صحيفة المثقف

هنا القدس من الظهران.. الخيانة في ابشع صورها

القمم العربية لا تحصى ولا تعد، دورية وطارئة، ربما لامتصاص غضب الجماهير التي اخالها هي الاخرى قد اصيبت بفقدان الذاكرة، لم تعد العروبة ككيان جغرافي وثقافي تعني لها الكثير، من ضاقت به السبل يهاجر الى بلاد العجم حيث الدولة المدنية، كل دولة قطرية تتنافس فكريا واقتصاديا مع (شقيقاتها)، بل نرى بعض دولنا تفضل التعاون مع الدول غير العربية، بل نجد بعضها يقيم علاقات حميمة مع من كانوا يستعمرونها ويتفاخرون بذلك.

تسع وعشرون قمة دورية، تمخضت الاخيرة عن تسع وعشرين بندا، سبع منها للنزاع العربي الصهيوني ومركزية القضية الفلسطينية الاخذة مع مرور الزمن في التآكل والاضمحلال واستجداء كيان العدو بان يقبل بإقامة دولة للفلسطينيين ولوعلى جزء يسير من الارض وان استدعى الامر اقتطاع بعض من اراضي سيناء التي يعتبرها الصهاينة ارضا مقدسة حيث جبل طور، لان حكامنا الميامين لم يعودوا يحتملون التخفي في اقامة العلاقات المختلفة مع كيان العدو، فصبرهم قد نفذ وللصبر حدود، فالعرب والصهاينة ابناء عمومة بل اخوة، فالأديان السماوية والأعراف الاجتماعية لا تجيز استمرار الجفاء بين الاخوة، وتعتبره من الكبائر.

اربعة بنود لمؤازرة المملكة التي تحتضن مكة والمدينة وتقوم بحمايتهما والسهر على خدمة ضيوف الرحمن، لما تتعرض له من مؤامرات مجوسية وعلمانية، ومباركة التحولات الجذرية التي يحدثها الامير محمد بن سلمان على كافة الاصعدة، داخليا حيث السماح للنساء بقيادة السيارات وارتداء المقاهي ونزع البرقع والى غير رجعة، اما خارجيا فتمثل في الاسهام في تدوير عجلة الانتاج بأمريكا وغيرها، والعمل على تخفيض معدل البطالة بها من خلال مليارات الدولارات، لا يهم ان كانت صدقات ام ودائع بدون فوائد لأجل غير مسمّى.

عرّج المؤتمرون كعادتهم على بعض القضايا الساكنة التي اسهم بعضهم في خلقها اما لتوجسهم من قادة الدول المنكوبة خيفة، او لأجل السيطرة على سوق النفط والغاز، فدعوا الى اعادة الامن والأمان الى العراق والوقوف مع الاشقاء الليبيين بشان مكافحة الارهاب، رفض التدخل الاجنبي بالشؤون العربية، بينما نجدهم في الخفاء يقومون بتأجيج الصراع السياسي والاثني لتُشدّ اليهم الرحال والظهور امام الرأي العام بمظهر الغيور على الامة ومقدساتها .

لعل اهم ما خرجت به القمة وتناغما مع اعداء الامة الذين استبقوا انعقادها بالعدوان الثلاثي على سوريا هو ادانة النظام السوري لاستخدامه السلاح الكيماوي ضد شعبه، الذريعة التي لم تعد تنطلي على احد، فالذين يحاربهم النظام هم مرتزقة من كافة اصقاع الارض، محففي الشوارب ومطلقي اللحى المتسترين بالدين، ولو ان النظام استخدم الكيماوي ضد هؤلاء لانتهت الازمة في مهدها.

لقد اصبح العرب بفعل من يتولون اليوم زمام امورنا سواء اولئك الذين زرعهم الغرب بين ظهرانينا او اولئك الذين باعوا ضمائرهم بثمن بخس لمصالح شخصية تنم عن ضيق افق وارتهان لأعداء الامة، اضحوكة العصر بعد ان كانوا يسيطرون على المضايق الثلاثة الرئيسية المتحكمة في التجارة الدولية ووصلوا الى بلاد السند والهند وأدغال افريقيا والسيطرة كاملة على شبة جزيرة ايبيريا، حكامنا اليوم يستنزفون مقدراتنا ويدفعون بأبنائنا الى المهالك، الموت او الاعاقة الدائمة او رميهم خارج الوطن في الشتات ليلحقوا بإخوة لهم اجبروا على ذلك بفعل الاستعمار، وتلك لعمري اعظم انجازات قادتنا الذين ندعوا لهم (مؤمّنين مشائخنا الاجلاء) في كل وقت وحين بطول العمر، وان يهبهم الرب الذريّة التي تحكمنا من بعدهم، فهم ظل الله في الارض.

 

ميلاد عمر المزوغي

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم