صحيفة المثقف

ما أشبه قصة "أكلة البطاطس"بقصة "المقاطعة" مع الفارق !!

حميد طولستفي خضم الجدل الشديد الذي تعيشه بلادنا حول المقاطعة التي انخرط فيها مسحوقو الشعب، وتعامل الحكومة معها، استحضرت ذاكرتي قصة " الطفل والبطاطس"التي كانت تدرس في المقررات المدرسة المغربية، والتي تحكي حكاية الأم التي رفض ابنها أكل البطاطس، فإعتمدت الحيلة حتى يأكل ابنها البطاطس بلا إكراه مادي أو معنوي، استلهاما لمبدأ "لا ضرّ ولا ضِرار "، الذي يتضمنه المثل الشعبي "الحيلة أحسن من العار"، بما يحمل من ثراء الثقافة الشعبية وقدرتها، بل وعبقريتها على الغوص في الذات البشرية والبحث في طياتها عن الطرق المثلى والناجعة لاستمالة الغير كما فعلت الأم التي جعلت طقلها يأكل البطاطيس وجميع أنواع الطبيخ المنزلي، بخلاف التعامل الحكومي غير الحكيم مع المقاطعة الشعبية، التي ما كان لها أن تنتشر ويكون لها كل ذاك الزخم في كامل البلاد، لو أن الحكومة عرفت المغزى من حكاية "أكلة البطاطس" وأحسنت تدبير أزمة المقاطعة، بدون قهر أو ظلم، في ظل الواقع السياسي الجديد الذي تعيشه البلاد، ويغرق المواطن في الإحساس بلافتقار لأبسط الحقوق والحريات الضّامنة للكرامة الإنسانية، لكن ضعف الحكومة وتردّدها في القضاء على الفساد وتحقيق المطالب الاقتصادية والاجتماعية الضامنة لكرامة المواطن، هو الذي جعلت "قصة المقاطعة الشعبية تأخذ منحاً مخالفا للنهاية السعيدة والمرضية التي عرفتها قصة "أكلة البطاطس"، التي قرر فيها الطفل أكل البطاطس عن طيب خاطر، بينما قرر المقاطعون الاستمرار في مقاطعتهم كرد على لامبالاة مسؤولي الشان العام أولا، وثانية على سب وشتم الوزراء، وثالثا ضد تهديد الحكومة، التي "صمتت دهرا ونطقت كفرا "، الذي حول القضية إلى معركة لليّ الأدرع التي يتحمل فيها وزراء بلا خبرة سياسية ولا ذربة تسيرية، كامل المسؤوليات، الأخلاقية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والدينية، الأمر الذي جعل قصة "المقاطعة" المتخيلة تأتي على هذا الشكل المضحك المبكي والذي هددت فيها الحكومة كل من زاغ عن الطريق والتحق بصفوف المقاطعة، آمرة المقاطعين بشرب الحليب، فكان جواب المداويخ : نحن لا نشرب الحليب، خليه "يروب".

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم