صحيفة المثقف

هذه ليلتي.. (مراثي غيلان)

وغربت الشمس في (راغبة خاتون)، فكان لابد أن أُتم َّ رش أشجار (الرارنج) وشجيرات (الياس) وأرض الطارمة ليتولى بعدها رياض إبن عمتي توصيل (بلك) نشرة المصابيح أم (كَلوبات) الصِفِر بألوانها الزرق والخضر والحمر الخابيات بين الأغصان. فقد آن موعد وصول أبي ببضاعته الخرافية لليلة الجمعة .

صاح أبي :

- أم سعد جيبي ميز الفورميكة الأخضر بالعجل

وقد كان تأبَّط كيسين أسمرين من أمهات الخمس فلوس ملئن بما لذ وطاب . رحنا أنا ورياض نرتب فرش الجرجف الأبيض على صفحة ميز الفورميكة مع راديو سوني المتربع عرشه . جلس أبوك يا سعد وجعل يحرك ميله حتى استوى الصوت على إذاعة صوت العرب مترقبا ً أغنية أم كلثوم الجديدة . قال رياض :

- ها خالو تحتاج شي بعد

- إي جيبولي كاستين كبار

وفتح بعدها أحد الكيسين فأخرج عبوتين من جبس البطاطا، تلاهما كيس كرزاتٍ ولبلبي وبا قلاء ثم رمان مفرَّط، ذلك قبل أن تتوج أمي الطاولة بصحني زلاطة وجاجيك بالخيار والثوم من الدرجة الأولى ومن النوع المصلاوي، فهمس لي رياض :

- سعودي يمكن خالي اليوم راح يسويهه صدكَـ ويشربله عالأقل نص بطل عركّـ، خصوصا ً الشغلة بيها رمان مفرَّط وكاسة جاجيك؟

حانت الساعة وتناول كيسه الثاني وكلنا ترقب على اتساع أعيننا أنا ورياض .. لكنه قبل أن يمد يده تذكر شيئا ً آخر فنادى:

- روحوا جيبلي دولكة مي بارد وعليها ثلج

قلت ُ والله إنه قد قرر على عرق (المستكي) الذي اعتاد عليه أخوالي وأعمامي في سهراتهم على شواطي أبي نؤاس . صدح صوت أم كلثوم بعد ان أذاقنا من كل تحف مزَّاته نصيبا ً، ومد يده الى الكيس، فأخرجها – والله - قنينة بيرة (فريدة) واحدة فقط، شامخة ً بكل هيبة الوصول آمنة ُ على عرش الطاولة !

 

سعد الصالحي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم