صحيفة المثقف

مرحبا بالمصالحة الفلسطينية .. ولكن نتمنى!

ali jabaralfatlawi2مشروع المصالحة الفلسطينية أمر مرحب به، وتوحيد الصف الفلسطيني باتجاه تحرير الوطن أمر يُفرِح الشعوب العربية، إذا كان الهدف من المصالحة توحيد الصف الفلسطيني لغرض دعم المقاومة بوجه العدو الصهيوني، علما أن المستفيد الأكبر من إتفاق المصالحة هو الشعب الفلسطيني المظلوم، فإن كان الإتفاق يهدف توحيد الجهود لينال الشعب الفلسطيني حقوقه المسلوبة، فهذا أمر مرحب به، وتؤيده الشعوب العربية الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني، علما أن بعض الشعوب العربية مغلوب على أمرها، ولا تستطيع التصريح علنا ضد إسرائيل تأييدا للمقاومة، بسبب تسلط حكامها المتعاونين مع إسرائيل سرّا وعلنا، والشعوب تعرف أن ثمن سكوت الحكام العرب واستسلامهم للمشاريع الأمريكية الصهيونية، هو بقاؤهم في عروشهم الخاوية لأطول مدة ممكنة، لهذا نرى هؤلاء الحكام الخانعين أرانب أمام أمريكا وإسرائيل، وأسودا ضارية على أبناء جلدتهم من أفراد شعوبهم والشعوب العربية الأخرى، وهذا ما نراه اليوم في اليمن والبحرين والعوامية في السعودية وغيرها من المناطق والدول.

إذا كان مشروع المصالحة الذي تبنته حكومة مصر يؤدي إلى وحدة المقاومة وتقويتها بوجه العدو الصهيوني ..فأهلا ومرحبا بالمصالحة ..ولكن إذا كان الغرض من المصالحة تصفية سلاح المقاومة ضد إسرائيل، وإنهاء المقاومة عسكريا لتتحول إلى مقاومة سياسية فحسب على ما تريد الحكومة الفلسطينية برئاسة محمود عباس التي هي هيكل سياسي فحسب، ولا دور عسكري لها.. إذا كان هذا الغرض فستكون المصالحة ضررا وانهاء لدور المقاومة المسلحة، وحينئذ لن يكون المشروع المصري بزعامة السيسي إلا مشروعا استسلاميا لا يختلف عن بقية المشاريع الاستسلامية الأخرى التي يتسابق فيها قادة الاستسلام العربي لخدمة إسرائيل والتزلف لها، كي تبقى إسرائيل وأمريكا تدعم بقاء هؤلاء الحكام العرب على كرسي الحكم، ولكن هذا ما لا نتمناه، وعلى ضوء النتائج المعلنة من القاهرة التي ترعى اتفاق المصالحة، تشير المؤشرات الى الإيجابية، إذ لم يتكلم أحد عن سلاح المقاومة، رغم أن إسرائيل واصدقاءها من الحكام العرب يريدون تصفية  المقاومة المسلحة، وهذا مايرفضه الشعب الفسطيني والشعوب العربية.

لا نريد أن نكون متشائمين، لكن من خلال قراءة واقع النظام المصري الذي يرتبط مع إسرائيل بعلاقات تبادل السفراء، ويرتبط مع السعودية بعلاقات يُخيل للمراقب أن السيسي كأنه يتلقى توجيهات السعودية، ومؤشرات ذلك كثيرة منها دعم السعودية للسيسي في الانتخابات المصرية، ودعم السيسي أثناء الثورة الشعبية ضد حكومة الأخوان برئاسة محمود مرسي، علما أن السعودية لا تسمح للإخوان أن يظهروا كمنافسين لدورها في قيادة الفكر التكفيري، وقيادة التيار الإسلامي السياسي المتطرف الذي أنتج العشرات من منظمات الارهاب ولا يزال منتجا.  وأمريكا تعرف هذه الحقيقة وتدعمها، فهي تدعم كل الاتجاهات المتطرفة التي تتكلم باسم الاسلام، وتدعم الإرهاب بكل عناوينه ومرجعياته الفكرية، سواء كان نابعا من فكر الوهابية أو جماعة الاخوان، لأن جميع منظمات الارهاب بمختلف مرجعياتها الفكرية والسياسية، موظفة لخدمة المصالح والمشاريع الأمريكية الصهيونية. 

ومن مؤشرات تابعية السيسي للسعودية، إشتراكه مع منظومة الحكام العرب الداعمين للعدوان على شعب اليمن، ليس شرطا أن يشترك بجيش مثل ما فعلت السودان لكن هناك مجالات أخرى لدعم العدوان ومنها الإعلام، كذلك اشتراك السيسي مع السعودية ومجموعتها الخليجية في الموقف من قطر، إضافة إلى قضية الجزيرتين المصريتين في مدخل البحر الأحمر (تيران وصنافير) اللتين تتحكمان في مدخل خليج العقبة، إذ سلّم السيسي الجزيرتين الى السعودية رغم اعتراض الشعب المصري، واعتراض المحكمة الدستورية المصرية، ومنفعة الجزيرتين ستعود بالأساس الى إسرائيل والأردن حليف إسرائيل العلني في المنطقة. والجزيرتان تتحكمان في مدخل ميناء العقبة الأردني وميناء إيلات الاسرائيلي فتسليم الجزيرتين إلى السعودية جرى من أجل عينيك إسرائيل، لأن السعودية تقود عملية التطبيع مع إسرائيل في السّر سابقا وفي العلن حاليا.

من خلال هذه المؤشرات الواقعية يظهر أن نظام عبد الفتاح السيسي سائر في ركب النظام السعودي، والسؤال هل يعقل أن المبادرة المصرية للصلح بين منظمة حماس ومنظمة فتح، جرت من غير علم الحكومة السعودية إن لم نقل أنها أصلا هي مبادرة سعودية بوجه مصري؟ نتمنى أن لا تكون السعودية وراء المبادرة، فلو كانت السعودية هي المحرّك للمبادرة فهذا يعني أن مبادرة الصلح تجري من أجل تصفية سلاح المقاومة، وإن لم يُعلَنْ ذلك، لأن شعار السعودية هو خدمة الصهيونية، وإنهاء المقاومة ضد إسرائيل من أي طرف أتت.

مرحبا بالمصالحة الفلسطينية حسب المعلن عنها في الإعلام، سيما وأن بعض قادة المقاومة قد أكدوا أن سلاح المقاومة غير خاضع للتفاوض، المصالحة ستُنهي المقاطعة للشعب الفلسطيني في غزة الذي يعاني حصارا من اتجاهين، من سلطته الفلسطينية والعدو الاسرائيلي، فنحن كمواطنين عرب نفرح لفرح الشعب الفلسطيني المظلوم ظلما مركبا، من العدو الاسرائيلي والسلطة الفلسطينية، وظلم ذوي القربى أشدّ مضاضة من وقع الحسام المهند، لك الله تعالى أيها الشعب الفلسطيني المظلوم إذ لو كان الحكام العرب معك، لما استطاعتْ إسرائيل المدعومة أمريكيا نهب حقوقكم ولكن الظلم الأكبر عليكم، هو ظلم أبناء جلدتكم.. فإنا لله وإنا إليه راجعون. 

 

علي جابر الفتلاوي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم