمة أو الجوهر الجمالي والرؤيوي الذي ترتكز عليه؛ مما يحقق لها التميز والتبئير الجمالي، على شاكلة قولها في هذا المقتطف الشعري:

"ارسمْ باللون الأصفر لأنه يطهرني من العتمة ْ،

وبالأخضر كي أتطهر من الموتْ،

وارسم بالرصاصي كذلك،

لأنه يؤمن بالمساواةْ" (101) .

لابد من الإشارة إلى أن لكل قصيدة أو مقطع شعري معياره الجمالي الذي يستند إليه، وهذا المعيار الجمالي هو الذي يحفز القصيدة، ويرفع وتيرتها الجمالية؛ إذ إن الشاعرة ترتقي بالحدث والمشهد الشعري الذي يحقق الفاعلية والدهشة الجمالية؛ فالشعرية تظهر في النسق الجمالي الموارب الذي اعتمدته الشاعرة عبر تكثيف الرؤيا؛ وتحميلها من الرؤى والدلالات، ما لا تحتمل، فهي تحاول مواجهة السلب بالإيجاب، ومحاربة الموت بالحياة، لإبراز وجه الحياة، ووجه الإشراق في الوجود، كما في النسق التالي: [ ارسمْ باللون الأصفر لأنه يطهرني من العتمة ْ، /وبالأخضر كي أتطهر من الموتْ، ]؛وهذا يدلنا على أن الشعرية الخلاقة التي ترتكز عليها بشرى البستاني هي اعتماد الوجه الموارب أو الوجه النقيض، في تعميق الرؤيا سواء بالإيجاب، أو السلب، وهذا ما يجعل من منتوج الرؤيا الجمالية ذات إشراق ووعي وخصوبة جمالية خلاقة في جل سياقات قصائدها إلا ماندر؛ بمعنى أن الركيزة الإبداعية التي تستند عليها ركيزة فنية، والمعيار الجمالي لديها معيار فني في تكثيف الرؤيا، وإبراز منتوجها الخلاق..

وما ينبغي الإشارة إليه أن شعرية الموقف، أو الحالة التي ترتكز عليها الشاعرة تتبدى في إثارتها الموقف العاطفي، وتعضيد الرؤيا بنقيضها ومؤثرها البليغ، وهذا ما يحسب لإيقاعها الجمالي، على شاكلة قولها:

"نعم.. هكذا.

دع خطوط اللوحة تراوغ عليْ...

ارسم شظايا الصواريخ في الليل براعم ْ،

وحوّل الطلقاتِ إلى عناقيد فرحْ...

احصد شجر الغواية ْ

وارسم في زوايا الليل أسرة آمنة ْ" (102) .

لا بد من التأكيد على ملحوظة دقيقة في قصائد بشرى البستاني هي أن شعرية الرؤيا- في قصائدها – تعتمد الاحتدام والاصطراع بين جانبين متناقضين، أو بين جانبين مصطرعين، جانب يمثله الواقع بكل ظروفه المؤلمة من اغتراب وتشريد، وفقر، واحتلال، وجانب إيجابي يمثله وجه الحب، ومواجده في إثارة الصور المشرقة التي تفيض بدلالات جديدة، كالدلالة على الإشراق، والحياة، لإبراز الإصرار وعمق المواجهة التي تملكها بشرى البستاني، مما يدل على شعرية خلاقة في إثارة المتخيلات الجمالية التي تعزز الموقف أو الحالة الصوفية بالمعنى المضاد أو الدلالة النقيضة، كما في قولها: [ ارسم شظايا الصواريخ في الليل براعم ْ، وحوّل الطلقاتِ إلى عناقيد فرحْ...]؛ وهذا يدلنا على أن شعرية الموقف أو الحالة في قصائدها تعتمد الجدل والاختلاف بالرؤى والمواقف النقيضة التي تباغت القارئ، وترفع الوتيرة الجمالية، في سياقات قصائدها لترقى أعلى مستويات الاستثارة والتحفيز.

وتأسيساً على ما تقدم يمكن القول: إن فواعل الرؤيا الجمالية – في قصائد بشرى البستاني- ترتكز على الجوهر أكثر من السطح، وتصل إلى باطن الأشياء أكثر من ظواهرها، مما يعني أن شعريتها شعرية العمق، بكل ما تتضمنه من رؤى، ودلالات، ومؤثرات خلاقة في القصيدة، فالبنية اللغوية التي ترتكز عليها هذه القصائد بنية استعارية تفيض بالمؤثرات الجمالية وفواعلها النشظة؛ لاسيما في الاستعارات، والصور الصوفية المتنوعة التي تحتفي بأنساق جمالية في هذا الشكل الأسلوبي، أو ذاك، مما يدل على رؤيا جمالية خلاقة في الأساليب الشعرية المعتمدة في قصائدها كافة، ولهذا، تبقى قصائدها مغرية في استثارتها للقارئ، نظراً إلى ما تتضمنه من رؤى، ودلالات غير معهودة في مثل هذا المنحى الأسلوبي (الصوفي) الذي يعتمد دينامية (المحو) ؛[ محو السلب لإحلال الجمال]، أو تحويل القبح إلى جمال، لتبني وجودها الممانع، ضد وحشية الواقع، وسطوة آلاته المدمرة في العراق وما حوله .وهذا يعني أن لهذه القصائد رسالة تريد بثها للقارئ، وهي نفي السلب والموت والحداد لإعلان الفرح والحياة من جديد، وهذا ما يحسب لتجربة الشاعرة بشرى البستاني في مثل هذه القصائد.

نتائج أخيرة:

1- إن فواعل الرؤيا الجمالية – في قصائد بشرى البستاني- تتمحرق على الصور الصوفية الملتهبة، التي تتأسس على المعنى المضاعف، أو الدلالات المزدوجة التي تزعزع الرؤية القارة لدى القارئ، وتكشف عن مراوغتها، وصعوبة التقاطها، لاسيما في السياقات الصوفية المحمومة بالدلالات والإيحاءات المتتابعة.

2- إن من أبرز فواعل الرؤيا الجمالية – في قصائد بشرى البستاني- الرشاقة الجمالية وإثارة الصدمات التشكيلية المراوغة التي تخفي دلالات كثيرة لا حصر لها، وهذا ما يمنحها التكثيف والفاعلية، والإيحاء.

 3- إن الدهشة الجمالية التي تثيرها قصائدها تخلق متغيرها الجمالي من خلال تنوع الأنساق، والرشاقة في الانتقال من هذا النسق الجمالي إلى آخر، وهذا ما يشير إلى أن منتوج رؤيتها يعتمد الحراك، والكثافة في الصور الصوفية، ورموزها الكثيفة التي تتعدد وتتنوع بكثافة عالية في نصوصها الشعرية كلها دون استثناء.

 4- إن فواعل الرؤيا الشعرية- في قصائد بشرى البستاني – تعتمد الحدث الشعري المكثف، وموحيات المشهد الصوفي المتنوع في حساسيته ورموزه، ورؤاه المختلفة، وهذا ما يجعل المشهد مؤثراً في إصابة المعنى، وتكثيف الدلالات البالغة الإيحاء، والشاعرية والتأثير.

5- تعتمد الشاعرة بشرى البستاني في تبئير الرؤيا الشعرية التركيب المزجي في النسق التصويري الواحد، للدلالة على الرؤيا الصوفية المركبة في قصائدها؛ وهذا يعني ولع الشاعرة في إنتاج الدلالات المضاعفة الجديدة، والمعنى المبطن.

6- تمتاز قصائد بشرى البستاني بالحدث العميق والرؤيا المكثفة للمشاهد والرؤى المتحركة أو المنزلقة في نسقها مما يدل على حرفنة جمالية بهذا الشكل أو ذاك، دلالة على الاستثارة والتركيب.

7- إن لقصائد بشرى البستاني قيمها المؤثرة في تحريك حساسية القارئ، من خلال دهشة الصور والاستعارات والفيوضات الوجدية التي تبثها في الأنساق بين الفينة والأخرى، مما يجعلها غاية في الرقة والحساسية والجمال.

8- إن من ركائز الرؤيا الشعرية – في قصائد بشرى البستاني- اعتمادها المواجهة، كشكل لغوي إبداعي يصب في مجرى الرؤيا، عبر محاربة السلب كوجه لنفي كل مظاهر السلب، في هذا العالم الوجودي المأزوم الذي يقود إلى هاوية الضياع، واليأس، والتشاؤم التي تنفر منه الشاعرة، وتؤثث لما هو جمالي دوماً، سواء على مستوى الشكل اللغوي، أم على مستوى الرؤيا، مما يدل على صخب، واصطراع داخلي على مستوى الرؤى، والدلالات، ومحفزاتها ضمن الصورة الواحدة، والنسق الشعري الواحد، دلالة على فاعلية جمالية في الصورة، ضمن طرفيها، فكيف ضمن أطرافها المتداخلة إذا كانت الصور مركبة من عدة صور، كما لاحظنا ذلك في سياقاتها الصوفية المحمومة بالرؤى الدلالات المتناقضة التي كنت خلا مواجهتها السلب بالإيجاب.

وبعد، فإن المثيرات الجمالية التي تؤسسها قصائد بشرى البستاني ترتكز على الصور اللاهبة بدلالاتها، وكثافتها، وحركتها الجمالية، مما يدل على شعرية بالغة التنوع، والمواربة، والاختلاف في رؤاها ومؤثراتها الجمالية، وهذا ما يحسب لها على الصعيد الإبداعي.

 

 

............................

هوامش

(86) شرتح، عصام، 2012- ملفات حوارية في الحداثة الشعرية، ص 377.

 (87) المصدر نفسه، ص 298.

 (88) برتليمي، جان، 1970- بحث في علم الجمال، ص 285.

 (89) المرجع نفسه، ص287.

 (90) المرجع نفسه، ص287.

 (91) البستاني، بشرى، 2014- البسي شالك الأخضر وتعالي، ص301.

 (92) المصدر نفسه، ص301-302.

 (93) المصدر نفسه، ص255-256.

 (94) المرجع نفسه، ص243.

 (95) المرجع نفسه، ص246.

 (96) شرتح، عصام، 2012- ملفات حوارية في الحداثة الشعرية (حداثة السؤال أم سؤال الحداثة) ؟!، ص 299.

 (97) المصدر نفسه، ص82.

 (98) أدونيس، 1980- مجلة مواقف، ع36، بيروت، ص 139. نقلاً من الحسين، قصي، 1998- تشظي السكون في العمل الفني، ص 201.

 (99) شرتح، عصام، 2012- ملفات حوارية في الحداثة الشعرية (حداثة السؤال أم سؤال الحداثة) ؟!، ص 109.

 (100) البستاني، بشرى، 2014- البسي شالك الأخضر، وتعالي، ص228.

 (101) المصدر نفسه، ص229

 (102) المصدر نفسه، ص229.

 

 

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم