صحيفة المثقف

الجنُّ يستمع إلى القرآن وبعض البشر يكفرون به

eljya ayshكفر بعض المسلمين بكتاب الله، وقاموا بتحريف كلامه بعد إعلانهم الإلحاد، بل تمادوا في طغيانهم وراحوا يتساءلون إن كان القرآن الذي جمعه الخلفاء هو القرآن نفسه الذي أنزله الله؟، وبرروا مواقفهم بأن العلماء تنازعوا في تفسير للقرآن وفي فهم آيات الله، ويرمي كل طرف الآخر بأن القرآن لا يعلم تأويله إلا الله وأن المفسرين يخطئون لأنهم بشر غير معصومين، والحقيقة أن الخبث يوجد عند الجن كما يوجد عند الإنس، فذوي النفوس المريضة استسلموا للشيطان واتبعوا خطاه، فظلوا سبيلهم

من خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم أنه خاتم النبيين، وقد جعل الله له مقاما محمودا ومنحه الشفاعة العظمى، وكما في حديث الشفاعة الطويل المتفق عليه أن الله يجمع الأولين والآخرين في صعيد واحد، فيقول بعض الناس لبعض ألا من يشفع لكم إلى ربكم فيأتون آدم ثم نوحا، ثم إبراهيم، ثم موسى، وعيسى ثم إلى محمد، فكلهم يقول : اذهبوا إلى غيري، إلا محمد (ص) فيقول: أنا لها، فيخر ساجدا إلى أن يؤذن له بالشفاعة،و بهذا يطهر فضله على جميع الخلق، واختصاصه بهذا المقام، والخاصية الثالثة هي بعثته إلى الثقلين الجن والإنس، ففي قوله تعالى: " وإذ صرفنا إليك نفرا من الجنّ يستمعون القرآن، فلما حضروه قالوا أنصتوا، فلما قضي وَلُّوا إلى قومهم مُنْذِرين" الآية 29 من سورة الأحقاف.

فدعوته صلى الله عليه وسلم كانت دعوة شاملة للثقلين الإنس والجن على اختلاف أجناسهم، يقول أهل الاختصاص وخاصة ما جاء به الشيخ الدكتور صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان في كتابه بعنوان: " الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد والرد على أهل الشرك والإلحاد" عن دار الأمّة طبعة 2013 مصر، أنه لا يظن أحدا أن دعوة الرسول خصّ بها العرب وحدهم بحكم من الأحكام، بل إنما علق الأحكام باسم مسلم، وكافر ومؤمن ومنافق، وبَرٍّ وفاجر ومحسن وظالم وغير ذلك من الأسماء المذكورة في القرآن والحديث كما جاء في الصفحة 185 من الكتاب، فأمر بما يحبه الله ودعا إليه بحسب الإمكان، ونهى عمّا يبغضه الله، فدعوته كانت لجميع البرية (البشر)، ولو أن القرآن نزل بلسان قريش، لأجل التبليغ.

و كما كان الرسول مبعوثا إلى الإنس، فقد بعثه الله أيضا إلى الجِنِّ، فقد استمع الجن لقراءته القرآن، وـاثروا بروعة بيانه، حتى آمنوا به فور استماعهم له وولوا إلى قومهم منذرين، ودعوهم للإيمان، ومثل ذلك في قوله تعالى في الآية رقم 01 و02 من سورة الجن: (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً، يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَداً)، والمتمعن في كلام الله يجد أن الجن أقبلوا على كلام الله عن طواعية، ماعدا إبليس اللعين، وهذا يبين أن الجنَّ سبق الإنس في مسالة الخلق أي أن الله خلق الجن قبل الإنس، من خلال أمر الله إبليس للسجود لأدم عليه السلام، وفيهم المسلمون والكفار، ويتبعون مذاهب شتى، وفيهم أهل السنة وفيهم أهل البدعة، وقد تحدث الله عنهم في سورة كاملة سمّاها سورة الجن.

 والاستماع قد يقود إلى الإيمان والإقبال وقد يقود الإعراض والإدبار، وإلى الطاعة والعصيان، هذه الأخيرة تقاسمها الإنس والجن معا، عصيان سيدنا آدم وحواء لله حين نهاهما من الأكل من الشجرة، وعصيان الجن (إبليس اللعين) من السجود لآدم عليه السلام حين أمره الله، فالعلاقة التي تربط بين الإنسان بالجن المسلم هي علاقة روحية تجمع الاثنان على عبادة الله وتنفيذ أوامره، فلا يمس هذا الأخير (أي الجن المسلم) الإنسان بسوء، مهما كانت صفاته.

 

علجية عيش

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم