صحيفة المثقف

اليونيسف والاطفال.. العراق مثالا..

khadom almosawiثمن باهظ يدفعه الاطفال في فترات الحروب والصراعات والاقتتال والنزوح والهجرة في كل البلدان التي تتعرض لأي من هذه الكوارث، او لجميعها مرة واحدة. واذا كان الاطفال هم الضحية الأولى في دفع الثمن مع عوائلهم وذويهم المباشرين فان المحنة تكون اكبر حين تطول فترتها وتتشابك فيها عوامل متعددة ومسببات ونتائج مختلفة وتداعيات غير محسوبة او محسومة أو محددة. وبما ان منظمة اليونيسف، كمنظمة دولية لرعاية الطفولة، ومشغولة في مهامها لاجل الطفولة، فتقاريرها عن اطفال العراق سلطت الاضواء على الكثير من المعاناة والمسؤولية الأخلاقية والسياسية والقانونية لحمايتهم وتوفير ما يلزم ويمكن لهم، كما حذرت من مستقبل كارثي للاطفال.

شهد الآلاف من أطفال العراق أعمالا وحشية ارتكبها تنظيم ما يسمى "داعش" الإرهابي بعد اجتياحه لمناطق واسعة في شمال وغرب العراق. حيث صدمت أفعال التنظيم العالم بارتكابه الفظائع بالمدنيين العزل، واستخدامه أساليب وحشية في تصفية رجال الأمن العراقيين. ولكن صدمة أطفال العراق كانت أكبر من أي صدمة أخرى، فقد رأوا تلك الأعمال الوحشية بأم أعينهم. وتركت هذه الفظائع جروحا عميقة في نفوسهم، قد يستغرق التعافي منها أعواما.

في تقرير صدر في 2016/6/30   أشارت المنظمة إلى ان ثلث اطفال العراق باتوا بحاجة الى مساعدات انسانية. واكدت ان 3,6 ملايين من اطفال العراق - اي طفل من كل 5 اطفال في البلاد - معرضون لمخاطر الموت والاصابة والعنف الجنسي والاختطاف والتجنيد القسري في صفوف المجموعات المسلحة. وكشف التقرير الذي صدر تحت عنوان "ثمن باهظ للاطفال" ان عدد الاطفال المعرضين لهذه المخاطر ارتفع في الاشهر الـ 18 الاخيرة بـ 1,3 ملايين طفل.

وقال بيتر هوكنز، ممثل يونيسيف الاقليمي في العراق، إن "اطفال العراق وضعوا في خط النار، وهم يستهدفون بشكل متكرر وبلا رحمة. نناشد الاطراف كافة توخي ضبط النفس واحترام وحماية الاطفال. يجب علينا المساعدة في منح الاطفال الدعم الذي يحتاجونه لكي يتماثلوا من اهوال الحروب ولكي يتمكنوا من المساهمة في بناء عراق يسوده الرخاء والسلام."

ذكر التقرير إن 1496 طفلا اختطفوا في العراق في الاشهر الـ 36 الاخيرة، اي بمعدل 50 طفلا في الشهر الواحد، واجبر الكثيرون منهم على القتال او تعرضوا للاعتداء الجنسي. كما كشف التقرير ان 10 بالمئة تقريبا من اطفال العراق - اي اكثر من 1,5 مليون طفل - قد اجبروا على الفرار من مساكنهم نتيجة العنف منذ بداية عام 2014 ولمرات متكررة في بعض الاحيان. وتسببت الحروب في اعطاب واحدة من كل 5 مدارس، مما ادى الى فقدان 3,5 ملايين طفل تقريبا لفرص التعليم.

وطالبت اليونيسف باتخاذ الاجراءات الفورية الكفيلة بحماية حقوق الاطفال في العراق من خلال 5 خطوات محددة يجب ان تتخذ دون ابطاء.

وفي بيان جديد (2017/5/21 ) حذرت المنظمة أن "مستقبل وأمن العراق الاقتصادي وازدهاره يعتمد على زيادة حجم الاستثمار في التعليم اليوم"، مشيرة إلى أنه "بالرغم من أن الاستثمار في قطاع التعليم في العراق مكلفٌ، إلا أن عدم القيام بذلك سيكلف الأمة أكثر بكثير في المستقبل".

وأضافت، أنه في تقريرٍ لدراسة "كلفة ومنافع التعليم في العراق"، الذي أطلقته وزارة التربية بدعم من اليونيسف، قُدِرت الخسائر الاقتصادية نتيجة الهدر الكبير للأموال بسبب الأجور المهدورة جراء التسرب من المدارس في العام الدراسي 2014-2015 فقط بحوالي مليار دولار أمريكي.

وشددت اليونيسف على أن "شحة الاستثمار والموارد في التعليم تهدد مستقبل ملايين الأطفال العراقيين، حيث يفتقر 3,5 مليون طفل عراقي في سن الدراسة إلى التعليم، مما يعني أنهم يصبحون أكثر عرضةً للزواج المبكر وعمالة الأطفال والتجنيد من قبل الجماعات المسلحة". وأشارت إلى أن "نصف الأبنية المدرسية في العراق بحاجة الى إصلاحات عاجلة. وفيما يتسرب الأطفال من المدرسة، يرسب أخرون في مراحلهم الدراسية"، منوهة إلى أن "انخفاض معدلات التحصيل التعليمي للأطفال اليوم يعني وظائف بأجور منخفضة في المستقبل".

واشار تقريرٌ مصاحبٌ لليونيسف عن "فقر الأطفال في العراق"، الى أن واحداً من بين كل خمسة أطفال فقراء قد تسرب من التعليم قبل إتمام الدراسة الابتدائية وذلك لأسباب اقتصادية.

وذكرت المنظمة أن الأطفال هم أكثر من يعاني استمرار الصراع والنزوح في العراق، حيث تعاني نحو 40 في المائة من الأسر النازحة من الفقر. ونحو نصف الأطفال النازحين في العراق هم خارج المدرسة. أما الأطفال الذين يعيشون في المناطق التي تضررت بشدة جراء ،"أعمال العنف" في العراق، فأكثر من 90 في المائة منهم لا يرتادون المدرسة. وقامت اليونيسف بمناشدة الجهات المانحة للتبرع بما مقداره 32 مليون دولار أمريكي لتمويل برامجها في دعم التعليم في العراق خلال عام 2017، ولم تتلق سوى نصف التمويل المطلوب.

هذه الشهادات والارقام والتحذيرات جرس انذار وتنبيه ودعوة عاجلة لدراسة الأوضاع والتفرغ لها والعمل بجدية وحرص واهتمام لانقاذ الأطفال والعراق معا. ورغم أنها عن العراق مثالا، إلا أنها تتشابه مع ما حصل ويجري في بلدان اخرى، وخاصة في الوطن العربي، وما يبيت له من خطط عدوانية ومشاريع تصفية وتدمير منظم ومقصود.

فاي ثمن كبير سيدفعه العراق لبناء مستقبله؟!.

 

كاظم الموسوي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم