صحيفة المثقف

الزقورة

عقيل العبودفي ليلة من ليال برد شتائي قارس، مدينتي بلا حقيبة راحت تجرجر اذيال خيبتها، الشجرة الواقفة، نعش أمومتها، راح يعانق الأشياء، القشعريرة من شحوبها تساقط ضوء النهار، الليل قرر ان يستقر عند ماقي غيمة خائفة، لذلك تازرا، القلب اجنحته قررت ان تخفق بلا توقف؛

المرأة التي ثوب عفتها لم ينحن، افترشت أغصان محبتها، اما الحمائم فقد قررت ان تطوف بأحزان غربتها صوب مأذنة غادرها المؤذن قبل ان يستعد المصلّون لتأدية صلاة الفجر.

الطائر الذي اصيب احدى سيقانه بالعرج، راح يلتقط حبة قمح استقرت على مقربة من انفاس جائع أتعبته الطرقات، النهار بقي واقفا يتلفت عند حافة رصيف بلا خبز.

هنالك قريبا من النخلة التي تساقطت سعيفات رطبها، الفقر بلا صولجان، راح يتطلع الى اطراف غيمة هوت سماؤها، الظلام استفاق من نومته ليستقبل زغاريد أرملة عاد ولدها الوحيد من الأسر، بينما أور، زقورتها بوجع راحت تنصت الى استغاثات رصاصة استقرت بين تفاصيل جسد طائش.  

المحلة التي اتشحت بالسواد، مرة اخرى أزقتها امتلأت بالصراخ، استيقظ الموتى، الأكفان نهضت من وهنها.

الدموع تلك التي تركها المشيعون عند قبور موتاهم، تعانقت انفاسها مع سورة ياسين، نهر الفرات، سورة الفاتحة راح يتلوها، من نزيف تلك الصحراء، القـفر، عطر كبريائه تحول الى ارض خضراء، الأوجاع ، أنهارها عادت، الغيوم أثواب عفتها تماسكت، بينما المطر سفوح محبته، قرر ان ينحتها فوق تابوت كان يبحث عن مقبرة، الحزن والفرح اتجها معا صوب محطة واحدة، القمر تسارعت خطاه.

يومئذ العالم كله راح يحتفي، الأغاني القديمة مع شموع بريقها تعانقت، قيثارة سومر من نومتها نهضت، حطمت كوابيس صمتها، استعادت قيراطها المفقود.

الزقورة ذلك اللحن الأثري، خجلا أشاحت بوجهها لعلها تلك الملامح عاد اليها تاج أنوثتها الوقور.

  ***

عقيل العبود/ ساندياكو

في المثقف اليوم

في نصوص اليوم