صحيفة المثقف

فيروز الاحدب

1299 narinاعتاد فيروز أن يجلس على دكة باب الحمام، عارضا خدماته للآخرين من حمالة،وسخرة وجلب مقتضيات الحمام النسائي التي يشترينها بأبخس الاثمان من القروين القادمين من منطقة  دلتاوة وطوز خرماتو، خانقين وكقري، خيوط ستلية وقطنية، أقراص السبداج الشبيه بالجص الابيض، واكياس سوداء منقوشة بخيوط قطنية بيضاء، صنعت بأيادٍ ماهرة من نساء ماهرات مشهورات بهذا الفن الكركولي لتدليك جسد المستحمّين، إضافة لاكياس الطين خاوا المجلوبة من خانقين لتنعيم الشعر، وزيادة قوته حسب معتقدات تلك المحلة التي وجدَ فيروز نفسه بها، أو اوجدته هي دون إرادته، فيروز يشتري المقتنيات ويبيعها الى هدية الحممجية في محلة الفضل مقابل عمولة لا تسد الرمق . كان تواجده في منزع الحمام شبه دائم، ولم يعرف عنه استرقاء النظر الى الزبونات، مستفيدا ًَمن عوقه الجسمي، وقصر قامته، وحسن أدبه، إذ كثيرا ً ما يُعتقد أنه درويش من دراوشة الله الصالحين، أصبح فيروز جزاً لا يتجزأ من المكان، يتعامل مع هدية على دكة الحمام وهي بدورها تستضيفه على استكان شاي من الدارسين الحار، يرتشفه على عجل، ويضع نقوده في جيب سترته المتهرئه، دافعا ً جراويته الكسرية الى الخلف، داعيا ً لها بالصحة والعافية

فيروز له حدبة مرتفعة على ظهره، وأخرى ممائلة على صدره، وهو قصير القامة لا يتجاوز طوله أكثر من متر تقريبا ً، وله قصة غريبة بغرابة هذا الشارع، وحكاياته الاسطورية التي تنتقل كأنتقال النار في الهشيم، لتزيد أزقة شارع الكفاح مزيدا ً من الخرافات والبدع المتداولة، والتي يحيطها بطلنا هذا، ويرددها على مسامع الكُل، وهي بمثابة أسطورة، يصدقها البعض، ويُكذّبها الآخرون، فهو وحسب ما يروي من حكايات غريبة بلهجة مكسورة التي تطغي عليها الكلمات الفيلية، والتي تقلب الضاد زاء، وتحرف الكلمات بشكل مضحك، حسب رأي البعض، إلا أنهم يزدادون حبا ً وتعلقا ً بحكاياته البريئة رغم دمامة قامته .

شاء القدر أن نسيتني هدية الحممجية بعد منتصف ليلة الخميس على الجمعة حسب ما يردده فيروز بعد تنظيف الحمام، وأغلقت الأبواب، وأنا لا ازال في باحة الحمام العمومي .. أنظف مجاري الماء المملؤة بالشعر والطين خاوة، أشم روائح الصابون والحناء وعطور النساء، وأستنمي عليها وأنا في قمة النشوة، أكنس وأرفع المتبقيات من قشور البرتقال، وهذه عادة بغدادية قديمة، يعتقدون أن البرتقال يساعدهم على المكوث فترة أطول في الحمام .. إيوان بعد إيوان، وردهة بعد أخرى، أنظف الاحواض، وأجففها، وأسد الحنفيات بإحكام حتى شعرت بالعرق يتصّبب من جبيني، فقمت بنزع ملابسي منتشيا ً برائحة الصابون، والبخار يملأ المكان، وإذا بي أرى جمعا ً لا يشبه البشر، يحملون صواني الحناء مليئة بالآس والطين خاوة والشموع، وهم يرقصون ويقفزون على عجل، واصوات طبول تُقرع ودفوف تملأ المكان، كان الجميع عراة، لم اصدق ما رأيت أول وهلة، لكني لاحظت خفة مشيتهم، وسرعة قفزاتهم، فأدركت أني امام معشر من الجن، فما كان مني الا ان أشاركهم أعراسهم، فأغني عندما يغنون، وازغرد عندما يزغردون، إنهم معشر من الجن وعلي ّ يقع مداراتهم إلى ان انتهي وأفرغ من المأزق الذي وقعت فيه، إلا أن ما حدث افقدني صوابي فقد أمسك بي أحدهم قائلاً

مالكَ ولنا نحن معشر الجن يارجل؟

هذا الذي تشاهده هو مأتم لأحد اتباعنا، وهذه طريقتنا في الاحزان، نحن جئنا الى هنا لتغسيل الميت الذي لم تره عيناك المجردتان، وحظك العاثر قد قادك إلينا، ولكونك أثرت حفيظتنا بفرحك غير المبرر في مكان حزننا لذا اشتد غضبنا عليك، وقررنا ان نمسح صدرك وظهرك بهاتين الحدبتين، وسوف تظل تحملها طوال حياتك، إلى أن يحين مجيء موكب آخر من الجن يمسحها ويشيلها عنك، ومنذ ذلك اليوم وأنا أسير لهذا الحمام، والخادم المطيع، أنظف وأنتظر اللحظة المناسبة

بغداد بداية الثمانينات من القرن المنصرم

أوف، أوف باجي حسيبة، أحبه والله أحبه لأحمد الصواف. لا استطيع أن انظر لغيره، عيناه الزرقاوان سحر، ونقوده سحر آخر، كل ليلة أنتظر مجيئه، الليلة التي لا يأتي بها أموت، أم كلثوم تقول ما ينحسبشي من عمري

حسيبة: - خضرة هل جننتي؟ أنت سوف تقطعين رزقنا يا آهرة، وهل مثلنا يعشق؟ لم ار في حياتي عاهره تعشق، ومِن مَن؟ ابن الصواف تاجر، وعليه العين، يمتلك نصف اسواق الشورجة، وإحنا بالمستنقع، وبنت المعيدي تحب وتعشق، والأدهى من ذلك تغلق بابها بعد منتصف الليل، قولي كيف نعيش؟؟؟

  باجي جا هو الحب عيب لو مو عيب؟

الحب حرام للناس الذين مثلنا و انظري لتحت قدميك، كي تري نفسك، ثم هو سكر وعربدة ويومية برأي، النقود التي يستلمها من هذه الأيد يصرفها بهذه الأيد، استفادي منه وحصلي على نقوده فقط، وصيري آدمية

أنا آدمية باجي، وأعتقد أني حامل من احمد الصواف، وأرسلت فيروز الى منطقة العقاري كي يخبره، والله قلبي يحترق،

حسيبة:- مجنونة وهل بهكذا ظروف تحملين بها، هناك تفجيرات، الحكومة تتهم بها الفيلية، وأحمد صوفي واحد منهم، كَامت كَعدت أبوه يرسله للخارج، وهو يستطيع ذلك بما يحمله من نقود وعلاقاته مع لبنان

................

فيروز: أنا  إنسان … الكردي إنسان، وخضرة المعيدية إنسانة … ابو نسيم اليهودي إنسان، والله راح اتخبل، دبرني كاكا أحمد

احمد الصواف: - فيروز، كافي تبكي وتولول مثل النساء، اذهب إلى خضرة وقل لها سوف أعقد لها عقدا ً سريأ، وأملج عليها عند السيد، اريدك تكون شاهد، وابني من خضرة المومس لا يخجلني ابدا ً، اما والدي عليه تقبل الامر، إذا كان يعتقد ما اقوم به فضيحة، فهذا متروك له، لا هذه أول مرة أختلف معه ولا آخر مرة دائما يعتقد أنا ولد عاق وسكّير، هههههههههه، لكن فيروز فقط اتخيل كيف تكون الصدمة لوالدي؟ ابن الصواف يتزوج ! خضرة المعيدية !! هذا الوقت مختلف تماما ً، علينا ان نفكر بجد، تجارة احمد الصواف سوف تنتهي سواء بزواجي من خضرة او عدمه، هم يقولون أنا لست عراقي، أويلي يابة، يعني الآن يعتقدون أنا مو عراقي ! دكان أحمد الصواف كان يمتلكه جدي ابو الصوف الذي كان يتاجر به بالشورجة، وجدي استلمه من جد والدي، لا استطيع أن افهم كيف أنا لست عراقيا ً، عم فيروز أنا الآن أفكر بخضرة … أحبها، ولا استطيع فراقها، ربما أنت وأبي وكل الاصحاب تعتقدون أني لعوب، لا يفقه من الدنيا شيئا ً غير لعب القمار والمراهنات بالريسز … لكن منطقة العقاري وبنات العقاري مغروسات بقلبي .. الشورجة ودكان جدي وتجارة الصوف وصابون الحلب والعطور والمشروبات تسري بدمي، عمي فيروز، أنا ابن خير ليأخذوا المال إن كانوا يريدون المال فقط ليتركوني أشم رائحة الشورجة، وعبقها وتاريخها وتاريخ عائلتي،

فيروز:- عندما افكر أن أهاجر، اقصى ما يمكن افكر فيه أن اصل منطقة قنبر علي او ساحة المعدان قرب خضرة، لا استطيع ركوب السيارات، لانها تصيبني بالدوار .. أخي أحمد هل الحدود الايرانية بعيدة؟؟

احمد:- بعيدة جدا

فيروز: - لماذا الزوار الايرانيون يأتون راجلين الى الكاظم؟

أحمد:- ايمان فيروز، ايمان

فيروز: - هل الله حين خلق الارض كانت لها حدود بين الدول؟

احمد:- لا

فيروز: - إذن نحن البشر من آدم وحواء، أولاد أب واحد وأم واحدة، والفيلي عراقي بدون حدود، حبي الى هذه الأرض التي ولدت ُ فيها أكبر من الفضل و جامع الفضل وأكبر من بغداد، ربما لم أر بلدا ً آخر غير بغداد، لكني أعتقدها كبيرة وكبيرة جداً، أنا انسان ومن حقي أن أعيش مثل بقية البشر، ولا أطلب من القدير ألا ان أنام في حمام الفضل، وأتغدى على ما يجود به عنجر علي ّمن طعام في مطعمه، اتسكع امام دكان عمو خورشيد ابو التتن، لا أطلب شيء سوى سيكارة مزبن واحدة من تبغ السليمانية، انتشي بها بصحبة هذا الانسان الطيب خورشيد ابو التبغ، هل ما أطلبه حرام؟ قولي كاكا حرام لو لا؟

يسترسل فيروز في بكاء طويل، وهو يضرب بخفة على عرقجينه الاسود الذي يغطي رأسه .

*****

جلست هدية الحممجية على صرة ملابس لدكة المنزع متكئة بيدها اليمنى على صندوق أسود يقال له راديو، ومحشورة بينه وبين القاصة الحديدية التي تستودع عندها النساء مصوغاتهن الذهبية لحين  إكمال الاستحمام،،،، أدارت هدية محرك الراديو، فانطلق صوت عباس جميل

خلو وشالو أهلي بليل … والولف غافي

اسهر وخله ينام نوم العوافي

مالي صحت يمة احو جا وين أهلنة

جا وين، جا وين اهلنه

اويلي:- يابه جا وين أهلنا صرخة مدوية تنطلق بعويل خضرة المعيدية وهي تضرب على صدرها

حسيبة: - يكفي خضرة بكاء وعويلا ً، تفاءلوا بالخير تجدوه

خضرة: كيف اتفاءل؟ هل تعتقدين أنهم أخذو أحمد …؟ حسب ما علمت، رتل عسكري طوق منطقة العقاري، اتمنى ان يكون بمكان آخر آمن

حسيبة: - هدئي من روعك خضرة والله فضحتينا، حتى الزبائن الآن تخشى التعامل معنا

هدية الحممجية: - هل خضرة تبكي من أجل أحمد الصواف؟

حسيبة: اجل

هدية: على كيفكم حبيبات على كيفكم، آمنو بالله الواحد القهار

حسيبة وهي تنفث سكائرها من فهمها: لا إله إلا الواحد القهار،

هدية: اليوم صباحا التقيت بفاضل عقيرة

حسيبة مقاطعة هدية: ومن هو فاضل عقيرة؟

ابن رشيد فاضل السكير، سمي بعقيرة، لأنه يعاقر الخمر، والذي يسكن بالبنزين خانة الفضل، من تريدين تخرجين الى المطبعة الحكومية على طريق المحطة .

حسيبة: بلي بلي، عرفت كان هذا جيراننا في حمام المالح قبل أن ينتقل الى محلة السور

هدية: المهم  بعد أن صبحني بالخير، وأنا في طريقي لفتح باب الحمام أخبرني أن ثلة من الأمن والعسكر كانوا بسيارة حمل لوري، وقفوا امام باب جد أحمد الصواف بالتسابيل الساعة الرابعة قبل أذان الفجر، واقتادوه الى جهة مجهولة

خضرة تلطم على وجهها، بيمة بيمة، انطفأ نور عيني، حبيبي وينك، تعال هنا كي احكي لك

حسيبة: اصمتي قليلا، كي نفهم السالفة وهي تشعل سيكارة أخرى، وقد بانت يداها الملطختان بالحناء

هدية: أي وحسب قول فاضل عقيرة إته رأى جدة أحمد بحالة يرثى لها وهي تندب حظها وتلطم على وجهها (هاي داد بي داد يا أهالي بغداد ) وحين سألتها عن احمد، اجابت بلكنة فيلية ( البعصية أخذوا ابن ابني أحمد )، خالة فهميني أي بعصية تقصدين؟ فأردف قائلا: أستدركت انها تقصد البعثية

حسيبة: لا حول ولا قوة الا بالله …. حسبي الله ونعم الوكيل

خضرة: باجي دبريني، شا أسوي

حسيبة: قومي قومي، وتحممي جيدا على باب رزقنا والله يفرجها ونشوف تاليتها

*******.

مثلثات صغيرة وكبيرة، وأضلاع تحت بطنها البيضاء، دق ازرق على مناطق أخرى .. يمتزح الاصفر بالأزرق مع حجلها الذهبي والدقة الزرقاء أسفل كوعها من الخلف … وأنا أبن الأربعين الذي لم يعرف أمرأة في حياته، رجل باكر .. لم افقد عذريتي، حبي خيال وتوحد …. اطرب على أصوات الدفوف والطبول حين أمر أمام بوابة تكية الشيخ كَمر .. وآه .. ( دمدم دم، لو دكت الطبلة وصاح الحادي .. صاح يأهل الشيخ ويا أسيادي ددم دم، حي، الله حي الله حي

قرع طبول تزداد، وضرب حربة، شعر طويل يرتفع وينزل للمريدين بقوة مع قرع الطبول، وهم في غيبوبة التوحد، سمو روحي، أصوات وجلبة من جهة عبدالقادر الكيلاني في باب الشيخ، ومن جهة التكية في محلة السور .. ولكن لماذا أسمع كل ذلك الآن !!؟

أنا أمام خضرة، وخضرة تعطيني نظرة خاطفة، وهي تضع منشفة على رأسها وبشطمان يلتف حول جسدها العاري، وفجأة، تفتح البشطمان مغطية خلفية جسدها، تمسك بطرفي البشطمان وهي تتوسط الخيمة التي صنعتها، ونهدان ناشزان، يتوسطهما سلسلة ذهبية، وكورة من الدهن تملأ وسط بطنها، وهي ترسل ابتسامة ثعلبية لي

أصوات الدفوف تزداد وترتفع معها اسماء الله، ولا أعلم إن كانت هذه الاصوات تأتي من داخلي أم من الخارج

قلت لنفسي دعيني يا حبيبتي، دعيني وأتركيني لعذريتي، أنا لستُ برجل حقيقي، هناك حدبة على ظهري، وأخرى على صدري، أنا من أنا؟ أنا فيروز الفيلي أبو قنبورة . أحبك حتى الثمالة، وأسكر بحبك واسمك ِ لكن حب الله يمتلكني، وأبن احمد الصواف أخي وشقيقي في أحشائك، دعيني وشأني، لا أستطيع يا حبيبتي

هنا أسمع صوت باجي حسيبة ( مضروبة الجلوة حتى على فيروز تدني نفسك ) …

لا باجي لا، أحسبها صدقة لوجه الله تعالى

حسيبة: يمة الصدقة صوم وصلاة وإعطاء المحتاج حقه

خضرة: ها أنت تقولين إعطاء المحتاج حقه، والحاجة هي إطعام مسكين وأشياء أخرى، وأنا أعطيه نظرة هو بحاجة لها . نظرة باجي نظرة لوجه الله تعالى، لرجل لم يرى أمرأة في حياته، وهذا الذي أمتلكه كي أعطيه، أملي أن يفرجها الله عليك، وعلى أحمد الصواف في هذه الأيام العصيبة، ويرجع لي أبو أبني بحق الحبيب محمد

حسيبة: خضرة أسمعيني زين

نعم باجي

ماذا تقولين لو نزوجك لفيروز الاحدب زواج عند السيد حتى نقول إته هو ابو الولد الذي ببطنك، إلى ان نعرف مصير احمد الصواف؟؟

***

جماعة ولمة في مطعم عنجر في قنبر علي

فاضل عقيرة: عمي أبو ظافر، الشباب كلهم بمركز الفضل سوف يرحلون لجهة مجهولة .. تف الله بن بلة ورسن على هذه المصيبة التي حلت على دماغنا، والله نحن كنا في كركوك كراد وعرب وتركمان لم يجرؤ احد فيهم أن يقول انت تركماني وهذا كردي، يا ناس هؤلاء أهلنا، ما الذي نستطيع فعله؟؟ حسبي الله ونعم الوكيل

حسن علي: ياجماعة والله حيرة، يعني هذا سمير الذي فجر المستنصرية، أليس إرهابيا ؟ أو يمكن أطلاعات إيرانية، والناس التي ماتت ما هو ذنبها؟ نعم إنهم عراقيون، لكن من الذي يستطيع مواجهة الغول؟

ابو ظافر: حسن علي  أكعد أعوج وأحجي عدل، وسفة على رجال، أي، والله وسفة، إنك تخشى السلطات أم انك جاسوس منهم ومن طينتهم؟ تف عليك، كردي مستعرب، وصدق الذي قال، لا تخشى الحية والعقرب، بل اخشى الكردي اذا أستعرب، وابنك ميرزا ابو الاثقال أصبح من حمايتهم، والآن تتباكى، والله اقولها امام الملأ .. بعد أن يرحلو كل أهالي المنطقة، سوف يرجعون عليك، ويأتي دورك بالسرة، ومَن الذي يقول لك ربما هي لعبة مدبرة من الحكومة، والجريمة معدة سلفا ً للتهجير؟ ألم يسبق وأن هجروا اليهود بتفجيرات طالت حتى الكنيس اليهودي، وباعوا شعب جذوره بهذه الارض مع جذور الفيلية ومأساة فلسطينية إثر لعبة دولية وتبادل مواطنين، تم إسكانهم فوق سينما مترو بالفضل، سوف يرحلوننا واحد بعد الآخر، إلى أن يصفى العراق من العراقيين، عمي هذولة فاشست

.. يقوم حسن، ويمسك برقبة أبو ظافر:   الكلام علي

أي عليك

تهب الرجال لفك العراك الدائر، عيب والله عيب، هناك عوائل ترحل، وشباب تقتل وانتم تتخاصمون !!؟

عنجر: بالمناسبة،أخوتي، افتقد فيروز، لم يأتي هذا اليوم لاخذ طعامه، هل منكم من يعرف شيئا عنه؟

شاكر البنا: حسب ما سمعت أنهم يعتقدون إنه اطلاع إيراني لذا هم يبحثون عنه

ابو ظافر: فكنا عمي، فكنا، فيروز لا يعرف كيف يخرج من الفضل، والآن التهمة اطلاعات  إيرانية، والله الهدف منها ترحيله، هذه مسخرة هزلت

* * * * * * * * *

ليلة الخميس على الجمعة، والحمام مسكون بالملائكة، وأنا الهارب من وجه عدالة الانذال، وأحتمي بضمير هدية الحممجية،بهذا الحمام النسائي .. انزع كل ملابسي، وأغتسل، وأغسل ملابسي، لعل الله يغفر ما تقدم وتأخر من ذنوبي .. أصلي وأردد أسماء الله الحسنى، أبكي وأضحك من هذه النكتة البائسة، أن اكون اطلاعات إيرانية آخر عمري … أضرب على صدري .. على حدبتي .. قنبورتي التي طالما حلمت أن تنزل ملائكة الحمام كي تمسحها عني، وترفع الثقل النازل على كاهلي، بسبب غضب الجان عليّ في هذا الحمام

أبكي وأضرب على صدري من أجل عمو خورشيد ابو التتن، ومن أجل أحمد الصواف الذي قُتل.... من أجل ان يفتح الله بصيرة حسن علي وأبنه ميرزا، أصلي من أجل خضرة المعيدية والطفل الذي ببطنها

أضحك فيختلط ضحكي وبكائي مع البخار الصاعد من الدكة الوسطية للحمام، ويرجع الصدى من أعالي سقف القبة … فيروز: ما الذي يضحكك؟…. 

أرادوا أن يقتلوا أحمد الصواف، ويقتلعوه من جذوره، وها هو حي بأبنه من خضرة المعيدية، وهو باقي في هذه الارض الطيبة، إنهم يعملون المستحيل، لكن هيهات، خضرة حبيبتي، المرأة الوحيدة التي رأيت جسدها بأم عيني وهي حبيبة أخي وصديقي أحمد الصواف، أويلي يابة، عروس بدون رجل؟ وأبن بدون أب، وأضرب على صدري، الضربة تلو الاخرى، ( زينب تنادي بكربلاء وين أبو الهمة، أحو أحو،،،، ونايم على جرف البحر والجود يّمة، أحو أحو ) أحو ياعلي، يا حسيناه، احو يا ابو عبدالله، هل هذا سبي ثان لنا، هل نحن في كربلاء مرة أخرى، أجبني يالهي، أجيبوا يا ملائكة،

صوت رهيب ينبعث من سماية وفتحة فبة الحمام الصغيرة

فيروز الأحدب … نحن خدم وسدنة الملائكة التي ناديتهم، ورسل المك ودود، لقد تعالى صوتك إلينا، وصوت كل المعذبين من أصدقائك المرحلين، لذا قررنا أن نمسح قنبورتك وحدبتك الأمامية .. بأسم العلي العظيم، وضعوا أيديهم عليها فأختفت

بأسم الله العلي العظيم قررنا مسح حدبتك الخلفية .. وضعوا أيديهم عليها فأختفت

والآن ماذا تريد يافيروز؟ اخبرنا على عجل، لم يبق وقت لدينا، ربما طلبك الأخير لا يجاب

فيروز: أريد ان تأخذو روحي معكم .. نعم لقد انتظرت وكلي أمل أن ابرأ من الحدبة التي وضعها الجان على صدري وظهري لكني الآن بحاجة أن أموت في وطني، أنا لا أعرف مكانا ً آخر ولست ُ بحاجة أن أعرف، خارطتي عكد الاكراد وقنبر علي، والتسابيل وسوق الشورجة، أرجوكم لا أريد أن اُرحل

الملائكة: لكن طلبك لا نستطيع تلبيته، لأن هذا الطلب من أختصاص ملائكة أخرين

فجأة يؤذن الفجر

الملائكة: علينا أن نتركك الآن

جلبة كبيرة ودفوف وأصوات تهاليل ونداءات أستغاثة ترتفع مع البخار بأرتفاع الملائكة من عليّة دكة الحمام الدائرية التي تتوسط الباحة الى سماية قبة الحمام،

هناك مع دغشة الفجر الجميل الذي يلوح من فتحة السماية وجدت جثة قبروز الفيلي متروكة على الدكة بدون حدبة فهو أصبح بقامة رجل طبيعي من غير عوق،

* * * * * * *

أختلف الناس في سر أختفاء حدبة فيروز وسبب مماته، لكن الغالبية من الناس تعتقد أنه أصيب بجلطة قلبية جراء مشاهدته الملائكة، وخوفه من الجن والأمن المحلي

تحولت دكة حمام الفضل إلى مزار للنسوة اللواتي يردن طلب المراد من زواج وإتجاب ، يقرأن عليها لفاتحة، ثم يغتسلن على الدكة التي وجد فيها ميتا ً،بقيت هذه الآسطورة والحكاية إحدى حكايات أزقة شارع الكفاح، فهي تارة يضاف إليها الكثير من الأساطير وتارة لا تعدو كونها حقيقة إنسان عراقي، عاش ومات علي هذه الأرض الطيبة

أنتهت

 

نيران العبيدي – كند

................

ملاحظة

الأسطورة مجرد خيال للكاتبة وليس فيها أي شيء من الواقع وأي تشابه بالأسماء مجرد صدفة او توظيف للحدث

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم