صحيفة المثقف

المسيح قد صلب نفسه

انصب خيمتي

في صحراء قوافيك

حبالها قصيدة ثكلى

khadom allami

المسيح قد صلب نفسه / كاظم اللامي

 

هكذا هي حياتنا

خط متعرج

اشتبك مع خطوط أخرى

أكثر تعرجا

في معركة سيدها الجنون

سيدها الجحيم

سيدها العبث

سقط الجميع على إثرها

ما بين قتيل وقتيل

أعلنت عن عددهم

إذاعة تديرها شياطين من ورق

تحرق نفسها كل حين

تدفعنا لنكون غير ما كنا

أفكارنا

أرواحنا

وحتى طريقة نكاحنا للحمير

كل شيء يتغير باستمرار

نتلفع بالنسيان

ننسى طريقتنا الأولى

نتيه حد اللعنة

لا بداية ننطلق منها

وحتى النهايات

ترفض أن نقص شريطها

خسرنا الفرح

في معركة ديكة

كانت تعوي ولا تصيح

نريد أن نفرح من جديد

ولو فرح مستهلك

فرح بالات

لكن لا حيلة في الفرح

فقد سجل اسمه بالأمس

في كشوفات الأمم المتحدة

وأعلن عن نفسه لاجئا بجواز مزور

رغم الزهايمر القابض على ذاكرتنا

ثمة صور راقصة

تتسرب بسرعة شلال

من آذاننا وعيوننا

وبقية فتحاتنا التسع

لكن ......

في لجة الصيف

أيادينا تخاف البرد

وجلة خائفة

اختفت في طيات الجيوب

عاجزة عن التقاط صورة واحدة

ولو بالأسود والأبيض

مطر حزيراني يغسل دروبنا

ثمة صورة كئيبة

انفردت بمعجزة إلهية

أعلنت عن ...

عديدنا يبدو كزبدة محلية

تذوب بأدنى درجة حرارة

نسيح على جانبي رواق أحلامنا

الأضواء تسطع بشدة

ترسل ندفا من ضوء

تتراقص عند أقدام المارة

بين كل عمودين

تجتمع حولها حشرات براقة

بمختلف الأحجام والأشكال

تريد أن تتعلم الرقص بجناح واحد

بعد أن نسيته محترقا عند حاجز عسكري

يصادر جناح من يملك أكثر من جناح

بنظرية القطع ثم العد

الجميع يفتعل الفرح

أما أنا كنت أغنى

يا حريمة انباكت الكلمات من بين الشفايف

المطر يجمع ذراتي

بمسير نهر كبير

أبلل الأرض الترابية

أسير برفقة مياه آسنة

يبتلعني منحدر يتلوى كأفعى

تلفظني الأزقة

أتجمع منحدرا عند حفرة مسطحة

كنت أكبر منها

تغرق بي

أواصل انحداري

حتى قلب المدينة المتعب

حبيبي

كنتُ أراكَ هناك

للأمانة كنتُ أرى ظلك فقط

الأشجار تغيبك

كانت كثيفة جدا

ومن نافذة في قلبي

رايتُكَ تسرق البطيخ الأحمر

من حقل مجهول المالك

لتطعم الفئران المتصابية

الساكنة خربة خساراتك

صرخَتْ روحي بملء حنجرتها

تحذرك .. تلعنك .. ترجوك

الفئران لا تستسيغ البطيخ

أراها تقتات على جلدك

حتى غدت أيامك قاحلة

انصب خيمتي في صحراء قوافيك

حبالها قصيدة ثكلى

بلهجة شعبية

تتمرغ حروفها

تحث حشرات الضوء

وهي تطير من جديد

تسبح في أعمدة النور

في صعود وهبوط

إنها تجيد القراءة

حيث سبورة حمراء

كتب عليها بخط ركيك

حروف اسمك الجميل

ع ر ا ق

الدروب مزالق

والحشرات نواقل

ترفعني عاليا عند تخوم الضوء

وفي وقت متأخر من الأسى

اكتشفت أنى انتعل فردة حذاء واحدة

بياض قدمي حرض ذاكرتي

خلتك ستفتش عني

بين الأزهار

بين الطيور

عند جرف الأنهار

لكنك متعب

كنت تجتهد

تحفز الآخرين للعثور عليَّ

اخجل من الحشرات وهي ترفعني

خارج أسوار الضوء

الجميع كان ينظر لما تحت الحزام

أراها تتعثر

جاهدة نفسها

كي أصل عندك

قلب المدينة فارغ

إلا من سجن بلا نوافذ

دفنته الحرب

يوم نَسِيَ العالم أنك هناك

كنت حارسا له

ترفع أضلاعك سلاحا

بلا يدين

أراك بوضوح

يداك خلف ظهرك

عيونك في الجوار

تختبئ في كيس اصفر

من لحم متفسخ

وأصابعك حلقوم بيد تمساح

يلهو بها أيام العطل الرسمية

وما أكثرها

متاهات السجون

تفقد القمر صوابه

يومئ للحشرات

أن تكف عن رعونتها

تتحرج من المضي ابعد من ذلك

تقدم كتاب اعتذار رسمي

جبانة

أخلفت وعدها

آثرت العودة سريعا

رمتني هناك ورحلت

سأعاتبها حينما اكسب رصيد ضوء خافت

برقم سري من تأليفي

العنها به

والعن القمر

لكنها كانت ترقص بشكل جميل

وهي تبتعد عني

سامحتها سريعا

ذكية

تعرف نقاط ضعفي

لوحدي

أخطو باتجاهِك

وبفردة حذاء واحدة

جيوبي فارغة

لا املك إلا قلبي وحفنة قبلات

لا شيء عند حدود جناحيك

المكان يعج بالصمت

إلا من حمامات تغني

أغنية معروفة للفقراء

يغنيها مطرب اشد فقرا

القدر يذبحنا

الحتمية تغتصبنا

فردة حذائي ترقص في مكانها

بلا كلل أو ملل

في محاولة لإثارة انتباهِك

وأسفي عليها

ما زالت مرمية بإهمال

ولا أثر لِيَدِك عليها

كان قلبي ينظر لشعر صدرك

يصغي لعينيك

يشم شفتيك

كنت صورة لمسيح مصلوب

بات ذكرى جميلة

تغازل قصص جدتي

في ليال الشتاء الماطرة

والجميع يلتف

حول موقد جمر

من نار أوجاعنا

أشعله وطن جريح

بتاريخ من دم

هناك

حيث نسينا أرواحنا

تتسول الفرح

انتعل فردة حذائي الثانية

وأغيب في الأصيل

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم