صحيفة المثقف

هكذا يصنع المال سيادة مزيفة

eljya ayshعادة ما يلعب المال دوره كوسيلة لتحقيق أماني الإنسان ويكون له دور كبير أيضا في تكوين نزعة الجاه، ويكون له ذاتا اجتماعية يحسب لها ألف حساب، فشكل لنفسه مفاهيم خاصة به، حتى لو كانت الأغلبية غير متفقة على تشكيلها، وجعلها قاعدة في حياته، لقد أصبح البعض يفتخر بماله وبملكيته للأراضي والعقارات، وقد دفعه حب العظمة إلى التبجح على حساب الآخرين، ويلعب بمقدرات ومواهب غيره..، ما يؤسف له هو أننا نرى بعض الناس ينساقون حوله وينقادون لأهوائه، ويمجدونه بالباطل..، إنه السيّد المزيف، الذي حقق سيادة لا يستحقها، وخلق نظاما قائما على القوّة، وقد يرتكب أبشع الجرائم من أجل الحفاظ على مركزه الذي وصل إليه بواسطة المال، ولا يهم مصدره حلال أم حراما.. ثم يوجهه وجهة غير صحيحة وغير سليمة، وقد يأتي بشيئ لا يخدم المجتمع..، يقدم له أشياء تافهة في جوهرها، ويصنع بها عالما تسوده الفوضى، خدّر عقول الشباب بالأكاذيب والخطابات المزيفة، وفي كل مرة يعده بأن يسلم له المشعل الذي هو أكبر كذبة أطلقها من بيدهم زمام الأمور..

أعطى الشباب لهؤلاء حجما أكبر من حجمهم..، فظلوا في مناصبهم وقد اشتعلت رؤوسهم شيبَا..، وظل هو (أي الشباب) يحلم بهذه الكذبة وينتظرها في كل موعد انتخابي، وعلق آماله عليها..، ولما عاش الكذبة شعر باليأس، ولم يعد يؤمن بالغد، وفي عالم تاه في أورقته المظلمة، راح يبحث عن منفذ، بعضهم استسلم للكحول والمخدرات حتى ينسى وحتى لا يشعر بالمذلة،، وآخرون اختاروا الموت عبر قوارب البحر، هكذا ضاع الشباب، وهو يهرب من شبح الخوف من المستقبل، من الإنهزامية..، فما يحدث في الساحة السياسية خير مثال عن جرائم أخلاقية كثيرة ترتكب في حق الناس، وأن أياد كثيرة تحرك الأمور في الخفاء، تدفعها إلى قتل القيم والمبادئ، يصبح كل شيئ مباح، وهو ما شاهدناه طيلة الحملة الانتخابية والتي سبقتها، وما تبعها من سلوكات واتهامات، وكلام لا يرقى إلى مستوى الخطاب السياسي، ولا يرقى إلى المستوى الذي يطمح إليه المجتمع.

نتساءل من المسؤول عن هذا الانحطاط الأخلاقي، الفكري في المجتمع ؟ فنحن نقرأ يوميا عن جرائم متعلقة بالقتل والسرقات، والتزوير والتهريب والاختطاف للقُصَّرِ، وجرائم الشرف والخيانة، ولم نسأل يوما من هو المسؤول الحقيقي عن هذه الجرائم؟، فالمُحَرِّضُ أكثر إجراما من مرتكب الجريمة، نعم المحرض على القتل وعلى السرقة وعلى القذف في الآخر هو المسؤول الأول باعتباره صاحب الفكرة، أما المنفذ فهو شبه أداة في يد المحرض، لأنه انصاع لآرائه ووقع تحت سيطرته، وهكذا يستمر الصراع، ولن يقدر الشباب على تجاوز هذه الأكاذيب، لأن صانعيها حولوها إلى قيمة مثالية وقننوها ووضعوا لها شعارات مزيفة لازمت حياتهم، ومحاربتها تحتاج إلى ثورة جديدة بثوب جديد بفكر جديد، بجيل جديد يتحرر من ها العبث، ويعرف كيف يعيش سيادته هو لا سيادة غيره، هكذا يصنع المال سيادة مزيفة، وقد قيل في القديم: "أعرف الحق وهو يحررك".

 

علجية عيش

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم