صحيفة المثقف

حتى في العلم يعبثون !!!

سردار محمد سعيدأيقنت أن الفساد كالأخطبوط له أذرع متعددة تمتد في اتجاهات شتى،لكن لم يَدر في خلدي أن أذرعه تطال العلم ومعاهده والعلماء .

كان العراق بلد علم وعلماء ولا أقصد في التاريخ القديم بل أقصد في الدولة العراقية الحديثة وبالتحديد في القرن السابق فقد بدأت نخبة من أبنائه إرساء أساس بناء علمي متين كان مشهودا ووفروا قاعدة نهضة مقبلة وشجعوا الأجيال اللاحقة أن تلتحق بركب العلم والمعرفة، ولسان حالهم يقول كما قال الشاعر:

ربّوا بنيكم علموهم هذّبوا فتياتكم فالعلم خير قوام

صدقوا مع انفسهم، فجاهدوا وتعبوا ودرسوا وبحثوا، ولم يعرفوامعنى الخيانة أبداً ولم يسلبوا حق غيرهم ولم يطلبوا أكثر من حقهم لذلك نرى أنهم حصلوا على الدرجات العلميّة بزمن طويل كما تقرره التصانيف المعتمدة ودوائر البحث والتقويم .

قبل مدة أرسلت لي إحدى الأخوات ساخرة من شخص نحيف صغير السن يحمل رتبة أركان عسكرية ولما حسبنا عمره مع تدرجه عرفنا أنه كان صبيّاً لا يبلغ العاشرة ودخل الكلية العسكرية فانتمى إلى جيش "محمد العاكول " ضحكنا وانتابتنا موجة حزن على جيش عظيم مزّقه اللعين "بريمر" .

ومع ذلك جرعنا ما فُرض علينا قسراً .

لكن المأساة الكبيرة أن يشترك من يدّعي المواطنة والعراقية والتديّن في تهديم المنظومة التربوية العلمية فهذا ما يحز في النفس .

الذي دعاني لكتابة هذا النص أني وجدت شخصاً يحمل شهادة الدكتوراه يتصدر اسمه درجة علمية كبيرة هي – أ . د – وهذا يعني أنه أستاذ دكتور ولاأعلم كيف حصل على لقب الأستاذية وهو كان قبل أقل من عشرسنوات طالب دكتوراه ويبدو أنه حسب المدة المدة اللازمة منذ أن كان عضواً عاملاً في حزب البعث وأضاف لها مدة (تشقلبة) إلى حزب الدعوة

فتجاوز العمر اللازم .

سابقاً والناس تعلم وتدري أن قبلك مرّ علينا كبار والقائمة تطول لم نسمع منهم هذا اللقب على أنهم قضوا أعمارهم في العلم والدرس والتحصيل فهل نسيت من هو المكتبة في رجل والرجل في مكتبة وصاحب المقولة الشهيرة قل ولا تقل العلامة مصطفى جواد وهل نسيت عالم الآثار ومترجم ملحمة هو الذي رأى هل نسيت عالم الإجتماع علي الوردي أم التربوي نوري جعفر أم عبد الجبار عبد الله عالم الفيزياء الذي نُسجت حوله حكايات لعلاقته بآينشتاين أم صفاء خلوصي صاحب نظرية (نعم – لا) في العروض وكثر وكثر مثل "ريمون " في الرياضيات والدكتور فهد في الكيمياء وفي الفيوياء يعقوب عزيز يعقوب وجعفر ضياء جعفر وخضرعبد العباس وعباس محمد الحسون .

كل هؤلاء لم نسمعهم يفتخرون بألقابهم العلمية يوماً

فعلاً

السنابل الفارغة تتشامخ ومليئة الحَب محنيّة الرؤوس .

 

سردار محمد سعيد

 

 

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم