صحيفة المثقف

يمين حرك الريف ويساره .. مطلب اجتماعي وضرورة تاريخية

mohamad bakohإن حراك الريف هو تتويج طبيعي وحتمي، كان يجب أن يقع، أملته شروط الزمن الراهن لحاجة تاريخ المغرب المعاصر، وبالتالي، فقد جاء ذلك الحراك كاستجابة ضرورية لقانون المجتمع ووقائعه المتتالية، أي لشرارة غضب الشارع المغربي المتكرر، نتيجة عدة اختلالات سياسية وهيكلية ميزت الوضع التدبيري الاجتماعي المغربي، خلال السنوات السبع الماضية على الأقل، والذي انطلق بشكل رسمي كحراك منظم ذي جدوى منذ التأسيس الشعبي لدستور 2011، خاصة مع طلائع أحرار 20 فبراير، ضدّ القوى الفاسدة اللاوطنية التي أجهضت ذلك المكسب الدستوري الشعبي السالف الذكر، وسحبته من تحت أقدام الشارع المغربي الديمقراطي المُطالب بحقه في العيش الكريم، ونبذ التهميش والحكرة، وحولته عنوة بطرائقه المخزنية المعهودة إلى قبلتها الخاصة، ليخدم في موقعه الجديد مصالحها الطبقية الثابتة وامتيازاتها الذاتية دون غيرها، ومن تمّ لتكرس بها سلطتها القوية كقوى رجعية في موقعها الطبقي القديم، مستمرا ودائما في أعلى الهرم الاجتماعي مع الأقوياء والأشداء.

هكذا إذن، جاء الحراك الشعبي الريفي في موقع اليسار ضدّ هذا الوضع المتوتر والمحشو بالتناقضات، ليكون حراكا اجتماعيا وسلميا بكل المقاييس، ممثلا لجميع المغاربة المقهورين والوطنيين الديمقراطيين الغيورين على بلدهم الأم الأصيل..، جاء الحراك الاجتماعي الريفي ليُحاكم هؤلاء الفاسدين السياسيين والمدنيين والعسكريين اللاديمقراطيين مُحاكمة رمزية تاريخية وحضارية، مُطالبا بأعلى صوته بمحاكمتهم القانونية الفعلية كجناة، وككل مواطن ارتكب جناية، واختار لنفسه أن يتمرّد ضدّ الأمانة الوطنية والانسانية العامة التي تحمّل مسؤوليتها..، وهو في موقعه الجديد الذي خوّل له أن يوصف بالشخص الخائن .. والمنفصل عن حق، عن الهموم العملية لشعبه وعن قضايا وطنه.

بهذا المعنى، نعتبر تدخل الدولة المغربية هنا كسلطة عليا، ليس بالمقاربة الأمنية القائمة، والتي لن تعمل سوى على تأزيم وتصعيد شرارة الاحتقان الاجتماعي الكائن، بل بالتدخل الحواري الحضاري الحكيم الذي يجب أن تميز فيه الدولة بين المطالبة بالحق والالتزام بالواجب، من أجل صياغة معالجة نقدية عقلانية للذات (سلطة الدولة) وللآخر (حق الشعب) المُتضرر، بخصوص يسار مسألة العدالة الاجتماعية، في علاقتها المشبوهة الحالية والملتبسة إلى حد كبير بالتدبير الحكومي الراهن والذي سبقه، في سياق سكوته الصارخ، وتواطؤه المفضوح غير المفهوم، وغير المبرر، مع قوى التقليد والفساد والاستبداد الاقتصادي والظلم الاجتماعي والحيف الثقافي .. تلك القوى المُتعسفة المُهيمنة، حاضرا، بأشكالها الحربائية المريضة، الظاهر منها والمتواري في يمين المجتمع المغربي .

 

محمد بقوح

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم