صحيفة المثقف

قصة اكبر مزوري اللوحات في العالم

khadom shamhod2يعتبر الرسام الهولندي ميغيرين من اكبر مزوري اللوحات في العالم Henricus Meegeren 1889-1947 . بدأ حياته هاويا للرسم ثم اصبح رساما وبدأ يعرض اعماله للجمهور ولكنه لم يوفق في فنه ولم يلاقي اي ترحيبا من الجمهور ونقاد الفن . ولهذا قرر ان يثبت لهؤلاء ذكاءه ونبوغة في طريقة اخرى . حيث اصبح تاجر للفن واخذ يعمل على تزوير لوحات عظماء اهل الفن ويوهم الآخرين بانها اصلية . وكان ميغيرين قد بدا بدراسة المواد التي يستخدمها الرسامون في القرون السابقة من طريقة تراكيباتها الكيمائية وطريقة خلط الالوان واستخدام النار في تجفيف الالوان الزيتية وكذلك اظهار الشقوق واستخدام فرشاة لها شعر ذلك الوقت ومادة القماش الاصلي الذي يعود الى 300 سنة والخشب وغيرها من طرق رسم ذلك الزمان ..

في نفس الوقت كان هتلر واحد مساعديه الجنرال هرمان غورين Hermann Gorin 1893-1945 - من اكبر مقتني وجامعي اللوحات العالمية، كما يذكر ان هتلر كان قد مارس الرسم، واتذكر اني قد شاهدت له على الاقل لوحتين في متحف طهران . وبعد احتلال المانية النازية لهولندا، كان الجنرال غورين يبحث عن اعمال الرسام الهولندي Johannes Vermeer 1675- 1632 .(والحديث عن بيرمير العظيم يحتاج الى مقامة خاصة) وبيرمير مات مبكرا ولم يترك من الاعمال المنسوبة له سوى 33 او 35 لوحة ويعتبر من عظماء فن العصر الذهبي النورياندس .

وفن الباروك .. الجنرال غورين عثر على على احد مساعدي تاجر اللوحات ميغيرين المذكور سابقا وطلب منه شراء عدد من اعمال بيرمير، ولكن مساعد التاجر اظهر له صعوبة ذلك وغلائها كونها نادرة . ويذكر ان الجنرال قدم له 200 لوحة اصلية لعظماء عصر النهضة مقابل لوحة واحدة لبيرمير، وكان سعر هذه اللوحات في ذلك الوقت 11 مليون دولارا، بالتالي تبادل الاثنان الاعمال وانتهت الصفقة .. واللوحة التي بيعت تمثل – السيد المسيح مع عدد من الاشخاص –

وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وانتصار الحلفاء وتقاسم الغنائم . عثر الحلفاء على آلاف اللوحات الاصلية والتي تعود الى عظماء الفن الاوربي مخفية في انفاق، منها مجاميع ومقتنيات الجنرال غورين . وقد وجدوا فيها لوحة – السيد المسيح .. للرسام بيرمير Vermeer وبعد التحقيق عرفوا بائع اللوحة وهو التاجر الرسام ميغيرين .. استدعي ميغيرين الى المحكمة في تاريخ 29/5/ 1945بتهمة بيع اعمال بيرمير الى الالمان والتي تعتبر تراث للامة الهولندية وبتهمة اخرى هي التعاون مع النازية؟. ولكن ميغرين ادرك الامر في نفس اللحظة وقال للمحكمة يا سادة ان هذه الاعمال مزورة ومقلدة وليس اصلية وانا كنت الرسام المزور؟ وانا مستعد اقوم بتجربة الاستنساخ والتزوير امامكم، فسمحوا له وقام بعمل ذلك ؟؟؟ فاندهش الجميع وصدرالحكم بالسجن لمدة سنة واحدة . ويذكر انه قال بعد اصدار الحكم (الآن عرفت ان هناك اثم في العالم) . ولكن سوء حض ميغيرين قد اوقعه هذه المرة ولم يستطيع الافلات منه، فقد مات بعد اسبوع من اصدار الحكم بسكتة قلبية في 30/12/1947 ..؟؟

هذه القصة احدثت رجة وقلق كبير في صفوف مقتني وتجار اللوحات، وهي ان تكون بعض لوحاتهم التي اشتروها بالملايين الدولارات مزورة وغير اصلية .. وكان من الصعب كشف اللوحات المزوره في ذلك الوقت خاصة ان المزورين كانوا من الحذاقة والذكاء يقلدون الاصلية بكل موادها ومفاصلها القديمة . ومن جهة اخرى لازالت الاجهزة العلمية يومذاك غير قادرة على كشف المزيف .. وبقى الخبراء والنقاد في حيرة وتسائل طيلة القرن العشرين حتى عام 1977 حيث كان التاجر والرسام ميغيرين Meegeren محل نقاش وجدل واعتبروه عبقرية في التزوير والتقليد لا مثيل لها في التاريخ ..

الاصلي والمزور:

هل ان التزوير لازال قائما في اللوحات الفنية؟ وماهو الاختلاف بين الاصلية والمزورة؟ يجيب عليه بعض النقاد بنعم وان تقنيات المزورين في تسابق مع اجهزة الكشف؟ حيث ذكر البعض انه يوجد هناك نسخة مزورة للوحة موناليزا. وان اللوحة المعلق في اللوفر لا يعرف هل هي الاصلية ام المزورة؟ وان الزوار عندما يشاهدونها تصعد مشاعرهم بالاعجاب والاثارة والاندهاش وربما يأتون من بلدان اخرى لرؤيتها، ولكن لو همس احد في اذن احد المشاهدين وقال له انها مستنسخة وليس الاصلية ؟؟ ماذا يحدث ؟ بالتأكيد ستهبط مشاعر الاعجاب الى الصفر وينصرف عنها؟؟ ولنقل بشكل آخر لو ان احد الرسامين قلد احد لوحات فان كوخ بالتمام والكمال ووضع توقيع فان كوخ وربما خرجت افضل من الاصلية من ناحية حداثة الالوان والقماش وغيرها .. ثم قال للناس هذا فان كوخ ؟؟؟ فمن المؤكد ستتدافع الناس لرؤيتها مبدية اعجابها وسرورها وستشتغل كامرات التصوير والفيديوات حتى السماء ؟؟ ؟؟ اذن المسألة تتعلق في التاريخ وليس بالعمل ومفهوم اللوح يذهب الى القلب ليتعاطف او يرفض.. وبالتالي فان البعض يقول ان العمل الفني هو في ذهن الانسان وهي عبارة عن رسوم اكينوس مبرمجه حسب عدة عوامل او قيم تحددها وتصنفها وتحكم عليها . ...تحياتي

 

د. كاظم شمهود

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم