صحيفة المثقف

الإمبراطور الأخير

moamar baktawi2قدمت من حضرموت إلى روما أيام ازدهارها، ورأيت المدينة في أجمل حللها، والرجال والأطفال والنساء والفتيات يرتدين أجمل الثياب وهم في هرج ومرج يرحبون بالإمبراطور يوليوس قيصر. يزمّرون في أبواق طويلة مزعجة مخيفة، ورجال كثر يرتدون الزّي الأبيض الموحد، ويضعون على رؤوسهم قلنسوات مزركشة تشبه قنسوات المهرجين، وآخرين يرتدون البذلات العصرية السود، ويتكلمون فيما بينهم في شيء يشبه علب السردين. وأجواق بعضها قريب من بعض، وكلها تلعب بخلاف ما يلعب به الآخرون، وقد غابت فرق النسوة وحضرت فرق الصغار.

ورأيت أناسا تجلس فوق كراس عالية وتتهيأ لتصوير وصول الإمبراطور. وبعد وصوله هجمت عليه الجماهير مادة إليه يدها، ورجال أقوياء يصدونهم وهو يصافحها كيفما اتفق، فقد تُصادف يدُه يدَ شابّ أو يدَ شابة فيسعد لأنها علامة سعد. وهتف الناس باسمه حاملين رايات صغيرة كما في أميريكا.. واغرورقت عيني بالدموع على هذا النظام البديع والتحضر الجليل.

وقفتُ ساعات وأنا أراقب هذا الشعب الذي يغمر إمبراطوره حبّا، فقلت في نفسي:

-  لمَ نحن في "حضر موت" ليس لنا إمبراطورا كالذي عند اليونان، أنحن شعب أقل شأنا.. وأمسكت بيد أحد المارة وقلت له:

-  هل أنت سعيد؟

ابتسم وقال لي:

-  من ليس سعيدا في هذه البلاد غير الحمقى والمجانين!

ولما رجعت إلى حضرموت، خرجت إلى الشارع فبدأت أصرخ:

-  نريد أن يكون لنا إمبراطورا كاليونان العظيمة!! نريد أن يكون لنا إمبراطورا كاليونان العظيمة..!!

تبعني خلق كثير وهم يهتفون:

-  نريد أن يكون لنا امبراطورا كاليونان...

وفي اليوم التالي، توصلت باستدعاء من قائد المقاطعة، فقابلته وأنا أرتجف، وقال لي:

-  أنت تجاوزت حدودك!!

 

د. معمر بختاوي

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم