صحيفة المثقف

الأمير عبد القادر الجزائري كان ذا فِكْرٍ تَنْوِيرِيٍّ

eljya ayshلفت انتباهي مقال نشرته يومية الشعب في صفحتها الأخيرة (العدد: 17501 الموافق لـ: 27 نوفمبر 2017) أن حفيدة الأمير عبد القادر تحلم أن ترى مركزا ثقافيا باسم جدها الأمير عبد القادر الجزائري، يكون مدرسة تغرس حب الوطن في أنفس الشباب خاصة، وهو ما يثير الاستغراب، لأن هذا الحلم الصغير، قد تحقق على يد الرئيس الراحل هواري بومدين يوم قرر إنجاز جامعة تدرس فيها العلوم الإسلامية ومقارنة الأديان والتاريخ الإسلامي وإطلاق عليها اسم الأمير عبد القادر، وكان مشروعا ضخما تجاوز حلمها الصغير، فالجامعة تدرس ليس حُبُّ الوطن فحسب، كما قالت هي، وإنما تدرس حب الوطن والدين والتعلق بالعقيدة الإسلامية والثقافة الإسلامية، وحب اللغة العربية، وهي الآن فضاء للدعوة الإسلامية، ولا نظن أن حفيدة الأمير عبد القادر تجهل وجود هذه الجامعة بولاية قسنطينة (عاصمة الشرق الجزائري)، والتي يدرس بها طلبة من مختلف الجنسيات، وحاضر فيها كبار الدعاة والعلماء في العالم الإسلامي بدءًا من الداعية الشيخ محمد الغزالي، والشيخ محمد رمضان البوطي رحمهما الله، والشيخ القرضاوي والشيخ الشنقيطي، والداعية وجدي غنيم، أطال الله عمرهم، وعلماء آخرين لم نحظ بحضور جلساتهم العلمية، كما احتضنت جامعة الأمير عبد القادر ملتقيات دولية حول الشخصية نفسها، وأصدرت مؤلفات حول مسيرته العلمية والجهادية، دون الحديث عن مذكرات تخرج الطلبة، ورقمنتها حتى تبقى مرجعية علمية للطلبة والباحثين الجامعيين.

و لا يفوتنا طبعا الجزائر وتحتفل بالذكرى 185 لمبايعة الأمير عبد القادر الجزائري التي تنظمها جمعية على خطى الأمير بمعسكر، وبحضور وزير الثقافة عز الدين ميهوبي في إطار جائزة ألأمير عبد القادر في طبعتها الثالثة والتي حظي بها هذه السنة الدبلوماسي الأخضر الإبراهيمي، يستذكر الجزائريون مسيرة هذا الرجل العلمية والجهادية ومراحل تأسيس الدولة الجزائرية، ونقف هنا ما قاله الدكتور عبد القادر جغلول أنه لم يكن الهدف المركزي للأمير عبد القادر هو المجد العسكري، وإنما كان بناء دولة جديدة على أطلال البايلك العثماني، دولة جزائرية حديثة برؤية معاصرة متفتحة، لم يكن الأمير عبد القادر بالرجل العادي، بل كان يفكر بعمق ويطلق العنان لفكره إلى الأعلى فكان مفكرا تنويريا، بل تقدم فكره التنويري المرحلة التي كانت تعيشها الجزائر آنذاك، ورسم طريقا لمن يأتي بعده، لكن الذين كانوا يحيطون به لم يستوعبوا نظرته للمستقبل، وحاولوا إجهاض محاولة بناء الدولة الجزائرية، فقد وضع الأمير عبد القادر يضيف الدكتور جغلول، الأسس الأولى لدولة جزائرية محدثة، حيث أنشا إدارة مهيكلة، وأقر مبدأ المساواة في الضرائب، ملغيا الامتيازات القديمة التي كانت قبائل المخزن تتقدم بها إلى قبائل الراية، وتحت ضربات التخريب التي كان يقوم بها جيش أفريقيا وتحت تأثير القوى التهديمية القوية التي كانت تهز المجتمع الجزائري بسبب غياب التحالف بين الباي أحمد لقسنطينة والأمير عبد القادر، ومقاومة بعض الأرستقراطيات القبلية والطرق الدينية لمنطق المركزية الحكومية التي بادر بها الأمير، وكذلك بسبب تخلي سلطات المغرب عنه، ورغم ذلك تحقق المشروع.

كانت دولة الأمير عبد القادر لها إسلاميتها وأسسها القانونية ومظاهرها الأخلاقية وعصريتها، وكانت لامركزية الحياة العمومية والتنظيم الإداري وديمقراطية المؤسسات، تقول الكتابات أن بيعة العروش والقبائل للأمير عبد القادر تمت في الثالث عشر من رمضان سنة ثمان وأربعين ومائتي وألف (1248)، وجرت بوثائق صدرت من زعماء غريس، فقبل الأمير عبد القادر بيعتهم، ونهض لجمع كلمتهم نهوض الزعيم، وقد ركز الأمير عبد القادر على مؤسسة الجيش، من خلال صناعة الأسلحة والمعدات الحربية، ويعود السبب في ذلك كون بلاده كانت مغتصبة، ولم يهدا له بال حتى يطرد الاستعمار من أرضه، كما أسس في تلمسان مصنعا للمدافع، وكان له مصنعا للسلاح في مليانة، فكان القائد الأعلى في مقاومة المستعمر، وفي تنوير الجيل من الشباب المسلم، وغرس فيه ثقافة المرابطة، وإعداده الإعداد الجيد لتحمل المسؤوليات الجسام.

 

علجية عيش

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم